السماء في قابس ليست عادية بالمرّة وواحة شنني «عذراء» القرون القادمة تكدّس عراجينها الذهبية. في ملتقى «أريج الشعر» بواحة شنني كان الناس بسطاء مثل أوراق النعناع، مقبلين على الشعر كما يقبل احدهم على نبع ماء بعد سفر طويل. لم أصدّق في البداية ان عدد المحبين للشعر في «منتزه أمل» بشنني يفوق مرات كثيرة أكبر السهرات والأمسيات الشعرية التي تقام عادة في أكبر الفضاءات الثقافية في تونس. هناك في شنني تلك القطعة المأخوذة من الجنّة ، جاء العشرات نساء وأطفالا وشيوخا وأساتذة ومعلّمين وطلبة وتلامذة ومحامين وعلماء وأطباء.. إنها الدورة السابعة كما قال الاستاذ الشاعر صابر بالعالية مدير دار الثقافة بشنني... وهذا الإصرار العجيب يحسب للجنة الثقافية المحلية بشنني ولجمعية احباء المكتبة والكتاب ولدار الثقافة بشنني في زمن العولمة وقتل كل ما هو خصوصي. مساء الخامس عشر من ماي، في الخامسة تحديدا افتتح الملتقى وسط جموع حاشدة. كانت الحيوية تملأ كل حركات الصحافي ومنشط الملتقى الأستاذ شريف الفرجاني، الذي كان ملمّا بكل كبيرة وصغيرة مثقفا حقيقيا ملتزما بخدمة الثقافة الأصيلة البعيدة عن التهويل والإطناب والبهرجة والضجيج. كانت فرقة الموسيقى التابعة للمعهد العالي للفنون والحرف بقابس حاضرة من خلال طلبتها وأساتذتها في أغنيات أصيلة لوديع الصافي وعبد الحليم حافظ. ثم كان دور الشاعرة المغربية المقيمة في تونس مليكة عبد النبي التي قرأت من مجموعتين منشورتين ومن آخر نصوصها في كتابة مليئة بالشجن والبوح.. ثم قرأ الشاعر عبد الفتاح بن حمودة قصائد من آخر انتاجاته.. ثم قرأ شعراء شنني في جلسة مفتوحة مليئة بالحبّ. صباح السادس عشر من ماي كان اللقاء مع الشباب المشارك في مسابقة الأدباء الشبان بربوع قابس، حيث تداول على المصدح طلبة وتلامذة من مختلف المدارس والمعاهد والكليات. أما المفاجأة الجميلة لأبناء شنني فكانت حضور السيد المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث الأستاذ الهادي العامري حيث حضر فعاليات اليوم الثاني حتى النهاية وقدّم دعمه المعنوي والمادي للفائزين في الملتقى.. والفائزون كانوا حقّا مستبشرين بنزاهة لجنة التحكيم التي قرأ بيانها الختامي الشاعر عبد الفتاح بن حمودة. في ملتقى «أريج الشعر» في دورته السابعة نال الجائزة الأولى الطالب: أيمن دغسني قسم اللغة الألمانية فقد كانت قصيدته الجميلة «وردة الصحراء» مفتوحة على الرمز بالغة لذرى درامية عالية. ونال الجائزة الثانية الشاعر نبيل بن حسين القادم من مطماطة بقصيدة طوّرت مفهوم الرحلة وجعلتها معاصرة بأسلوب سلس فيه عمق وبساطة وخفّة مدهشة. أما الجائزة الثالثة فقد نالتها التلميذة «مروى عليّة» من المعهد الثانوي بغنّوش، بقصيدة عاطفية أنيقة في العبارة على بحر المتقارب فتحت بها الهمّ الذاتي على الشعري المدهش. واختتم اللقاء بتوزيع الشهائد التقديرية والجوائز على الفائزين من قبل الاخوة محمد كرايمي رئيس اللجنة الثقافية المحلية والمربي الفاضل الطيب بن بلقاسم رئيس جمعية احباء المكتبة والكتاب والأستاذ الهادي العامري المندوب الجهوي للثقافة والمحافظة على التراث والأستاذ الشاعر صابر بالعالية مدير دار الثقافة وعالم الاجتماع محمد بن شريفة والشاعر عبد الفتاح بن حمودة. أكيد ان أهالي شنني في انتظار الدورة الثامنة بشوق كبير.