ِعتبر سياسيون وأكاديميون أن المرحلة الانتقالية لم ترس بعد نظاما مؤسساتيا. وانتقد بعضهم أسلوب التعامل مع التيار السلفي وذلك خلال ندوة حول موضوع: في سبيل مسار اجتماعي عام دون عنف أو إقصاء نظمتها أول أمس شبكة تونس للحقوق والحريات والكرامة. وكان من بين الحاضرين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي غادر الندوة بعد وقت قصير من وصوله. وتشخص الندوة المخاض العسير الذي تشهده مرحلة الانتقال وما كرسته من تجاذبات فكرية ومن مظاهر العنف والإقصاء. وفي هذا الإطار حدد الرئيس الشرفي للمعهد العربي لحقوق الإنسان ووزير التربية السابق الطيب البكوش في كلمته أشكال العنف التي كرستها المرحلة الانتقالية منذ الثورة وما يدفع الى هذه الممارسات. وأضاف البكوش إن العنف مازال متواصلا بعد الثورة بل وجدت هذه الظاهرة ظروفا ساعدت على استفحال هذه الظاهرة نسبيا. ومن أشكال العنف الأخرى حسب البكوش ما يسمّى بالعنف السلفي وقال في هذا السياق أنا لا أعتبره سلفا لان السلف يتبعه الصالح وهذا ينطبق عليه السلف الطالح بدل الصالح.
العنف السلفي
ووصف المتحدث العنف السلفي بأنه شكل من أشكال الإرهاب الفكري والمادي، كما دعا الى تجنب تهميش أو إقصاء أية فئة اجتماعية أو سياسية مهما كانت معتقداتها تجنبا للصدام. ومن جهته أكد الناطق الرسمي باسم حركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد أن المرحلة الانتقالية لم ترس بعد نظاما سياسيا مؤسساتيا لأن هناك قوى لا تؤمن بالاختلاف وتعمد الى الإكراه وإقصاء الآخر وإلغائه وفي اعتقادها أنها هي التي تمتلك الحقيقة المطلقة، وفق تعبيره. ودعا بلعيد الى تنظيم المجتمع ضمن منظومة قانونية، يعاقب كل من يخرج عنها، لأنه توجد في تونس اليوم قوى سياسية واجتماعية تصنف ضمن الوجه الآخر للديكتاتورية السابقة. وذكر الجامعي فتحي التريكي بأن ما عاشته البشرية خلال القرن الماضي هي الفترة الأشدّ دموية لاقترانها بالحروب والإرهاب والعنف، كما اقترنت هذه الرؤية الكارثية بكثرة المذاهب والمواقف.
غياب منهج واضح
ومن جانبه أشار عبد الجليل الظاهري رئيس الشبكة التونسية للحقوق والحريات والكرامة الى أن عملية الانتقال الديمقراطي أصبحت مهددة بفعل هذه الشحنة من التجاذبات السياسية والفكرية والإيديولوجية التي سببها غياب منهج واضح لمرحلة الانتقال منذ البداية. وأوضح أنه تمت إضاعة الكثير من الوقت في ما يسمى بهيئة عياض بن عاشور التي أدخلت البلاد في مهاترات علمية وأكاديمية زائدة، على حدّ تعبيره.