لتشخيص النقائص ومواطن الخلل التي تشوب المنظومة الحالية لحماية حقوق المؤلف في المستويين التشريعي والمؤسساتي وطرق التصرف والتسيير وبحضور ممثلين عن النقابات والجمعيات العاملة في قطاعات الكتاب والموسيقى والمسرح والسينما والفنون التشكيلية والتصوير الشمسي الفني وعدد من الشعراء والملحنين والفنانين المؤلفين وأصحاب الحقوق المجاورة وممثلين عن المؤسسات الاذاعية والتلفزية وخبراء في ميدان حقوق المؤلف والحقوق المجاورة افتتح وزير الثقافة السيد مهدي المبروك صباح امس الثلاثاء بالمركز الثقافي الدولي بالحمامات اليوم الدراسي حول تطوير منظومة حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في تونس والذي تنظمه وزارة الثقافة بالاشتراك مع المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين. وقد اكد الوزير في كلمته على ان حقوق الملكية الادبية والفنية وحدها التى تضمن كرامة المبدع وحقه في الانتفاع بثمرة انتاجه الادبي والفني والفكري عموما وفي حماية مصالحه المعنوية والمالية الناشئة عن عمله الابداعي وقال : « وقد كرست المواثيق الدولية المصادق عليها من قبل تونس هذا الحق ومن بينها على وجه الخصوص، الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 كذلك اتفاقية «بارن» لحماية المصنفات الادبية والفنية لسنة 1886 والتي صادقت عليها تونس في 5 ديسمبر 1887 واتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة الملحقة باتفاقية المنشئة للمنظمة العالمية للتجارة اضافة الى الاتفاقية العالمية لحق المؤلف او اتفاقية اليونسكو لسنة 1952 والاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف لسنة 1981 وغير ذلك من التشريعات الدولية والوطنية التي عرفت بالحقوق والمصنفات المشمولة بالحماية ونطاقها وأوجه التصرف فيها».
أبعاد اقتصادية وتحفيز على الابتكار
وتطرق الوزير في كلمته الى الابعاد الاقتصادية والاجتماعية التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار في رسم السياسات والبرامج التنموية نظرا لدور حماية حقوق الملكية في التحفيز على الابتكار والبحث والتجديد في مختلف الميادين الفنية والثقافية والعلمية والتقنية بما يمكن من ارساء مقومات صناعة ثقافية حقيقية ومن الاستفادة مما يتيحه الاقتصاد الابداعي. ولا حظ الوزير ان اداء هذا القطاع في تونس غير مواكب لتطلعات المبدعين والخبراء والمهتمين بالشأن الثقافي قد سبب تنامي ظاهرة قرصنة المصنفات الفنية والأدبية واستغلالها بطرق غير مشروعة وكذلك عدم دفع المؤسسات والهياكل المستغلة لمستحقات مؤلفيها وعدم تطبيق القانون. وفي تصريح «للصباح» عن سبب عقد هذا اليوم الدراسي وضح السيد مهدي المبروك ان ما ينتهي الى الوزارة يوميا من حالات اجتماعية لا تليق بالمبدع ومحدودية الموارد المتاحة للعناية بالوضع الاجتماعي للفنانين يجعلنا نقف على ضرورة البحث عن مقاربة اخرى لضمان كرامة المبدع وحقوقه وقال : « نحن اذ نراهن على هذه الندوة فإننا نعقد عليها آمالا عريضة ونرجو لأعمالها ان تنتهي الى مقترحات عملية تتشكل على اثرها لجان تتابع ما ستتمخض عليه من توصيات. «وعن امكانية تنزيل القوانين المتطورة والتشريعات الدولية والوطنية ارض الواقع وتطبيقها قال الوزير : « المهمة ليست باليسيرة وتتطلب ارساء ثقافة جديدة تقوم على احترام حق المبدع كما تقتضي تضافر جهود كل الوزارات والشركات الاقتصادية والمؤسسات الاعلامية والجمعيات والمنظمات الممثلة للمؤلفين وكل الهياكل والأطراف المعنية بتطور حركة الانتاج الثقافي».
تجاوز حق المؤلف لمرحلة الافكار
هذا اليوم الدراسي الذي اريد له ان يشكل مناسبة هامة لإرساء مقاربة تشاركية تجمع اصحاب الحقوق وخبراء القانون وممثلين عن مختلف المؤسسات والهياكل والجمعيات المعنية لتشخيص كل النقائص والاخلالات التي تشوب المنظومة في بلادنا من حيث التشريعات المنظمة لها ومن حيث الاطار المؤسسي للتصرف في هذه الحقوق ولتقديم التصورات والمقترحات الكفيلة بتطوير هذه المنظومة وإدماجها في صميم السياسات والبرامج التنموية الوطنية في القطاع الثقافي اشتمل على ورشة عمل حول حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في القانون التونسي والقوانين المقارنة. وتضمن عددا من المداخلات أولاها للسيد محمد المسعي القاضي والباحث بمركز الدراسات القانونية والقضائية عن « المبادئ الأساسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة « وقد عرف بحقوق المؤلف وأنواعها وبما يتصل بحمايتها وتطبيقاتها والمستفيد منها من الحقوق المجاورة. وهي الحقوق المخولة لغير المؤلفين وتمنح الى فناني الآداء والمنتجين في القطاع السمعي والبصري والهيئات الاذاعية والبصرية وهي حقوق صناعية تخول نوعا من الاستثمار وفنانو الأداء هم ممثلون مغنون اما عارض الازياء ففي فقه القانون ليس فنانا وقال : «لا بد ان يتجاوز حق المؤلف مرحلة الافكار والأساليب والمفاهيم ليتم تجسيده ولا بد من التمييز بين المادي والفكري».
مرصد لرصد التجاوزات
المداخلة الثانية كانت للأستاذ المحامي احمد بن حسانة عن انقاذ التشريعات المتعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وتناول فيها الجوانب العملية لتطبيق الحقوق التي تحدث عنها سلفه وأشار الى دور الوزارة والمؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين في معاينة المخالفات والى ضرورة احداث مرصد لرصد التجاوزات وقال انه اذا كان من مفاخر تونس انها من اول 10 دول امضت اتفاقية 1886 فإنها من بين العشر دول الاكثر انتهاكا لحقوق الملكية واكد على وجود قوانين صارمة تحمي المؤلف اذا رغب في التقاضي من اجل الحصول على حقوقه اذ يوجد قضاء مدني وجزائي وبقضاء استعجالي وآخر اصلي حسب تنقيح قانون 2009 للإسراع في توقيف الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية حال وقوعها حيث يحصل الفنان بموجب اذن على عريضة لاصدار امر قضائي ولائي يوقف التعدي على مصنفه وفي نصف شهر ولتمكين الطرف الآخر من الدفاع عن نفسه واثبات حقه على الفنان ان يرفع قضية امام المحكمة المختصة الاصلية وهي التي تصدر قرارا باتا في عملية القرصنة او الاستنساخ او الترجمة غير المرخص فيها. ووضح المحامي بن حسانة للصباح ان سبب الالتجاء للقضاء الاصلي هو يعود الى ان دعوى التعويض المدني لا تكون إلا لدى القضاء الاصلي وتتراوح العقوبات بين السجن والخطية.