- نص برنامج الحكومة المعروض على المجلس التأسيسي صراحة على ضرورة تطهير القضاء من الفاسدين في إشارة واضحة إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد خطوات باتجاه فتح ملف القضاء. وإن كان تطهير القضاء من المطالب المرفوعة داخل العائلة القضائية وخارجها إلا أن منهج التطهير والجهة المخول لها الشروع فعليا في مباشرة العملية تظل غير واضحة كما تطرح خلافات وتجاذبات كبيرة. هذا الموضوع إلى جانب المساءلة والمحاسبة في المطلق المطلوبة داخل مختلف الهياكل والقطاعات وعلى المستوى السياسي والتي تواجه اليوم جملة من العراقيل ورغبة في القفز عليها محور الحديث الذي أدلى به ل»الصباح» عبد الجليل بوراوي العميد السابق للمحامين قائلا: إن الاصلاح لا يمر عبر قناة وحيدة بل يجب أن يكون شاملا لكامل المنظومة . ولا يجب أن نغفل ضمن التوجه الإصلاحي أن البلاد تتوق للخروج من نظام عيوبه ومظاهر الفساد فيه متعددة طالت الجهاز الأمنى وكرست هيمنة الحزب الواحد,,, وركعت القضاء الذي كان أداة للنظام السابق لتركيز استبداده على المجتمع التونسي خلال العقدين الأخيرين إذا لم يكن منذ 40 أو 50 سنة. لجان للمساءلة ويضيف محدثنا أن القضاء شأنه شأن العديد من الميادين الأخرى يفتقر حاليا إلى ثقة جميع الهياكل والمجتمع فيه. نتيجة ممارسات امتدت عدة عقود و»أيضا نتيجة ممارسات حالية، فرواسب العهود السابقة قد يصعب على عديد من المسؤولين تجاوزها مهما كانت مواقعهم، وسواء كانوا فاعلين أصليين أو من ضحايا الاستبداد السابق فنحن نرى اليوم من كانوا من ضحايا الاستبداد يتوخون الطرق ذاتها و يمارسونها لما ارتقوا إلى مواقع المسؤولية. وحول من المخول له اليوم الشروع في فتح ملف القضاء ومباشرة عملية الاصلاح والتطهير، يعتبر العميد عبد الجليل بوراوي أن المسؤولية مشتركة وأن وزارة العدل من موقعها في ظل تواصل تمتعها بصلاحيات قانونية كبيرة،قادرة على الشروع في عملية الإصلاح التي لا يجب أن تقتصر على القضاة بل تطال جميع مكونات منظومة العدالة من محامين وعدول تنفيذ وعدول اشهاد... وبالامكان أيضا بعث لجنة وطنية لاصلاح القضاء ولجان فرعية لها، تختص كل لجنة بقطاع «لمساءلة كل من أخطأ سابقا واستبعاد كل من ثبتت مسؤوليته أو تورطه في أمورلا قانونية ولا أخلاقيةب. القفز على المحاسبة وتعليقا على وجود مساع من البعض للقفز على مسألة المحاسبة في قطاع القضاء وفي غيره من القطاعات الأخرى المعنية بالتطهير، يقول العميد عبد الجليل بوراوي إنه عبر التاريخ شهد مسار البلاد دائما أخطاء جراء التخلف بمرحلة عن مسألة المحاسبة والتقييم .فلم يحدث ذلك بعد تجربة التعاضد ولا بعد مؤتمر 71 ولا عندما أصبح بورقيبة رئيسا مدى الحياة ولا بعد التجربة الفاشلة لانتخابات 81 ولا بعد انقلاب بن عليوالآن وكأننا بصدد التفريط في مرحلة أخرى من المحاسبة إن حدث ذلك فستكون العواقب وخيمة. وشدد محدثنا على أنه من الضروري أن نكشف على ماهو إيجابي وماهو سلبي دون توقع أن يشنق بالضرورة من أخطأ أو يوضع في السجن..فهناك أخطاء تتعلق بالدم والمال يتعهد بها القضاء وهناك أخطاء سياسية لا بد من التركيزعليها والافصاح عنها والاعتراف بها للمرور إلى الاستحقاقات والمراحل الموالية . لكن ليس بالإمكان المرور دون محاسبة فذاكرة الشعب من حقها أن تعرف الحقيقة ليعرف الناس إلى أين يسيرون ومن سيختارون مستقبلا. المساءلة السياسية. ويضيف العميد عبد الجليل بوراوي أن الإشكال المطروح في علاقة بعملية المساءلة يتمثل في وجود نرجسية ذاتية متغلغلة في جميع الأطراف المعنية بالمحاسبة.. ولأنه من غير المعقول والمقبول أن تتم العدالة الانتقالية دون المساءلة والمحاسبة،يشير محدثنا إلى وجود مسائل ليس فيها امكانية للتنازل كالقتل والتعذيب وسرقة أموال الشعب التي يتعهد بها القضاء . وبشأن بالمساءلة السياسية يتساءل العميد ما ضرّ أن يقول الانسان أننا في وقت من الاوقات أخطأنا سواء مع بورقيبة أو بن علي. ويعتبر العميد عبد الجليل بوراوي أن الشعب عندما يعرف الحقيقة سيكون لا محالة مستعدا للصفح وقد برهن عن ذلك في عديد المناسبات والكثير ممن أخطأوا في حق هذا الشعب يعيشون اليوم في طمأنينة لذلك لا مبرر للخوف من إنارة بعض الفترات التي ظلت غامضة ... منى اليحياوي