مازال ارتفاع الأسعار يمثل اكبر مشكل للمواطن التونسي مهددا مقدرته الشرائية وهو تهديد لم يعد مقتصرا على فئة معينة من المجتمع بل أصبح مشكلا يهم أغلب الشرائح الاجتماعية مما يستوجب التدخل السريع للحكومة لوقف هذا النزيف ووضع حد للاحتكار الذي يقف وراءه. فالحديث عن أزمة غلاء المعيشة التي تمر بها البلاد منذ عدة أشهر يجرنا للسؤال عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة وعن الحلول اللازمة لتجاوزها في اقرب وقت ممكن.
صيحة فزع
كانت البداية مع السيدة (فوزية) التي أطلقت صيحة فزع أمام الارتفاع المشط للأسعار وأشارت أن المواطن التونسي لم يعد يستطيع مواجهته فقد كان يتذمر من مواجهة نفقات المعيشة من صحة وتعليم ونقل...فزاد مشكل ارتفاع الأسعار الطين بلة. السيدة (رفيقة) تدخلت مستغيثة «أين أعوان مراقبة الأسعار ؟ لماذا هذا الصمت من الحكومة ؟ « وأضافت قائلة «أنا لا أعمل ودخل زوجي الشهري متوسط لا يستطيع أن يغطي حاجيات عائلة تتكون من 3 أطفال يدرسون بل أنني اضطر في العديد من المرات للاستغناء عن وجبة لتوفير أخرى فهل يعقل أن يحصل هذا بعد ثورة قامت من اجل مطالب اجتماعية بعد أن قاسى الشعب ضنك العيش؟ من جهة أخرى أشارت السيدة (نجوى) أن أعوان المراقبة لا يقومون بدورهم كما يجب فهناك تجار يرشون بعض أعوان المراقبة حتى لا يتخذوا ضدهم الإجراءات اللازمة لردعهم عن هذه التجاوزات. وهو ما أكده تاجر من نفس السوق مشيرا انه مستعد للمجازفة وتقديم تسجيل فيديو يؤكد مثل هذه الممارسات التي لا يتورع عن القيام بها بعض التجار.
مقاطعة
السيد (عبد القادر زنازن) أفاد من جهته انه نتيجة ارتفاع أسعار اللّحوم الحمراء في المدة الأخيرة والذي بلغ 17 و18 دينارا للكغ قام بمقاطعتها مدة أسبوع وهذا ما يجب أن يفعله كل مواطن. وأضاف أن دور أعوان المراقبة يتمثل أساسا في المراقبة المستمرة لهؤلاء التجار حتى وان تعرضوا للعنف في المرة الأولى والثانية. الاحتكار هو السبب في ارتفاع الأسعار أكدت السيدة كلثوم ضيف الله أن المحتكرين هم وراء غلاء الأسعار فالأحداث التي شهدتها البلاد فتحت أمامهم الباب على مصراعيه أمام مختلف أنواع التلاعب لكن دور الحكومة السلبي زاد الطين بلة، فهناك دولة قائمة الذات عليها أن تراقب وتحد من هذه الظاهرة المتزايدة. وأضافت أنها جالت في أكثر من سوق للخضروات لكي تعثر على أثمان تناسب دخلها المتواضع لكن الأسعار كانت ملتهبة في كل مكان وغياب الرقابة جعل التجار يتصرفون كما بدا لهم. السيد (محمد .ح) في حديثه عن أسعار الغلال قال:» أنا لا أجرؤ على الاقتراب من الغلال» إذ أتقاضى راتبا شهريا لا يتجاوز 200 دينار فليس بإمكاني تلبية حاجياتي من المواد الأساسية» بل إنني أمعن النظر في أسعار السلع المعروضة باحثا عن اقلها ثمنا ، وغالبا ما أغادر السوق وسلتي لا تحوي سوى القليل من الخضر هكذا عبر العديد من المواطنين عن غضبهم من عدم قدرتهم على ملء قفة كانوا قد تعودوا على ملئها بمختلف أنواع الخضر والغلال و رجحوا أن سبب الارتفاع المشط للأسعار يعود إلى غياب الأجهزة الرقابية من ناحية والى عدم مراعاة المقدرة الشرائية المتدهورة أصلا.
عشرون دينارا لا تكفي لملء القفة
مواطنة تونسية لم ترد الكشف عن اسمها أبدت استغرابها من ارتفاع الأسعار المتواصل دون رادع قائلة أن» الدنيا غالية»... عشرون دينارا لا تكفي لمل قفة المواطن وقد أرجعت أسباب الانفلات الحاصل في أسعار الخضر والغلال واللحوم إلى انعدام الرقابة، وتزايد ظاهرة الاحتكار، وعدم تقيد التجار بهامش الربح القانوني، ودعت الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها من اجل المحافظة على المقدرة الشرائية للمواطنين وخاصة محدودي الدخل، كما طلبت من أعضاء الحكومة زيارة الأسواق للإطلاع على معاناة المواطنين من لهيب الأسعار .وطالبت بضرورة تكثيف المراقبة حتى يمكن التحكم في الأسعار التي أضرت بالمقدرة الشرائية للمواطن.
قفة «القلًيل»
من ناحيتها قالت سيدة أنها بصدد البحث عن أسعار تناسبها مشيرة أنها تتنقل من سوق إلى أخرى هربا من الارتفاع المبالغ فيه للأسعار ومن استغلال بعض التجار وأضافت قائلة:» أنفقت 40 دينارا دون أن أتمكن من شراء كل ما احتاجه...فاللحوم الحمراء مثلا لا يقل ثمنها عن 18 دينارا « واعتبرت أن ضعاف الحال لم يعد بإمكانهم توفير ابسط مستلزماتهم مبرزة ان الاحتكار وغياب الرقابة هما من الأسباب المباشرة لغلاء المعيشة.
رأي تجار السوق
أفادت تاجرة بالسوق أن هامش الربح تقلص كثيرا نظرا لارتفاع الأسعار من المصدر أي من المنتج وكذلك على مستوى أسواق البيع بالجملة و الحل حسب رأيها يتمثل في إمكانية مقاطعة بعض الخضر والغلال واللحوم أو غيرها من المواد التي فاقت أسعارها الحدود المعقولة، وأشارت إلى أن لهفة المواطن وإقباله على الاستهلاك بشكل غير مدروس ساهم في بروز نوع من الاستغلال والاحتكار. كذلك قال (المستوري) أحد التجار: «أنا مضطر لشراء الخضر حتى وان ارتفع سعرها كي لا أتوقف عن العمل. وأشار أن أغلبية المواطنين يكتفون بالنظر إلى الأسعار دون أن يتجرؤوا على الشراء .واعتبر أن تواصل هذه الموجة يهدد أرزاق التجار ويدفعهم، مكرهين، إلى المحافظة على نفس الأسعار وتحمل الانخفاض الكبير في هامش الربح في انتظار عودة استقرار السوق.