زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد إلى جزيرة أبو موسى الأسبوع الماضي كانت استفزازية، سواء من حيث التوقيت أو الرسالة الموجهة، ليس للإمارات أو بلدان مجلس التعاون الخليجي فقط، بل لكل العالم العربي. لهذا كانت ردة الفعل بالحدة التي شهدناها أكثر من متوقعة، متمثلة في إعلان دول الخليج العربية دعمها المطلق للسيادة التامة لدولة الامارات العربية المتحدة على الجزر الثلاث المحتلة من قبل ايران، والتنديد بأقسى العبارات بمثل هذه الممارسات التي تعد خرقا فاضحا لسيادة الأراضي الاماراتية. فالرئيس نجاد وعلى خلاف كل القادة الإيرانيين الذين سبقوه بمن فيهم الشاه تعمد زيارة أبو موسى التي احتلتها بلاده منذ 1971 رغم إدراكه أن مثل هذه الزيارة تحمل طابعا استفزازيا من شأنه أن يصب المزيد من الزيت على نار الخلافات مع الجار الخليجي العربي، وهو بذلك يكون قد اقترف خطأ استراتيجيا ستكون له لا محالة تداعيات وخيمة خاصة في الظرف الحرج الذي تمر به ايران اليوم على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل. فطهران اليوم تمر بمرحلة عصيبة جدا فعزلتها الدولية تتفاقم يوما بعد يوم، ناهيك عن العقوبات الاقتصادية التي أثقلت كاهلها جراء تعنتها في المواجهة الدائرة بينها والمجتمع الدولي حيال برنامجها النووي، وهي بذلك لم تكن في حاجة إلى تصعيد العداء تجاه بلدان الخليج على وجه الخصوص والدول العربية بصورة عامة. ففي العرف الديبلوماسي وكذلك اعتمادا على المنطق والمصلحة، كان من المفروض في دولة تمر بوضع كالذي تمر به إيران، أن تسعى بما أوتيت من جهد إلى تقليل عدد الدول المعادية لها وخاصة المجاورة أو أقله التخفيف من حدة التوتر وليس العكس. ونعلم جيدا أن جميع البلدان الخليجية على رأسها المملكة العربية السعودية لا تكن ودا لإيران وترى في السياسة التي تنتهجها خطرا كبيرا يهدد أمن تلك البلدان واستقرارها، وخاصة في ظل سعي طهران لامتلاك أسلحة نووية اضافة إلى أطماعها التوسعية في المنطقة لإعادة احياء ما تسميه ب«الخليج الفارسي». ولعل هذا سيشكل أحد الأسباب الرئيسية التي قد تدفع دول الخليج إلى الوقوف في الخندق الأمريكي ضد ايران في صورة اتخاذ الولاياتالمتحدة وإسرائيل قرارا باعتماد الخيار العسكري لردع طموحاتها النووية. لقد كان حريا بالرئيس الايراني عدم الاقدام على هذه الخطوة الاستفزازية الاستباقية غير المدروسة في هذا الوقت بالذات، وأن ينتهج الطرق السلمية لحلحلة قضية الجزر الإماراتية الثلاث وأن يبعث برسائل طمأنة إلى الجار الخليجي في محاولة لكسب حياده ولو جزئيا، لا أن يغلق الحوار ويعمد إلى اتباع سياسة تذكّر بتلك التي انتهجتها ومازالت تنتهجها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والمؤكد أن ما ستخسره إيران بانتهاجها هذا السبيل سيكون أكبر وأخطر عليها مما كانت تخطط له وهو ما ستثبته الأيام القادمة لا محالة.