في بهو قصر السعادة بالمرسى المخصص للمعارض التشكيلية يعرض الرسام شوقي سليم خير الله أعمالا فنية تناولت العديد من المواضيع الهامة التي تحيل الزائرالى قيم الاعتزاز والإكبار لثورة 14جانفي. المعرض الجديد لشوقي خير الله يضم كذلك لوحات تنقل خصائص المدينة العتيقة، وكأنّ صاحب اللّوحات يريد التوثيق للحظات معينة من التاريخ وحياة مدينة تونس. أعمال متنوعة حملت عناوين مختلفة ك«الهجرة غير الشرعية» و«الثورات» و«سيدي بوسعيد» و«بيكاسو» و«المركاض» و«الحلفاوين».. ترجمت حسا مرهفا وشغفا كبيرا بنقل الواقع التونسي المعيش. يحاول شوقي خير الله كذلك أن ينفذ من خلال رسوماته الى حياة الجماهير جاعلا من أعماله الفنية المستمدة من الحياة اليومية وسيلته للاتصال. فعلى عكس ما تنقله أعمال الفن التجريدي الرائجة في معارضنا يلاحظ المتأمل في لوحات شوقي سليم خير الله أنها تحمل إشارات ذاتية للرسام من الوسط المعاش وهو لم يغفل عن إبداء رأيه إزاء الثورات العربية من خلال أعمال ذات تقنية بسيطة ولكنها عميقة من حيث الدلالات والايحاءات، حتى أنه أعرب ل«الصباح» أن بعض اللوحات لم يستطع عرضها قبل ثورة14جانفي لما اتسمت به من صدق وعفوية لنقل الواقع التونسي وخاصة الجانب السياسي. يرسم الرسام شوقي خير الله بعفوية كل ما يستوقف بصره. يرسم الأزقة والأبواب والساحات بالمدينة العتيقة بأسلوب نابع من حنين يسكن أعماقه، لعل ذلك يرجع الى ترعرعه ونشأته في نهج المركاض بباب الجديد وميوله-كما صرح لنا- منذ الصغر الى تصوير المعالم الأثرية والأنهج القديمة في كل أنحاء البلاد التونسية لأنها حسب اعتقاده جزء لا يتجزأ من هويتنا وحضارتنا. من جهة أخرى تبادلنا أطراف الحديث مع الرسام شوقي سليم وسألناه عن تكوينه في مجال الفنون الجميلة وعن الفنانين التونسيين الذين تأثر بهم فكان أن بين لنا أنه ليس من خريجي معهد الفنون الجميلة كما يعتقد البعض بل من كلية الحقوق لأنه لم يكن من الهين في فترة الستينات أن تترك العائلات أولادها يمتهنون الفن وهو يدرك جيدا أن الفن لم يكن ليمكّن صاحبه من العيش معولا فقط على انتاجه. ناهيك أن الساحة الفنية في الستينات كانت تضم قلة من الرسامين المعروفين على غرار جلال بن عبد الله وعمار فرحات ويحيى وزبير التركي ولم يكن هناك من مجال لمنافسة هؤلاء العمالقة في ذلك الوقت فعمار فرحات مثلا -والتي لا تزال أعماله حاضرة سواء في البنوك أو في القصور أو في بعض المعالم الأثرية- على حد قوله، كانت لوحاته تباع قبل أن تعرض في المعارض.. ليضيف شوقي خير الله أنه تفرغ للرسم بعد 35 سنة في مهامه كمدير بنك ليُمنح تقاعدا مبكرا ويكرس معظم وقته لرسم كل ما من شأنه أن يثري مخزونه الفني. في رصيد الرجل اليوم عدد مهم من المعارض الشخصية وهو ولئن تفرغ لهوايته بعد التقاعد فإنه يحاول على طريقته أن يربح الوقت الضائع. شوقي خير الله يرسم بعفوية وشوق الفنان الذي بقي ينتظر سنينا طويلة لتحقيق الحلم المؤجل.