كثيرة هي الاحداث والملفات التي شغلت الراي العام واسالت حبرا كثيرا من العيينات في مختلف المراكز (ولاة ومعتمدون وشخصيات في السلك الدبلوماسي ) الى اصلاح الاعلام ومارافقه من اعتصام فاق الخمسين يوما امام مقر التلفزة الوطنية وانتهى بمناوشات سال فيها دم تونسي في فترة ما بعد الثورة. وعلى ضوء هذه المحطات والاحداث تبادل طرفا الساحة السياسية في بلادنا الاتهام بين قائل بمحاولة تغوّل النهضة باعتبارها الطرف الرئيسي في الائتلاف الحاكم على الادارة وكل المرافق الحساسة استعدادا للانتخابات القادمة وبين متهم لهؤلاء بعدم التفكير بعقلانية والنأي بانفسهم في المشاركة في بناء تونس. يقول شكري بلعيد (الناطق الرسمي باسم حركة الوطنيين الديمقراطيين) متحدثا عن قراءته لما اقدمت عليه الحكومة من تعيينات ومن محاولة - ما اعتبره البعض- السيطرة على الاعلام: «ان ما تقوم به النهضة الآن بخصوص التعيينات الادارية او السياسية الادارية كالولاة والمعتمدين او في المؤسسات الاعلامية او بوزارة الداخلية يندرج في سياق سعيها للسيطرة على مفاصل الادراة والقطاعات الحساسة وذلك خلافا لما وقع الاتفاق عليه بين كل الفاعلين السياسيين لان المرحلة الحالية هي مرحلة انتقالية مؤقتة. تغييرات غير مقبولة كما ان انتخابات 23 اكتوبر كانت من اجل استحقاق دستوري ينحصر في صياغة دستور جديد ومنظومة قانونية متعلقة بالحريات وعليه فلا يجوز للحكومة الحالية المؤقتة ان تجري تغييرات هيكلية عميقة على بنية الادارة والدولة في هذا الوضع لان احداث مثل هذه التغييرات مرتبط بالانتخابات القادمة وبالمؤسسات الدستورية القارة طبقا لبرامج وتصورات كل طرف للمرحلة المقبلة». ويضيف محدثنا: «ان ما يتم الان من طرف حزب الحكومة هو محاولة استباقية للتاثير وتوجيه ارادة التونسيين والتونسيات وهو ما لا يخدم مواصلة المسار الثوري ولا تحقيق اهدافه في نظام جمهوري ديمقراطي مدني تعددي، خاصة وان الخطاب الشعبوي المليء بالوعود الكاذبة انكشف امره ولم يعد ينطلي على عموم التونسيين، لذلك فان ساعة المحاسبة والتدقيق قد حلت ولا اظن انها تخدم صالح حزب الحكومة الذي ملأ الدنيا وعودا لا علاقة لها بمجريات الواقع». وضع نفسي من جهته اكد محمد نجيب الغربي المكلف بالاتصال في حزب النهضة ان هناك وضعا نفسيا جديدا خلق في تونس ما بعد 14 جانفي في حين لا تزال اطراف تعيش وهما كبيرا -على حد تعبيره- يقوم على تصور معين للدولة الوطنية المركزية حيث يعود كل شيء اليها والحداثة وغيرهما من الامور. ويقول في هذا الصدد: «بعد ان قال التونسي كلمته واختار فان اطرافا كانت قد دخلت الانتخابات وسط اوهام كثيرة لم تعِ الدرس، إذ كان عليها ان تقوم بتقييم جيد لمسارها وللاخطاء التي ارتكبتها عوض الانضمام الى حكومة السبسي او الادلاء بتصريحات مست بالشعب التونسي وخياراته، فهي تتعاطى مع الوضع الجديد بشكل عاطفي وليس عقلانيا فهؤلاء الاشخاص ارادوا القيام بكل ما في وسعهم لهدم الحائط الذي اقامته الحكومة متناسين انه حائط من حجارة الشعب التونسي». شعبية في ارتفاع ويتابع الغربي قائلا: «يسعى البعض ممن قبلوا نتيجة الانتخابات في الظاهر فيما لم يقبلوها بعد ذلك الى الاطاحة بالحكومة بشتى السبل مستعينين بموميات بشرية وقانونية لاحياء مسار جديد، لكن ورغم كل ذلك فان شعبية ممثلي الترويكا في ارتفاع. كما ان هناك جولات مكوكية في الخارج لتشويه صورة بلادنا لكنها محاولات لن تزيد الحكومة الا صلابة. فكلما هاجموا الترويكا ازدادت شعبيتهم لان الناس علموا جيدا من اتخذوا من عداء الحكومة بضاعة يتاجرون بها صباحا مساء وممن يعملون من اجل الصالح العام. لقد دعاهم رئيس الحكومة الى تاسيس مجلس حكماء تكون فيه جميع الاطراف، وارجو ان لا يرفضوا مثلما رفضوا المشاركة في الحكومة». ان الوضع الحالي لبلادنا يستدعي تظافر جهود جميع الاطراف وتقديم كل طرف سياسي لتنازلات من اجل مصلحة البلد والشعب لان قدر تونس هو التوافق.