المسار الحالي لتونس في مجال السلامة المرورية يقود الى تسجيل 74 الف وفاة و 235 الف اصابة بحلول سنة 2055    دورة شتوية بمدينة العلوم متخصصة في علم الفلك الرقمي باستخدام "بايثون من 24 الى 27 ديسمبر الجاري"    إطلاق نار على "حفلة حانوكا" في أستراليا وسقوط عشرات القتلى والجرحى    قبل مواجهة المنتخب.. بوتسوانا تتغلب على الملعب التونسي وديا    كأس العرب فيفا قطر 2025: مدرب المنتخب المغربي يؤكد السعي للفوز على الإمارات والتأهل للنهائي    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    عاجل: التاكسي الفردي يلوّح بالإضراب بعد تجاهل المطالب    بُشرى لأهالي جندوبة: عودة قوية لقسم طب العيون بالمستشفى الجهوي    الإطار الطبي للمنتخب يتابع الحالة الصحية لنعيم السيتي للمشاركة في كأس إفريقيا    الريال يواجه ألافيس ومان سيتي أمام كريستال بالاس ضمن الدوريات الأوروبية    كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني    حادث مرور يسفر عن وفاة اب وإبنته بتطاوين    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    تعرف على الغدة الدرقية وأهميتها لجسمك وشنيا الي يعمل اضطرابات؟    في افتتاح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية :فيلم"فلسطين 36": المقاومة شعلة لا تنطفئ    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    ماتشوات نصف نهائي كأس العرب: شوف الوقت شكون ضدّ شكون والقنوات الناقلة    أزمة وطنية: أكثر من 1500 مريض ينتظرون زرع الكلى    تطورات قضية مصرع مغنية تركية.. صديقة ابنتها تدلي باعترافات صادمة    السوق المركزي في المغرب شعلت فيه النار... خسائر كبيرة    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    اريانة: مندوب الفلاحة بالجهة يؤكد اهمية مشاركة مجامع التنمية الفلاحية بالصالون الدولي "افريكا فود"    محرز الغنوشي يُبشّر: ''إمكانية تسجيل بعض الزخّات المطرية الضعيفة والمحلية بالشمال الشرقي''    معز حديدان: تونس تدفع ثمن ضعف الإنتاج وارتفاع كلفة الطاقة    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    مقتل شخصين على الأقل في إطلاق نار قرب جامعة براون الأمريكية    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    ترامب يكشف حالة الشرع بعد مقتل جنود أمريكيين في تدمر ويتوعد بردود فعل خطيرة جدا    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: نتائج الجولة الثالثة عشرة (الدفعة الاولى) والترتيب    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    رئيسة الحكومة تشرف على جلسة عمل وزارية..وهذا فحواها..#خبر_عاجل    الجريصة.. اطلاق اسم الفنان عيسى حراث على دار الثقافة    «فلسطين 36» يفتتح أيام قرطاج السينمائية...حين تستعيد السينما الذاكرة المسكوت عنها    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    سوسة: "24 ساعة متواصلة من الشعر"    محافظ البنك المركزي: تونس يعوزها الاستثمار المنتج والتمويل الموجه نحو الاقتصاد الحقيقي    تنطلق اليوم: لجان تحكيم أيام قرطاج السينمائية    مجموعة ووهان يانغلو الصينية تؤكّد رغبتها في إقامة استثمارات بمقاييس عالمية في تونس    المؤسسة المالية الدولية تؤكد مواصلة دعم تونس في مجال الطاقات المتجددة    عاجل/ اسرائيل تغتال الرجل الثاني في "حماس"    توزر: تنظيم الشباك الموحد لإتمام إجراءات السفر لموسم الحج 2026    موعد الشروع في ترميم معلم الكنيسة بقابس    وهبي الخزري يعلن اعتزاله كرة القدم    انقطاع التيار الكهربائي بالمنطقة السياحية بالمهدية غدا الاحد    تونس: بطاقة إيداع بالسجن لشاب قتل خاله دهسًا بسيارته    عاجل/ قرار جديد بخصوص ترويج زيت الزيتون في السوق الداخلية    الأمم المتحدة تعتمد قرارا يُلزم الاحتلال بعدم تهجير وتجويع أهالي غزّة    طقس اليوم: ضباب صباحا وارتفاع في درجات الحرارة    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    حملة صحية مجانية للتقصي المبكر لسرطان القولون بجهة باردو..    خطبة الجمعة.. أعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام.. إرادة للإصلاح أم للتدجين؟!
كلمتي
نشر في الصباح يوم 02 - 05 - 2012

بدأ يتأكد من يوم لآخر أن «النهضة» ولا أقول «الترويكا» لأنها هي قائد العربة، ليس لها أدنى رغبة في اصلاح الإعلام، وأن «الزوابع» التي تقف وراءها أو تحركها حول الإعلام، ليس هناك من هدف وراءها سوى وضع اليد على الإعلام وتدجينه والسيطرة عليه، استعدادا للمحطات الانتخابية القادمة، وأن ما يقال منذ مدة حول الإعلام «البنفسجي» و«بقايا بن علي»، ما هي إلا ادعاءات وسأبرهن على ذلك بدأ يتأكد زيفها من يوم لآخر.
فالاجراء الوحيد في ميدان الإعلام الذي اتخذته الحكومة الحالية، هو تنصيب عدد من رجال «الحرس القديم»، أي حرس التجمع، على رأس مؤسسات إعلامية حكومية، ثم قنعت بعد ذلك بالترديد دون كلل أن الإعلام «منحاز»، وأنه يهوّل الأمور ويعطي صورة خاطئة عما يحدث في تونس، وأنه سبب رئيسي في عزوف رأس المال الداخلي والخارجي عن الاستثمار، وفي عزوف السياح عن القدوم الى بلادنا، وهي كبرى الأكاذيب في هذا المجال.
فالشعار الهمجي البغيض الذي رفع مرارا اثر الثورة ب«قتل اليهود»، هو أشد إضرارا ببلادنا ومصالحها المذكورة من أي حديث عن اعتصامات واضرابات وغيرها. وقد دفع العديد من شركائنا الأوروبيين الى مراجعة مواقفهم من ثورتنا، مما ينذر بتبعات كارثية، ورغم ذلك لم تفعل السلطة شيئا سوى الإدانة اللفظية.
فما يجب أن تعلمه هذه الحركات الظلامية التي تجدّف ضد العصر، وما لا نظنه خافيا على الحكومة، أن حوالي 40% من الشركات المنتصبة في بلادنا هي شركات أجنبية، لا يوجد من بينها سوى 2% من الشركات الأجنبية العربية! وأن الحجم الأكبر من معاملاتنا المالية والتجارية هو مع أوروبا، مما يسمح لكل ذي عقل بأن يفهم حجم الرهان.
وهؤلاء المستثمرون، بالإضافة الى مراسلي الصحف ووكالات الإعلام الأجنبية، يعرفون وضعنا أكثر منا أحيانا، ولا حاجة لهم للاعتماد على وسائل إعلامنا، بل إن سلط القرار في بلدانهم تفضل الاعتماد عليهم بالإضافة الى البعثات الديبلوماسية لمعرفة ما يجري في بلادنا وتقييمه.
إن الضجيج الذي تحدثه الحركات السلفية على الدوام، هو أشد فتكا بصورة بلادنا وبمصالحها الحياتية من هذا «البهيّم القصيّر»، الذي أصبحت تمثله الصحافة بالنسبة للسلطة، وفي مقدمتها «ناطقها شبه الرسمي» لطفي زيتون.
وما يدلل على غياب الإرادة الفعلية في اصلاح الإعلام، أنه لم يتم والى اليوم اتخاذ أي قرار أو سن أي قانون في ما يخص الإعلام، فحتى المراسيم التي أصدرتها الهيئة العليا لإصلاح الإعلام، ها هي ترقد الى اليوم في الرفوف ولم يتم تفعيلها، لا لشيء، إلا لأن هذه الهيئة رأت النور في عهد الباجي قايد السبسي، وهذا جرم كاف لتحييدها وعزلها ورفض كل ما جاء منها! فكل ما تحقق بعد عام ونصف من الثورة هو غزوات.. وراء.. غزوات واتهامات سمجة سخيفة ب«إعلام بنفسجي» و«إعلام العار» وما لف لفهما من بهلوانيات لفظية تعوزها البراهين.
فمن يريد أن يصلح، يقترح ويقدم مشاريع حلول، وهو ما لم يحدث من جانب السلطة، بينما كل المقترحات التي قدمها أهل المهنة تمت إعارتها أذنا صماء، أو هي مرفوضة أصلا.
فالرفض عن كشف القائمة السوداء للصحفيين، أي قائمة الصحفيين الذين كانوا يتعاملون مع البوليس السياسي «رسميا»، هو موقف لا أخلاقي وغير مسؤول، فقد عانينا طويلا خلال العهد البائد من «مبدإ اللامسؤولية»، أي ما تعبر عنه الحكمة الشعبية ب«ناس فرض وناس سُنّة»، فخلاله كان من الممكن للبريء أن يُعذّب ويُشرّد ويُسجن، وللمجرم السفاح أن يُكرّم ويُرفع، كان من الممكن أن تَسرق وتظلم وحتى تقتل ولا يلحقك أي أذى، كل ذلك إما بفضل السلطة والجاه أو بفضل المال، وهو ما غرس في شرائح عديدة من شعبنا ثقافة سلبية جدا، يمكن أن تدعى ثقافة «اللامسؤولية»، كان من المتأكد أن تكون محاربتها من أولى أولويات الثورة بإرساء ثقافة المسؤولية قانونية وأخلاقية محلها لبناء علاقات اجتماعية جديدة بين الناس وبين الحاكم والمحكوم، لا التخفي كما تفعل السلطة تحت غطاء عدم مسّ الأعراض!
فمن هو الذي يطالب بمس أعراض الناس؟
فالمطلوب بكل بساطة هو المحاسبة القانونية والأخلاقية، ووضع كل شخص أمام مسؤولياته، كما أنه كان من نتيجة هذا الرفض أن رفع «أزلام بن علي» الحقيقيون رؤوسهم و«رجعت فيهم الروح»، فعادوا الى الساحة بقوة، واستراتيجيتهم تقوم حاليا لأسباب لا يمكن أن تخفى على أحد، على توجيه الاتهامات يمنة ويسرة للجميع، فأصبح «الكل في الكل» متهمين، فكيف يمكن والحال هذه يا «سيد زيتون» أن يطهّر القطاع نفسه بنفسه؟
لقد «شددتم وثاقه» ثم ألقيتموه في الماء، فأنى له أن يسبح وينقذ نفسه بنفسه؟!
وماذا فعلت السلطة الى اليوم، لتنظيف القطاع حقا من «المال المشبوه»، وهل قدمت أدنى اقتراح في هذا المجال؟!
فمن الثابت أن عديد العناوين التي رأت النور بعد الثورة، بعثها للوجود أعوان من «مافيا الطرابلسية»، وغيرها من «المافيات» لإرباك الثورة وقلب أولوياتها وإبعاد شبح المحاسبة عن رموز الفساد.
بل هل فتحت، أو حتى أعلنت عن نيتها لا غير إن كانت تريد تطهير الإعلام حقا ملف الصحفيين ووسائل الإعلام الذين كرعوا المليارات من أموال الشعب على حساب قوته، لتلميع صورة النظام وتأبيده والتغطية على جرائمه؟
إن تطهير الإعلام، هذا الشعار، الذي يكاد يصبح بلا معنى، لكثرة المتداخلين وسوء نوايا البعض منهم، هو مطلب أهل المهنة الشرفاء وهم موجودون قبل غيرهم، ووسائل التطهير وسبله، هناك شبه إجماع حولها.
وعلى السلطة أن تبيّن حسن نيتها وتبرهن على أن ما يحركها، ليس إرادة مبيّتة للسيطرة على الإعلام، وذلك بتبني استراتيجية واضحة وتمشّ مرحلي، بعد استشارة أهل المهنة ممن لم يتورطوا مع النظام البائد، وكانت لهم مواقف نضالية مشرّفة إزاءه، عوض الارهاصات والبهلوانيات الشعاراتية، والاتهامات المجانية الجوفاء، التي لن تقدمنا أية خطوة الى الأمام، بل قد تؤخرنا خطوات. فالحرية التي ربحها شعبنا ليست محل مساومة ومحاولة افتكاكها منه هي معركة مخسورة سلفا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.