انتقد سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية الأسبوع قبل الماضي خلال جلسة مناقشة ميزانية الدولة، كلّ طرف يطالب الحكومة بالإسراع في الحسم في ملفّ العدالة الانتقاليّة مشدّدا في هذا الإطار على أنّ المجلس التأسيسي هو المسؤول الأول عن وضع قانون ينظّم العدالة الانتقالية وذلك حسبما يضبطه الفصل 24 من قانون التنظيم المؤقتّ للسلط. وتحدثّ ديلو بحماسة وطلاقة دفعت البعض من أعضاء التأسيسي إلى اعتباره يلقي بمسؤولية تفعيل العدالة الانتقالية عليهم.»الأسبوعي» تحدثّت مع بعض أعضاء التأسيسي حول هذا الموضوع خاصّة أنّ المجلس يتلقى انتقادات منذ فترة لكونه لا يمارس المهام التي أنتخب من أجلها وبكونه يتولى مناقشة مواضيع هامشيّة يقع إثارتها بين الفترة والأخرى. يعتبر المجلس الوطني التأسيسي السلطة الأكثر شرعية بالبلاد وهو من يتولى تقييم أعمال الحكومة ونقدها، لكنّ تصريح الوزير ديلو فيما يتعلّق بالعدالة الانتقالية عكس الدور، إذ برزت الحكومة وكأنّها هي التي تنقد التأسيسي وتقيّم عمله. فقد أشار الوزير إلى الفصل 24 من قانون التنظيم المؤقت للسلط الذي ينصّ على «أنّ المجلس التأسيسي هو الذي ينصّ قانونا أساسيا ينظّم العدالة الانتقالية ويضبط أسسها ومجال اختصاصها»، قائلا خلال مداخلته: «كلّ ما قامت به الوزارة من ندوات ولقاءات مع القيادات الحزبية والمنظمات الدولية وغير الدولية يصبّ في إطار التسريع وليست الحكومة هي التي ترسي قانون العدالة الانتقالية وإنما المجلس له صلاحية ذلك وهو المعني قانونا بوضع قانون ينظم العدالة الانتقالية». «الأولوية للوزارة» علمت «الأسبوعي» أنّ لجنة التشريع لم تتلقّ أي مقترح قانون ينظم العدالة الانتقالية في تونس، إذ قالت كلثوم بدر الدين رئيسة لجنة التشريع ل»الأسبوعي»: «لم يصلنا أيّ مقترح مشروع قانون من أعضاء التأسيسي أو غيرهم إلى حدّ اليوم، وذلك من أسباب عدم مناقشة المجلس قانون متعلّق بالعدالة الانتقاليّة». وردّا على سمير ديلو الذي اعتبر أنّ أعضاء التأسيسي هم المكلّفون بإعداد نصّ قانون يضبط هذه المسألة، قالت النائبة عن حركة النهضة كلثوم بدر الدين:»إنّ أولويّة إصدار القوانين تكون لوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقاليّة فمن شأنها النظر في هذا الموضوع». واستدركت محدّثتنا قائلة: «نعترف بالتأخرّ على مستوى إصدار القوانين ونحن واعون جيّدا بمعاناة الضحايا عندما يروا جلادّيهم ومن قاموا بقمعهم يتحرّكون بكل حرية دون محاسبة رغم مرور أكثر من سنة تقريبا على الانتخابات». ودعت في هذا الإطار أعضاء الحكومة والمجلس التأسيسي إلى تكاتف الجهود وتنظيم مسار العدالة الانتقاليّة، قائلة: «نحن مع السرعة وليس التسرّع، ومن حقّ الفئة المتضرّرة علينا أن نمنحها أبسط حقوقها، فإلى اليوم لم يعتذر أيّ جلادّ من ضحيّته». وفي هذا الصدد، ذكرت محدّثتنا أنّها ستطلب من وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية دعوة الجلادّين وتشريكهم والحديث معهم،»فهم طرف أساسي في إرساء العدالة الانتقالية على أسس صحيحة وثابتة»، على حدّ قولها. «لا داعي لتحميلنا المسؤولية» قال هيثم بلقاسم رئيس كتلة المؤتمر ل»الأسبوعي»: «لا داعي لتحميلنا مسؤوليّة كلّ ما يحدث في البلاد، فنحن كأعضاء مجلس لدينا مشاغل كثيرة تحول دون نظرنا في هذه المسألة». واعتبر العضو بلقاسم أنّ وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية هي الأجدر بعرض مشروع قانون على أعضاء المجلس لمناقشته، قائلا: «صحيح أنّ الفصل 24 من قانون التنظيم المؤقت للسلط يشير إلى أنّ أعضاء المجلس هم المعنيون بنصّ قانون يضبط العدالة الانتقالية، ولكنّ الإمكانات البشرية تنقصنا في المجلس للقيام بذلك». ودعا محدّثنا إلى وجوب تعزيز الحوار بين أعضاء الحكومة والتأسيسي للحسم في هذه المسألة ومنح جميع المتضرّرين حقوقهم «أقلّها ردّ الاعتبار لهم»، حسب تعبيره. وردا على الوزير سمير ديلو وعلى كلّ شخص يحمّلهم مسؤولية عدم الحسم في مسألة العدالة الانتقالية رغم مرور أكثر من 6 أشهر على انتخابات التأسيسي، قال صالح شعيب العضو المستقيل عن حزب التكتل: «كافّة المواطنين المعنيّين يحمّلوننا مسؤولية التباطؤ ولهم الحقّ في ذلك، لكنّنا كأعضاء وجدنا أنفسنا مجبرين على مناقشة مواضيع لم تكن سبب انتخابنا مما يجعلنا نعتقد أحيانا أنّها مفتعلة لتعطيل عمل أعضاء التأسيسي». «الحكومة لم تتحمّل مسؤوليّتها» ورغم أن القانون المنظم للسلط يرجع مسؤوليّة إصدار القوانين إلى المجلس، اعتبر شعيب أنّ الحكومة لم تتحمّل مسؤوليّتها، قائلا: «ليس من شأننا وضع قانون يضبط هذه المسألة فبسبب الضغط وضيق الوقت، لا نجد الوقت للتحدثّ في هذا المسائل التشريعية، لذا وجب على الوزير ديلو تقديم مقترح لنا سنتولى مناقشته". وإن وجدت مبادرة لتقديم مقترح للجنة التشريع بهدف عرضه على المناقشة خاصّة أنّ القانون ينصّ على إمكانيّة القيام بذلك بمجردّ تقديم 10 أعضاء من المجلس مقترح قانون، قالت كلثوم بدر الدين: «نحن قادرون كأعضاء على القيام بذلك، ولكن عندما يكون الأمر حكرا على مجموعة يصبح منقوصا». في حين أكدّ رئيس كتلة المؤتمر من أجل الجمهورية أنّ الحزب وضع الخطوط الكبرى لتنظيم هذه المسألة بفضل الاستناد إلى عدد من الخبراء المتطوّعين، قائلا: «ستتولى الكتلة مناقشة هذا المشروع في مرحلة أولى وإن اتفّقنا عليه سنعرضه على لجنة التشريع قصد مناقشته في المجلس». وزير يلقي بالمسؤولية على أعضاء التأسيسي الذين يرجعون المسؤولية بدورهم لوزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية نظرا إلى عدم توفرّ الإمكانات لديهم وضيق الوقت ليواصل المواطن الضحية بدوره مسلسل الانتظار رغم أنّ الوزير سمير ديلو صرحّ في أكثر من مناسبة بأنّه يعمل على تشريك جميع الأطراف بهدف إرساء عدالة انتقالية وليست انتقامية.