ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    أوكرانيا 2025 .. فضيحة الفساد التي غيّرت مجرى الصراع    انطلاق عمليّة إيداع ملفّات الترشّح لمناظرة الانتداب في رتبة أستاذ مساعد للتعليم العالي    بنزرت: العثور على جثة لاعب كرة قدم مفقود منذ 20 يوما    2025 ... سنة المواجهة مع تجّار المخدّرات والمهرّبين    العائدات السياحية تناهز 7.9 مليار دينار    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية وغلق 8 محلات لعدم توفر الشروط الصحية منذ بداية شهر ديسمبر    مع الشروق : أولويات ترامب... طموحات نتنياهو: لمن الغلبة؟    في حلق الوادي والمعبرين الحدوديين ببوشبكة وراس الجدير .. إفشال صفقات تهريب مخدرات    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    شارع القناص .. فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي انفصام فنّي على القياس ..حسين عامر للصوفيات وحسين العفريت للأعراس    "كان" المغرب 2025.. حكم مالي لمباراة تونس ونيجيريا    كاس امم افريقيا 2025: مصر وجنوب إفريقيا في مواجهة حاسمة..    وزير الدّفاع يؤدي زيارة ميدانية إلى القاعدة البحرية بمنزل بورقيبة    عاجل: جنوح عربة قطار بين سيدي إسماعيل وبوسالم دون تسجيل أضرار    عاجل: انقطاع في توزيع الماء بهذه المناطق بنابل    ابدأ رجب بالدعاء...اليك ما تقول    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    منع بيع مشروبات الطاقة لمن هم دون 18 عاما..ما القصة..؟    ماذا في اجتماع وزير التجارة برؤساء غرف التجارة والصناعة؟    زغوان: مجمع الصيانة والتصرف بالمنطقة الصناعية جبل الوسط بئر مشارقة يعلن عن إحداث حقل لانتاج الطاقة الفوطوضوئية    عاجل/ مقتل عنصرين من حزب الله في غارة صهيونية استهدفت سيارة شرق لبنان..    شركة الخطوط الجوية التونسية تكشف عن عرضها الترويجي 'سحر نهاية العام'    خبير يوّضح: العفو الجبائي على العقارات المبنية مهم للمواطن وللبلديات..هاو علاش    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    وفاة ممرضة أثناء مباشرة عملها بمستشفى الرديف...والأهالي ينفذون مسيرة غضب    تعرّف على عدد ساعات صيام رمضان 2026    عاجل: تهنئة المسيحيين بالكريسماس حلال ام حرام؟...الافتاء المصرية تحسُم    زيت الزيتون ب10 دنانير:فلاحو تونس غاضبون    وليد الركراكي: التتويج باللقب القاري سيكون الأصعب في تاريخ المسابقة    البرلمان ينظم يوم 12 جانفي 2026 يوما دراسيا حول مقترح قانون يتعلق بتسوية الديون الفلاحية المتعثرة    11 مليون عمرة في شهر واحد... أرقام قياسية من الحرمين    فضاء لبيع التمور من المنتج إلى المستهلك من 22 إلى 28 ديسمبر بهذه الجهة..#خبر_عاجل    ما ترميش قشور الموز: حيلة بسيطة تفوح دارك وتنفع نباتاتك    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    اسكندر القصري ينسحب من تدريب مستقبل قابس    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    موزّعو قوارير الغاز المنزلي بالجملة يعلّقون نشاطهم يومي 12 و13 جانفي 2026    عاجل: اليوم القرار النهائي بخصوص اثارة الافريقي ضدّ الترجي...السبب البوغانمي    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة العاشرة    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    رياضة : فخر الدين قلبي مدربا جديدا لجندوبة الرياضية    عاجل: هذا ما تقرر في قضية المجمع الكيميائي التونسي..    كأس أمم إفريقيا: برنامج مقابلات يوم غد    عاجل: تقلبات جوية مرتقبة بداية من هذا التاريخ    ينشط بين رواد والسيجومي: محاصرة بارون ترويج المخدرات    عاجل/ تركيا ترسل الصندوق الأسود لطائرة الحداد إلى دولة محايدة..    صحفي قناة الحوار التونسي يوضح للمغاربة حقيقة تصريحاته السابقة    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    بداية من من غدوة في اللّيل.. تقلبات جوية وبرد شديد في تونس    النوبة القلبية في الصباح: علامات تحذيرية لازم ما تتجاهلهاش    رئيس الجمهوريّة يؤكد على ضرورة المرور إلى السرعة القصوى في كافّة المجالات    ترامب مهاجما معارضيه في التهنئة: عيد ميلاد سعيد للجميع بما في ذلك حثالة اليسار    كوريا الشمالية تندد بدخول غواصة نووية أمريكية إلى كوريا الجنوبية    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنّهم لمجرمون..
كلمتي
نشر في الصباح يوم 18 - 05 - 2012

ارتفع ضجيج كبير هذه الأيام حول ما سمي مشروع إقصاء التجمعيين من الحياة السياسية المقترح من قبل نواب حزب المؤتمر، وثار حوله لغط شديد يرتقي الى مرتبة اللغو، لأنه يحتوي على مغالطات كبيرة.
أولا: لأن الأمر يقدم وكأنه بدعة، بينما هو ليس ببدعة إطلاقا، وسبق أن توخت مثله عديد الدول في محاولاتها، إثر ثورات أو هزائم عسكرية، القطع مع الماضي وبناء أسس جديدة سليمة، يقصى منها من كان متسببا بطريقة مباشرة في المآسي والمصائب التي عرفتها هذه الشعوب.
ثانيا: لأن الأمر يقدم وكأنه سيشمل شريحة كبيرة من التونسيين، وأنه قد يحدث فتنة في البلاد، بينما واقع الأمر هو غير ذلك، إذ سيمس بضع مئات أو بضعة آلاف على أقصى تقدير، ولأن الدستوريين شيء، اذ كانوا حاملين لمشروع مجتمعي، بينما لم يكن التجمعيون يرتكزون على شيء سوى خدمة مافيا حقيقية.
ثالثا: لأن الحزب الذي يتحدثون عنه هو ميّت من زمان، وقبل رحيل بن علي عن الحكم بسنوات طويلة، بعد أن حوله هذا الأخير إلى هيكل مخابراتي لا غير، وافتكت من يده أي سلطة قرار، وغادره إثر فضائح النظام المدوية كل من كان يتمتع بالحد الأدنى من الأخلاق والحس الوطني.
٭ ٭ ٭ ٭
فلا يختلف اثنان في أن نظام بن علي تحول، ومنذ مطلع التسعينات إلى نظام، جمع إلى جانب المافيوزية على غرار نظام نورييغا في باناما «الفضائحية» أيضا على غرار نظام الامبراطور بوكاسا في دولة افريقيا الوسطى ونظرا لحجم تجاوزاته وفضائحه، فإن صداها وصل إلى عموم الشعب التونسي، من أقصى البلاد إلى أقصاها، ولذلك فإنه لا أحد من المتواطئين في مواقع المسؤولية في الدولة أو التجمع يمكنه التعلل اليوم بأنه كان لا يعلم.
فمن لا يعلم أن بن علي مثلا، ومنذ التسعينات وضع مصلحة شقيقه المتهم في قضية مخدرات بفرنسا فوق مصلحة البلاد والعباد، فلما فشلت تدخلاته لغلق ملف القضية من قبل حاكم التحقيق الفرنسي، افتعل أزمة كبيرة مع فرنسا، مُقرا سياسة «تعريب» مرتجلة وسخيفة، من ذلك مثلا أن مرتزقته قاموا في غياهب الليل بنزع اللافتات والعلامات المحررة باللغة الفرنسية من المؤسسات العمومية، كما دعا أيضا الى الاتجاه الى تعليم اللغة الانقليزية منذ السنوات الأولى للتعليم الأساسي، وغير ذلك من الاجراءات التي كان يظن لغبائه أنه بتهديده بها لمكانة اللغة الفرنسية في بلادنا، سيدفع فرنسا الى استبعاد شقيقه من القضية.
ومن لم يعلم بقضية اليختين المسروقين من قبل عماد الطرابلسي وشقيقه، وكيف أن دولة بتمامها وكمالها تجندت لمحاولة تبرئتهما، وغيرهما من الفضائح «البوكاسية» المدوية، التي جعلت بلادنا وشعبنا أضحوكة الدنيا.
وهل أن كبار مسؤوليه يمكن أن يتعللوا اليوم بأنهم يجهلون ما مارسه وعائلته من ابتزاز أجهض انطلاق عديد المشاريع المشغلة والمدرة للخيرات على الشعب، كمشروع مصفاة الصخيرة وغيره.
إن كل من قبل خدمة هذا النظام المافيوزي الفضائحي لآخر لحظة بإخلاص وتفان، لا مكان له اليوم في مرحلة البناء، بناء تونس الجديدة في ممارسة السياسة، فجرائمهم في حق بلادهم وشعبها لا تقل عن جرائم النازيين في حق الشعب الألماني، فهؤلاء قادوه الى الموت بعشرات الآلاف، بينما خدَمُ بن علي قادوا عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الى الجهل والفقر والتهميش، وهو ما يمثل جرما لا يقل شأنا عن الأول.
إن من شاركوا في مهزلة الاعتداء على الدستور، بمهزلة الاستفتاء والتحوير، أليسوا مجرمين بأتم معنى الكلمة؟
وهل أن النائب في برلمان بن علي الصوري، أو المستشار في مجلسه الكارتوني، الذي قبل أن يقبض مرتبا من الخزينة العامة، اضافة الى الامتيازات على حساب قوت الشعب، وخبزه وحقه في التعليم والصحة طوال خمس أو عشر سنوات أو أكثر، لكي لا يفعل شيئا لفائدة هذا الشعب ويصادق على كل نزوات سيده، أليس مجرما ارتكب «سرقة موصوفة» ولا يستحق أن يُشرك اليوم في الحياة العامة وتصور مستقبل البلاد؟
فليحمد هؤلاء الله على أن سيف المحاسبة لم يطلهم، ولن يطالهم قطعا، رغم أن ما أقدموا عليه يمكن أن يدخل تحت طائلة الاستيلاء على الأموال العمومية، وحتى بقليل من الاجتهاد القانوني تحت طائلة الخيانة أو السرقة الموصوفة.
فمن يسمون ب«الدستوريين»، أي من عملوا تحت إمرة بورقيبة، يمكن أن نجد لهم بعض العذر فبورقيبة كان على الأقل حاملا لمشروع مجتمعي قد نتفق معه وقد لا نتفق ومعاونوه يمكن أن تنطبق عليهم صفة المناضلين، والمناضل يخطئ ويصيب.
أما «الزين بابا» فقد كان حاملا لمشروع «حوفة» لا غير، ومعاونوه خصوصا من بقوا معه الى النهاية ليسوا إلا شركاء في جريمة ضحيتها عشرة ملايين تونسي، وقد حسم فيهم الشعب لما قال لهم «ارحل» (dégage)، فليرحلوا اذن غير مأسوف عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.