أثار قرار الحكومة التونسية الانتقالية ورئاسة الجمهورية التسليم المشروط لرئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي ردود أفعال متباينة, معظمها كانت مستندة على دوافع حقوقية أخلاقية وحتى سياسية. لكن ماذا عن الجانب القانوني وماذا يقول المشرع التونسي بخصوص مبدأ تسليم الأجانب؟ وما هي السلطة المخول لها تسليم المطلوبين الأجانب؟ إجابة عن هذا السؤال أوضح الأستاذ أمين محفوظ الخبير في القانون الدستوري في تصريح ل"الصباح" أن رئيس الجمهورية وحسب الفصل 324 من مجلة الإجراءات الجزائية رئيس الجمهورية هو صاحب اختصاص اتخاذ قرار تسليم الاجانب بموجب أمر. غير أنه لاحظ أن الاختصاص مرتبط باختصاصات رئيس الجمهورية كما ضبطها دستور 1 جوان 1959. ولا يخفى على أحد أن هذا الدستور وقع إنهاء العمل به طبق الفصل 27 من القانون عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16 ديسمبر 2011." وأشار ّإلى أن "الدستور الصغير" أعاد توزيع الاختصاص بين الحكومة ورئيس الدولة. ويتبين من قراءة هذا النص أن صلاحيات رئيس الجمهورية مسندة في حين يرجع الاختصاص المبدئي لممارسة الصلاحيات التنفيذية للحكومة وهو ما أقره الفصل 17 من القانون المذكور. وأضاف أن قرار التسليم لا يدخل ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية. علما وأن الفصل 27 من القانون المذكور تضمن أنه "ينتهي العمل بكل القوانين التي تتعارض مع هذا القانون". وقال:"بذلك فإن قرار التسليم تحول بموجب هذا النص القانوني من رئيس الجمهورية إلى الحكومة. وإذا ما رأى رئيس الجمهورية أنه لم يفقد بعد هذه الصلاحية فيحق له رفع النزاع إلى المجلس التأسيسي الذي يبت في النزاع طبق الفصل 20 " بقرار من أغلبية أعضائه بعد أخذ رأي الجلسة العامة للمحكمة الإدارية". وتعكس هذه الحلول النصية المرتبكة عبرة عدم الاستئناس بأهل الخبرة عند صياغة نص قانوني في قيمة دستور صغير يدير فترة انتقالية حسّاسة جدا لا تحتاج إلى مزيد من الأزمات. علما وأن الرئيس المؤقت السابق فؤاد المبزع حافظ على صلاحيات التسليم بعد صدور المرسوم المنظم للسلطات العمومية في مارس 2011، قبل أن تتحول تلك الصلاحيات إلى رئيس الحكومة بعد صدور قانون التنظيم المؤقت للسلطات العمومية.