عادة تقديم نصيحة الآباء إلى الأبناء هي عادة قديمة جدا ذكرها القرآن الكريم في عديد قصصه كنصيحة لقمان لابنه و كذلك نصيحة عمر ابن الخطاب لأبي موسى الأشعري,و علي ابن أبي طالب للأشتر النخعي عندما ولاه مصر ناصحا إياه بان يخاف الله و يعدل بين الناس في الأرض قدر ما استطاع و كذلك نصح الملوك القدامى أولياء عهدهم وولاتهم و حكامهم بحسن التعامل مع العامة والابتعاد عن الجور و الطغيان و الاستبداد بالرأي, واستمرت هذه النصائح الهادفة في التاريخ إلى يومنا هذا فأردت أن انهج هذا المسلك مراعيا بطبيعة الحال اختلاف البيئة و اختلاف العصور لان لكل عصر نصيحته و لكل بيئة واقعها و أسلوبها و غاياتها. لقد علمتني تجربتي الطويلة في قطاع التربية والتعليم التي مارستها من مواقع عديدة كالتدريس و التسيير و التأطير أن أقدم بعض النصائح و لو أنها تبدو بسيطة لأبنائنا التلاميذ خاصة أثناء فترات الإعداد و الاستعداد لامتحان شهادة البكالوريا ففي نجاحهم نجاحنا و في امتيازهم و تألقهم تألق الوطن و مستقبله. فالسنة الدراسية أوشكت على نهايتها وعملية العد التنازلي انطلقت و لم يبق لهذا الموعد إلا أياما معدودة. فالأيام القليلة القادمة لا بد أن تستغل في المراجعة و عدم إضاعة الوقت , لقد دقت ساعة الجد و اقتربت مواعيد الامتحانات الأخيرة التي لا يمكن التدارك بعدها و لا شك أن الجزاء سيكون على قدر الجهد و التعب. إذ لا يمكن أن ينتظر النجاح من أضاع الشهور الماضية في اللهو و اللامبالاة , كما انه لا يمكن ان نتوقع الفشل لمن اجتهد و ثابر و سهر الليالي منذ أول يوم دراسي -فليعلم أبناؤنا أن الشهائد العلمية عديدة ومتعددة و لكنني لا أظن أن هناك ما تفوق أو تعادل في لذتها و فرحتها شهادة البكالوريا فلهذه الشهادة مكانة خاصة لدى الجميع. فهي ترفع شأن المتحصل عليها بين الناس باعتباره وضع حجر الأساس لمستقبله مهما اخفق في الحصول على ما يتبعها من الشهائد العلمية الأخرى و يظل محسوبا إلى أهل العلم و الثقافة. و لذلك أسدي النصائح التالية لكل تلميذ بالقول: - تجنب التدخين أثناء فترة المراجعة فالتدخين عادة سيئة و طريق الأمراض المزمنة بدايته شعور لا إرادي مثل الغضب أو الضغط النفسي و عواقبه إضرار صحية و مادية و نفسية و اجتماعية. - تجنب تناول المنبهات اعتقادا بأنها ستمكنك من نشاط إضافي و قدرة زائدة على السهر لساعات متأخرة من الليل فبذلك ترهق نفسك فسيصيبك الوهن و الخمول و التعب منذ الساعات الصباحية الأولى. - إعداد خطة سليمة للمراجعة حسب جدول أوقات مضبوط تكون فيه الأولوية المطلقة للمواد التي تشكو فيها ضعفا أكثر من بقية المواد الأخرى. ومن المستحسن أن تكون المراجعة جماعية في ساعات الصباح الأولى لان المراجعة مع الأتراب المتفوقين أكثر فائدة من الدروس الخصوصية أو المراجعة الفردية . - لا تؤجل مراجعة اليوم إلى الغد لأنك لا تضمن ما قد يطرأ من ظروف خارجة عن إرادتك - ثق بنفسك و في إمكانياتك و قدراتك العلمية و اعتبر الفشل إذا لاقيته مرة مجرد عثرة عابرة يجب تجاوزها و نسيانها و انهض من جديد و تحل بالصبر و المثابرة و الاجتهاد و كن كالمحارب الذي يخسر معركة و لا يستسلم فيواصل بقية المعارك ببسالة بعد هدنة ليربح في النهاية حربا. - أثناء فترة مراجعتك لا يجب أن تهتم ببعض المواضيع أو المسائل و تطرح أخرى ظنا منك أنها طرحت في دورات سابقة فكم من موضوع طرح منذ عام و أعيد طرحه في السنة الموالية فخاب الذين لم يعدوه. و استعد للجواب عن أي سؤال يطرح عليك في كل مادة من مواد الامتحان و عن أي موضوع هو مدرج في برنامجك الدراسي. - كل المواد التي ترتكز على التحرير الإنشائي كمواضيع الفلسفة أو الآداب أو التاريخ و الجغرافيا لا يمكن أن تتمكن منها إلا بالتمرين على الكتابة فحرر كل يوم موضوعا و أي موضوع ثم تناول غيره بالتدريب على التحرير و ذلك ما يجعل تحارير بعض المواضيع الصعبة سهلة. - في حالة اختيار موضوع معين اختر دوما ما ترى نفسك مستعدا له و قادرا على الكتابة فيه أما إذا كانت كل المواضيع صعبة بالنسبة إليك فاختر اقلها صعوبة ولا تضطرب و لا تتوتر فالامتحان يشتمل على عدة مواد فان لم توفق في واحدة فابق مستعدا و مركزا لغيرها و أنت هادىء. - ابدأ بالأسئلة السهلة و لا تسرف الوقت في محاولة الإجابة عن المسائل الصعبة. - حافظ على نظافة ورقة الامتحان و احرص على أن يكون خطك واضحا يساعد الأستاذ على القراءة, فالمصحح قد يتعب في فترة إصلاح مئات المواضيع لان الخط الرديء غير الواضح قد يدفع بالأستاذ المتعب إلى إسناد عدد ضعيف وغير مطابق لمحتواه. - حاول الإجابة عن كل سؤال يطرح عليك بورقة الامتحان حتى و إن بدا لك أن إجابتك خاطئة فربما تكون هذه المحاولة صائبة أو على الأقل بها جانب من الصواب فتربحك بعض النقاط. - كن حريصا على مراجعة ما أنجزته على ورقة الامتحان ففي ذلك إفادة كبرى و قم بإصلاح ما تفطنت له من أخطاء كما انصح العائلة بان تتحلى بالصبر و النفس الطويل و المرونة لتوفير أجواء ملائمة لمنظورها بالبيت و خارجه فكل تصرف غير مدروس تكون له انعكاسات جد سلبية على نتائج التلميذ فالضغط أو التصادم أو الاضطهاد في هذه الفترة ينجر عنه مضار يصعب علاجها إذا ما تفاقمت, ففترة المراجعة للامتحانات هي من أصعب الفترات التي يمر بها التلميذ في حياته و كم من ولي أو مرب لم يحسن إدارة هذه المرحلة و التعامل معها بكل رصانة وحكمة انفلت من بين يديه زمام الأمور فتضرر التلميذ و بالتالي تضررت العائلة و المدرسة و الأمة كاملة. عبد القادر الكداشي