زيارة العمل التي أداها رئيس الحكومة المغربية الى بلادنا خلال اليومين الماضيين لها أكثر من خصوصية لا فقط من حيث التوقيت و»السياق» السياسي مغاربيا وإنما ايضا من حيث طبيعة «الخطاب» النوعي الذي أنتجته والذي قطع مع «اللغة الخشبية» والكليشيهات التقليدية والمبهمة المتداولة عربيا في مثل هذه «الأنشطة» والزيارات السياسية الرسمية.. مثل شعار «توطيد أواصر الأخوة» و»لما فيه مصلحة البلدين الشقيقين» ...إلخ..إلخ.. فعندما يصرح السيد عبد الإله بن كيران وهو في تونس بأن هناك عراقيل حالت في السابق دون بلوغ العلاقات بين تونس والمملكة المغربية المستوى المطلوب بل وأدّت الى تراجعها على عديد الأصعدة.. وعندما يقول السيد حمادي الجبالي أن مستوى التبادل التجاري بين تونس والمملكة المغربية متدنّ وانه لم يتجاوز 250 مليون دينار.. وأن مثل هذه الأرقام «لا تليق» بمستوى تاريخية العلاقات بين الشعبين التونسي والمغربي.. فان هذا يعني من بين ما يعني أن زيارة رئيس الحكومة المغربية هذه قد تكون بالفعل زيارة تدارك وتصحيح وقطع ابستيمولوجي سياسيا مع زيارات الايهام بالعمل والحرص على «التكامل والتعاون» بين شعوب وبلدان المنطقة من خلال خطابات سياسية عاطفية لا تسمن ولا تغني من جوع.. والواقع،،، هناك أكثر من معطى من شأنه ان يجعل المرء ينظر لزيارة رئيس الحكومة المغربية الى بلادنا ب»عين» مختلفة وأن يعتقد جديا في نتائجها هذه المرة.. ذلك أنه للمرة الأولى في تاريخ العلاقات المغاربية ينتظم لقاء على مستوى عال بين طاقمي حكومتين مغاربيتين منتخبتين ديمقراطيا للبحث في سبل النهوض بمجالات التعاون والتكامل الاقتصادي والسياسي.. وللمرة الاولى أيضا يقف رئيس حكومة مغاربي ضيف ليقول أن «العلاقات بين الدول تحددها الشعوب وليس الأنظمة» قالها السيد عبد الله بن كيران وهذا يعني ايضا تجاوزا شجاعا وغير مسبوق لعائق الخلافات «الشخصية» بين الزعامات والقيادات السياسية وتأثيرها السلبي تاريخيا على مسار التعاون والتكامل بين بلدان المنطقة.. بتاريخ 15 جوان القادم ستنعقد باذن الله بمدينة الرباط المغربية أول جلسة للجنة العليا المشتركة التونسية المغربية بعد الثورة في تونس وسيتضح من خلال ما ستتمخض عنه من نتائج مدى قدرة الحكومات المغاربية المنتخبة ديمقراطيا على تقديم الاضافة والتأسيس بالفعل لا بالقول لفضاء مغاربي جديد ومختلف عنوانه التكامل الاقتصادي والازدهار السياسي والرفاه الاجتماعي.. فضاء تتاح فيه للانسان المغاربي فرص العمل في اطار «مغرب» العدل والقانون والحريات.