قريبا: افتتاح وكالتين قنصليتين جديدتين لتونس بأجاكسيو وبوردو    رئيس الجمعية التونسية لطبّ الأطفال يحذّر من مداواة الأطفال بطرق تقليدية خطيرة    عاجل/ استراليا تكشف معلومات جديدة عن منفّذي هجوم بوندي..    ترامب يدافع عن الشرع بعد هجوم أودى بحياة 3 أمريكيين في تدمر    على الهواء مباشرة.. شد شعر واشتباك بين نائبات في كونغرس مدينة مكسيكو    ديوان الطيران المدني يقوم الثلاثاء بعملية بيضاء بمطار صفاقس طينة وامكانية ظهور سحابة من الدخان في محيط مدرج الطائرات    العرب قطر 2025: مدرب المنتخب السعودي يعزو الخسارة أمام الأردن لغياب الفاعلية الهجومية    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    موعد تقلّص التّقلّبات الجوّية    هام/ تعاونية أعوان الديوانة تنتدب..    ترامب يعلن تصنيف الفنتانيل المخدر 'سلاح دمار شامل': فما هي هذه المادة؟    بوتين يصدر قانونا لمصادرة منازل "الأوكرانيين الفارين"    ترامب يقاضي بي بي سي ويطالب بتعويض 5 مليارات دولار    تونس أمام تحدّي التغيّرات المناخية: دروس من فيضانات المغرب وتحذيرات علمية من المخاطر المقبلة    كأس القارات للأندية قطر 2025:باريس سان جيرمان يواجه فلامنغو البرازيلي في النهائي غدا الاربعاء    تنبيه/ انقطاع في توزيع الماء الصالح للشرب بهذه المناطق..#خبر_عاجل    المتلوي :انطلاق العمل بجهاز "سكانار" حديث بالمستشفى الجهوي بالجهة    يعرض اليوم على التصويت.....تفاصيل "قانون" انتداب خريجي الجامعات ممن طالت بطالتهم    لأول مرة: تزويد جزيرة جالطة بنظام للوقاية من الحرائق الناجمة عن الصواعق    هل يمكن أن يؤدي الحرمان من النوم إلى الوفاة..؟    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    قطاع زيت الزيتون محور اجتماع سعيد برئيسة الحكومة ووزير الفلاحة    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    بَعد «هروب» الدريدي إلى الجزائر ... اتّهامات وغضب في باردو    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    جريمة مقتل تلميذ في الزهروني تبوح بأسرارها ... راقبه وطعنه في قلبه وشقيقته أخفت السكين    كأس العرب 2025: الأردن يضرب موعدًا مع المغرب في النهائي بعد إقصاء السعودية    أنيس بوجلبان مدربا للمنتخب الوطني الأولمبي أقل من 23 سنة    ذكرى ثورة 17 ديسمبر: برنامج احتفالي متنوّع في سيدي بوزيد    المغرب ينجح في العبور إلى نهائي كأس العرب..#خبر_عاجل    في يوم واحد: إجراء 13 عمليّة زرع وصلة شريانيّة لمرضى القصور الكلوي بهذا المستشفى الجهوي    زغوان: إسناد دفعة ثانية من القروض الموسمية لدعم قطاعي الزراعات الكبرى والزياتين (فرع البنك التونسي للتضامن)    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة السابعة للايام التجارية للصناعات التقليدية في هذه الفترة    احتجاجات القيروان: هذا ما تقرّر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    توضيح رسمي: شنيا الفرق بين نسبة الفائدة ونسبة الرباء ؟    قسم العربيّة بكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة ينظم لقاء علميا يوم 18 ديسمبر الجاري احتفاء باليوم العالمي للغة العربية    آخر أجل لاستكمال إجراءات سفر الحجيج    يوم دراسي برلماني لمناقشة مقترح قانون متعلق بالفنان والمهن الفنية    هند صبري تكشف حقيقة خلافها مع هذه الممثلة    معز بن غربية ينضم رسميا إلى قناة تونسنا    القيروان: النيابة العمومية تفتح بحثا تحقيقيا للكشف عن ملابسات وفاة شاب من حي علي باي    اتحاد الفلاحين: سعر خروف العيد سيتجاوز الألفي دينار.. لهذه الاسباب #خبر_عاجل    بطولة كرة اليد: كلاسيكو النادي الإفريقي والنجم الساحلي يتصدر برنامج مباريات الجولة الثامنة إيابا    عاجل: أمطار وفيضانات تحصد الأرواح وتُعطّل الدراسة بعدة دول عربية    عاجل/ احباط تهريب رجلي أعمال ممنوعين من السفر عبر الحدود البرية..    جمع أكثر من مليون دولار لبطل هجوم أستراليا    قضية الموسم في كرة اليد: النادي الإفريقي يقدم اثارة ضد الترجي الرياضي بسبب البوغانمي    عاجل/ من بينها تونس: موجة تقلبات جوية تضرب هذه الدول..    خبر سارّ للتوانسة: إنخفاض سوم الدجاج في رأس العام    مسؤول بوزارة الصحة للتونسيات: ''ما تشريش الكحُل'' من السواق    شنيا يصير لبدنك وقلبك وقت تاكل شوربة العدس؟    من بينهم تونسيون: "ملتقى الفنانين" بالفجيرة يحتضن 90 فنانا من العالم    أيام قرطاج السينمائية 2025: فيلم "كان يا مكان في غزة" يركز على الهشاشة الاجتماعية لشباب القطاع المحاصر ويضع الاحتلال خارج الكادر    القيروان: الدورة الثالثة ل"مهرجان الزيتون الجبلي وسياحة زيت الزيتون التونسي"    حجز 1400 قطعة مرطبات مجمّدة غير صالحة للإستهلاك..#خبر_عاجل    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور والثورة (1 - 2)
نشر في الصباح يوم 29 - 05 - 2012

الدستور هو القانون الأساسي في الدولة وهو الذي يعين أهدافها ويضع الإطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي فيها و تحدد الأهداف فيه غالبا طبقا لمبدإ التدرج حسب أهميتها
و ينتظر الشعب التونسي من الدستور الجديد ما يضمن تحقيق مطالبه التي ثار من أجلها في 14جانفي قال تعالى :

ز هَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ.
الآية 2-3 من سورة الصف.
في إطار المساهمة في إعداد الدستور الجديد للبلاد التونسية نستعين بهذه الآية الكريمة لنعد دستورا عمليا يكون متضمنا لبرامج قابلة للتحقيق لا أن يأتي نظريا مطولا يختلط فيه الغث بالسمين و ليعلم النواب في المجلس الوطني التأسيسي و أعضاء المجلس التأسيسي المدني أن الأهم في هذا المشروع ليس اكتماله شكلا ومضمونا فحسب بل خاصة ملاءمته للوضع المتولد عن الثورة اذ يتحتم على الدستور الجديد أن يكون مرآة الثورة التونسية مستجيبا لمطالب الذين استشهدوا و قاوموا الاستبداد داخل تونس و خارجها غير قابل لاستعماله كمطية للدين السياسي أو لليسار المتطرف و أن يكون وليد هذه الثورة و يحمل روحها وجيناتها لا نصا محايدا جليديا غريبا.
فقد لاحظ هؤلاء النواب أنهم بعد قضاء مدة طويلة في النقاش تيقنوا أن جزءا كبيرا من دستور 1959 لا غبار عليه و لا يزال صالحا و أن التقصير كان في التعامل معه وعدم احترامه من قبل الأنظمة السابقة و لذلك وجب الحرص أولا على المرجعية الثورية الشعبية للدستور القادم ليكون مواكبا لزمانه حافزا لانطلاقة الشباب لا كابحا لعزيمته و طموحه ونبراسا لتونس الحداثة قولا وفعلا
التوطئة و خصوصيات الثورة التونسية تدرج هذه المساهمة بعد حضور عمل لجنة المجلس التأسيسي المدني التي اجتمعت يوم الأحد 6ماي و الحديث مع أفرادها و كذلك على اثر الاتصال ببعض نواب المجلس الوطني التأسيسي في موضوع إعداد الدستور ولا بد من الإشارة هنا إلى الاندفاع و الصدق اللذين كانا يميزان كل من ناقشت معهم هذا الموضوع من سيدات و سادة و أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو لماذا لا يمكن القبول بفكرة دستور نموذجي صالح لأطول مدة ممكنة مستوحى من الدساتير الغربية ?و الجواب انه لا مجال للقياس مع دساتير دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية لان وضع تونس ووضع كل دولة عموما يختلف مع غيرها و إذا سلمنا بحكم الانتساب للمجموعة الدولية أن دساتير العالم تتفق فيما بينها على نفس القيم الكونية تقريبا فان الأهم بدرجة أولى في دستور كل دولة هو خصوصياتها التي دعت لإعداد أو لتنقيح الدستور وهي توجد عادة في التوطئة و بالنسبة لتونس هناك خصوصيات أفرزتها هذه الثورة يتحتم أخذها بعين الاعتبار هذه الخصوصيات هي تونسية بحتة و يبدو أن التاريخ لم يسجل لها مثيلا في الماضي و تتمثل أولا في أن ثورة 14 جانفي كانت عفوية وشعبية ناجحة وغير مؤطرة و نادت بالحرية والعدالة بين الجهات وتوفير العيش الكريم للشعب وثانيا هذه الثورة لم يكن يكتب لها النجاح لولا وقوف الجيش التونسي ودعمه المباشر لها بل و أصبح الجيش والى هذه الساعة العين الساهرة على مكاسب الثورة رغم عراقيل الردة و اصدق فاعل فيها و في مسار التحول الديمقراطي و هي سابقة فريدة من نوعها في تاريخ الشعوب أن يتصرف جيش بتلك الفعالية ويرعى القيم الإنسانية مثل الجيش التونسي وتبعا لذلك فمن باب الإنصاف و المسؤولية أن لا يخرج دستور تونس الجديد عن هذا الإطار الواقعي الموضوعي ويقع إبراز ذلك في التوطئة يمكن القول أن التوطئة هي أهم أجزاء الدستور وفيها نتعرف بمجرد قراءة الأسطر الأولى على جنسيته و ظروف و ملابسات إعداده أو تنقيحه وهدفه الرئيسي لان كل دستور يحتوي عادة على هدف رئيسي و أهداف ثانوية متدرجة ولنا مثل في القرآن دستور المسلمين بقدرته على البيان و اختصار الكلام و بأسلوبه القصصي حيث تشفع كل تعاليم الإسلام بأسباب نزولها و بذكر مقاصدها و هذا من شانه أن يحث المهتمين بصياغة الدستور على النسج على هذا المنوال وتخصص فيه المكانة الأولى للثورة و خاصة في توطئته لأنها هي مفتاح الدستور و كلما كان هذا المفتاح مشخصنا وليد حدث بارز و ذو مرجعية وطنية كان أكثر دفعا و خاصة لشعوب الدول النامية ويقول المثل : كل إناءبمافيهيرشح, والمقصود من ذلك : أن المقدمة تدل على الموضوع , وأن الإسم يدل على المسمى, والمظهر ينبئك بالجوهر وكما قيل في مثل آخر : الليلة السعيدة تبدو من مغربها و الغاية من اللجوء إلى هذه الأمثال هي التنبيه إلى خطإ الإفراط في سرد المبادئ الدستورية دون اعتبار أولوية فرضتها الأحداث وهي الثورة وهذا الخطأ قد يكون وقع فيه المهتمون بإعداد الدستور التونسي
التوطئة في الدساتير الأجنبية يمثل الدستور قمة هرم التشريع في كل دولة و يكمن الاختلاف بين الدساتير في مشاريعها الوطنية الكبرى و يجدر التذكير هنا أن ثورة 14 جانفي هي وحدها التي غيرت النظام السياسي في البلاد و أن دولا عظمى و نامية وجدت نفسها في نفس المنعطف الذي تعيشه تونس حاليا و اجمع نوابها في البرلمان على إيلاء الحدث الرئيسي مكانة عالية والتعريف بمشروعية أهدافه و صياغتها في التوطئة في معان دالة بألفاظ تعبر باقتضاب على المشروع الوطني ككل في الدستور وفيما يلي أمثلة لذلك تؤكد توطئة دستور ألمانيا لسنة1949 (المنقح سنة 1990)على أن الشعب الألماني واع بمسؤوليته أمام خالقه و في هذا عبرة لمن عارضوا البدء بالبسملة في توطئة الدستور التونسي الجديد و تعلن نفس التوطئة انه بتوحد الألمانيتين الغربية والشرقية يكون الشعب الألماني قد أنهى وحدة ألمانيا وحقق حريتها وهو ما يؤكد أن كل دستور هو نتاج حدث وطني بارز يتبوأ الصدارة في التوطئة و أحيانا تختصر هذه الأخيرة لاعتبار أن ما لم يقع تدوينه أصبح تحصيل حاصل وكذلك أيضا لغاية التركيز على كل ما يمثل تحديا أو مشروعا وطنيا و فعلا تمكن الألمان من رفع التحدي و صبروا ولم ينفذوا اعتصامات لعرقلة عمل الدولة بل ضحوا بقوت أبنائهم و جندت ألمانيا كل طاقاتها مستلهمة استراتيجيتها من دستورها الجديد الذي يعكس صورة ألمانيا المتحدة التي ضحت بإمكانيات ألمانيا الغربية حتى التحقت مقاطعات ألمانيا الشرقية الفقيرة بالركب وتقلد عدد كبير من أصيلي تلك المناطق المتواضعة أعلى المناصب منهم المستشارة انجيلا ماركل أصيلة قرية Perleberg في ألمانيا الديمقراطية سابقا.
كيلاني بن نصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.