إحتكار بعض الضيوف للكلمة و تراشقهم بالتّهم يُحرج الجميع - لا «فيتو» لنا على أيّ حزب لأنه يحاول دائما اختيار المواضيع الجديدة التي لم يقع تناولها في فضائيات أخرى ولأنه يحرص على ان ترتبط مواضيعه بالآنية وان تهم شريحة كبرى من المشاهدين ولأنه شديد الحرص على حسن اختيار الضيوف وعلى أن لا تتكرر استضافتهم ، ولقدرته على التعامل بذكاء مع الضيوف الذين يفاجؤونه بالخوف من الكاميرا أو الذين يستعصي عليهم تبليغ أفكارهم او الذين يعملون على احتكار الكلمة والتشنج على الهواء التقت «الصباح» مع بو بكر بن عمر رئيس قسم البرامج الحوارية في القناة الوطنية الأولى باعتباره منتجا ومقدما لبرنامج المشهد التونسي. بو بكر بن عمر وعلى عكس ما يعتقد البعض لم تأت به الثورة بل هو في المهنة منذ 1987 بدا في جريدة «الصباح» ثم التحق بيوميتين إلى أن استقر سنة 1999 في التلفزة التونسية وقد استفاد من عمله في هذه اليوميات الثلاث والصحافة المكتوبة بصفة عامة مما سهل عليه عملية الاندماج في مؤسسة التلفزة. عن معوقات التميز في العمل التلفزي بصفة عامة والوصول إلى الأفضل وتشكيات الأحزاب من عدم استضافتهم ومطالبتهم بالحضور للمشاركة في الملفات الحوارية تحدثت معه «الصباح « فكان الحوار التالي: أين كان بو بكر بن عمر ؟ أنا خريج معهد الصحافة وحاصل على الماجستير في علوم الصحافة وصحفي ممارس منذ سنة 1987 وانتميت إلى الصحافة المكتوبة حيث اشتغلت في ثلاث من اكبر المدارس في عالم الصحافة وتعلمت من القامات المديدة فيها ما أفادني في عملي في الصحافة المرئية لاحقا. ولكنني اختفيت خلال السنتين الأخيرتين قبل الثورة لأنني رفضت ان اشتغل مع رئيس قسم يشرف عليه «ذو ولاء» تام لنظام ما قبل الثورة . رفضت العمل معه لأسباب مبدئية ولعدم اقتناعي بطريقة العمل تم استبعادي إلى ان جاءت الثورة ووجدت الفرصة سانحة للعمل الجدي فخضت التجربة الجديدة بعزيمة قوية. ما الذي تغير بالضبط بعد الثورة في عملك كمسؤول وكصحفي ؟ من موقعي كمسؤول استطيع ان أقول ان الفرق كبير فقبل 14 جانفي كانت الأمور تحت الأشراف المباشر لعبد الوهاب عبد الله الذي كان يختار المواضيع ويحدد عناصرها ويقترح قائمة الضيوف التي تشارك فيها كان يتدخل ويوجه الملفات إلى الوجهة التي يريدها لتخدم السياسة العامة للدولة السابقة. وبعد الثورة لم اشعر أن أحدا من المديرين العامين الذين تعاقبوا على التلفزة تدخل في اختيار المواضيع او فرض علينا او رفض لنا قائمة ضيوف وهذا جيد جدا بالنسبة إلى الصحفي والمنتج الذي أصبح لا يقدم إلا ما يقتنع به بعيدا عن الاملاءات وهذا يجعلنا نجتهد لنقدم مواضيع تواكب المستجدات في الساحة السياسية وتستجيب لاهتمامات المواطن مع الحرص على الحيادية والمهنية. على ذكر المهنية والحيادية أين وصل مشروع مدونة السلوك وهل بدأتم العمل بها؟ طبعا أنا مع هذه المدونة التي أعجبتني لأنها توضح حقوق وواجبات أطراف إنتاج المادة الإعلامية التي تستفيد أكثر من العمل الجماعي ولأنها تساهم في تحسين وتطوير الإنتاج الإعلامي خاصة وقد أنجزها مختصون في الإعلام السمعي البصري بمساهمة البعض من أبناء المؤسسة. ومشروع المدونة مازال معروضا للنقاش وللتطوير والمراجعة وقد طلب منا تقديم مقترحات وآراء في هذا الخصوص. اكتسبت البرامج الحوارية في القنوات التلفزية بعد الثورة أهمية كبرى وأصبح اغلبها مباشرا فهل تجدون صعوبة في التعامل مع الضيوف ومع المتدخلين في الحوارات عبر الهاتف؟ لنا ثلاثة برامج حوارية هي «حق الاختلاف» لإيهاب الشاوش و»المشهد التونسي» الذي أعده وأقدمه و»بكل حرية» لوليد عبد الله وحمادي الغيداوي (إعداد مشترك) وهذه برامج فيها الاتصالات الهاتفية والريبورتاجات ولكن الاتصالات الهاتفية عادة ما تتضمن إشكالات حيث أننا نخشى دائما إمكانية ان يفاجئنا بعض المتدخلين بعبارات خارجة عن الموضوع . هناك أيضا بعض الاحراجات التي يتسبب فيها الاحتكار المبالغ فيه للكلمة على حساب بقية الضيوف او التراشق بالتهم...ويبقى طموحنا كصحفيين في المؤسسة اكبر بكثير مما نقدمه اليوم وما الذي يمنع وقد أصبحتم أحرارا وبلا وصاية من احد؟ نحن في التلفزة نتمتع بقدرات وكفاءات تمكننا من تقديم ما هو أفضل ولكننا نعجز احيانا عن تقديم ما نطمح اليه لضعف الإمكانيات التقنية والبشرية -أي العدد القليل وقلة المعدات اللازمة للإنتاج وقلة وحدات المونتاج ومشكلة الرسكلة والتكوين التي يجب تكثيفها لكل العاملين والتقنيين الذين يحتاجون هم أيضا إلى التأهيل لان المهنة تتطور بسرعة تحتم اللهاث من اجل اللحاق بالركب. وتجاوز هذه الصعوبات يكون بالإرادة الصادقة وبتحسين موارد المؤسسة ( الإشهار الذي نقص كثيرا ) والحكومة مطالبة بتوفير الإمكانيات وانتداب الكفاءات دون التدخل في المحتوى. وعلى كل ظروف العمل مرشحة للتحسن خاصة بعد إحداث فرع لنقابة الصحفيين في التلفزة وفي نفس الوقت إحداث نقابة أساسية تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل خاصة بصحفيي مؤسسة التلفزة التونسية ولعله يتم في القريب العاجل بتدخل من النقابتين حل إشكالات التفاوت في المكافآت ومراجعة المقاييس المعتمدة في تقييم المادة الإعلامية لان المقاييس المعتمدة حاليا فيها الكثير من الظلم للزملاء من أبناء الدار كذلك الحرص على تحسين ظروف العمل وخاصة تحسين هندام مقدمي البرامج والأخبار وهذا جديد في التلفزة وسيتيسّر بعد ان عبر عدد من المستشهرين عن استعدادهم للتعامل مع التلفزة في هذا الإطار. هل تجدون صعوبة في اختيار الضيف المناسب للحوار المناسب ؟ لا احد يرفض دعوتنا ولكن الإشكال مع الذين لا تتم دعوتهم وخاصة الأمناء العامون للأحزاب «الصغيرة « أو الناشئة هؤلاء يطالبون بالحضور ويحتجون ويراسلون الإدارة طالبين المشاركة في البرامج الحوارية ولكن المجال لا يتسع لاستضافتهم فعددهم كبير والبرامج قليلة وبرامجنا مرتبطة بأحداث آنية مما يفرض علينا ان نستضيف المعنيين بالأمر مباشرة علما بأننا نعمل على استضافتهم كلما توفرت الفرص ونحاول إرضاءهم ولا «فيتو» لنا على أي حزب لأنها تلفزة كل الناس نحاول أن نرضي الجميع وأحببنا أم كرهنا فان الأحزاب الكبرى هي التي تصنع الحدث ولا يمكن ان نغيبها. إننا نسعى للعمل في إطار المهنية والحيادية ونعرف ان التلفزة مرفق عمومي مفتوح لكل مكونات الساحة السياسية ونتصرف على هذا الأساس. تهل من برامج للمستقبل ؟ هي طموحات .. وأنا غير راض عما أقدمه لأنني أحس أنني قادر على ما هو أفضل لو تتوفر لي الفرصة والإمكانيات وتعاونت معنا الإدارة والحكومة وشجعتنا كصحفيين خاصة.