نصر الدين بن مختار أحد رموز فن الكوميديا في تونس نظرا لما يتميّز به من جرأة في الطرح والنقد وهو يقدم مادة ساخرة ولكنها هادفة اتخذت من بعض الأسماء في الأوساط الرياضية أو السياسية أو الثقافية والسياسية موضوعا لها. جديد الكوميدي نصر الدين بن مختار عرض مستلهم من الثورة وخاصة من التحولات التي يعيشها التونسي بعد حوالي عام ونصف على انتصار الثورة الشعبية عنوانه «بطيخ الثورة». وحول هذا العمل المسرحي الكوميدي الجديد يقول نصر الدين بن مختار :» المسرحية مبنية على سكاتشات ومشاهد مضحكة كتبت نصوصها التي صغتها من المتداول في الشارع التونسي لأني أميل إلى المباشر». كما أوضح أنه حرص في هذا العمل على منح الفرصة لمجموعة من الشباب والوجوه الجديدة لتشاركه المسرحية التي حققت نجاحا كبيرا في العروض التي قدمها مؤخرا بكل من تونس العاصمة وصفاقس وسوسة والمنستير. ومن بين الأسماء المشاركة معه نذكر بالخصوص حميدة العبيدي والعربي الخميري ونورالدين حدوش. وإذ لا يخف الكوميدي التونسي ميله إلى كل ما هو مباشر في اختيار المواقف الهزلية فإنه حريص على أن تكون مضمخة نقدا وتصويرا ساخرا لأحداث وشخصيات انطلاقا من مواقف معينة مشابهة للوحة كاريكاتورية. لذلك اعترف أن المسرحية مفتوحة على المحيط والشارع التونسي وقابلة للتجديد وإدخال نصوص جديدة بصفة يومية. لكنه في المقابل بين أنه يحرص على الابتعاد عن كل ما يمكن أن يجعل العمل يسقط في خانة الممنوع الذي دأب على مراعاته في أعماله من قبيل الثلب أو القدح في الشخوص أو المساس منهم بطريقة تتنافى والمبادئ الأخلاقية والاجتماعية أو التلفظ بعبارات وكلمات تتنافى والأخلاق او تمس من الحياء. وبيّن أن هذه المسرحية يقدم فيها شخصيات سياسية ورياضية واعلامية على طريقته فضلا عن الظواهر التي ميزت المجتمع أو الشارع في تونسالجديدة. أبطال تحت الطلب تومن جهة أخرى كشف الكوميدي نصر الدين بن مختار أن عددا كبيرا من مختلف الأوساط في بلادنا اتصلوا به وطلبوا منه أن يكونوا أبطالا لمواقفه الكوميدية المضحكة من خلال ما تتضمنه المكالمات الهاتفية من قول:» اعملي حاجة». وعلل مسألة قبول أي فرد له مكانة في المجتمع في ميادين ثقافية أو رياضية أو حتى سياسية يعود ليقين هؤلاء بقدرة هذا الكوميدي على الإضافة إلى شخوصهم ومنحهم شهرة ونجومية بعد تقديمهم للجمهور بطريقة فيها من الطرافة والإضحاك دون مساس من شخوصهم أو ما من شأنه أن يدعو للاستهجان لهم على خلاف ما يقدمه البعض الآخر من رواد هذا النمط مثلما أفاد بذلك. كما اعتبر تمرّسه على هذا التخصص الفني الصعب الذي اقتحمه بجرأة وذكاء ومكنه من اكتساب حرفية صنع هو أبجدياتها في فن الكوميديا كانت من العوامل التي جعلته يبدع من خلال خلق الفكرة وإخراجها في لبوس فني ونقدي فيه من الطرافة والجدية ما يشد المتلقي التونسي الباحث عن النكتة الهادفة والمشهد الكوميدي الذي يدخل الابتسامة خاصة أنه يعتبر هذه القدرة بمثابة الموهبة التي تولد مع الإنسان وبالدربة وحب التطور تتحول إلى موطن إبداع وتميز. أما فيما يتعلق بالجديد في أعمال نصر الدين بن مختار الذي ظهر به بعد ثورة 14 جانفي أكّد محدّثنا أنه يحافظ على نفس اللّون والنسق والطريقة في طرحه الكوميدي ونقده لوقائع ومواقف ومظاهر عادة ما يستمدها من الشارع التونسي بجرأته المعهودة وذكائه ممّا جعله يتجرأ على نقد الرئيس المخلوع وأصهاره زمن حكمه دون تسميته باسمه لذلك عبر عن رفضه واستغرابه من إقدام البعض على الحديث عنه في هذه الفترة لأنه يعتبر ذلك ضعفا وخوفا لا يمكن أن يصنع النجاح المطلوب. إلا أن الهاجس الكبير الذي اعتبره نصر الدين بن مختار قد ساهم في تعكير صحّته وأثر على نفسيته هو الوضع المتردّي للبلاد وحرقته عندما يشاهد تونس تحيد عن مسارها وواقعها وعن انتظارات أبنائها في ظل انتشار الفساد بأشكال مختلفة واتساع رقعة الفقر وعدد المحتاجين وانعدام الأمن وتعطل سير عجلة التنمية. إذ يقول في ذات الإطار :» أنا لم أعد أبحث عن العروض في تونس وقد قدمت عديد العروض بمدن عديدة بفرنسا ولاقت كلها إقبالا جماهيريا كبيرا. وقد رفضت قبول عديد العروض داخل جهات ومناطق مختلفة من الجمهورية التونسية لأني غير قادر على تأمين سلامة الفريق العامل معي ثم أني لست «عرابني « ولكن مساهمتي في النشاط الثقافي تشعرني أن بلدي بخير وأن المواطن التونسي مهما كانت ظروفه الاجتماعية يشعر بالطمأنينة ويبحث عن لحظات السعادة والاستمتاع بالفن ولكن للأسف يحز في نفسي أن لا أجد مجالا لهذا الشعور لدى شريحة هامة من الناس بعد أن خال الجميع أنه بإسقاط النظام البائد سيتغير واقع البلاد إلى الأفضل.»