تونس - الصباح الأسبوعي: بدأت المحاكمات العسكريّة التي يخضع لها المورّطون من رموز النّظام البائد في قضايا قتل الشهداء و التآمر على أمن الدولة و غيرها من الجنايات التي إقترفت في حقّ هذا الشّعب إبّان الثورة.. و الأحكام الصّادرة جزائيّا أو مدنيّا في حقّ المتّهمين الموقوفين على ذمّة القضاء لم ترض عديد الأطراف سواء لسان الدفاع بالنسبة لعائلات الشهداء والجرحى أو محامي المتهمين وحتى الرأي العام الذي ما زال متعطّشا لأحكام يرى فيها قصاصا عادلا بالنسبة لقتلة الشهداء أو في ما يتعلق بكشف حقائق ما حدث من وقائع.. ويبدو أن الطور الاستئنافي لقضايا الشهداء سيشهد تطورات خطيرة ناهيك وأن من تحدّثنا إليهم من فريق الدفاع عن المتهمين توعّد بكشف حقائق صادمة ومؤيدات مهمّة.. إعداد: منية العرفاوي المخلوع «يجني» حصاد حكمه رغم عدد الشهداء الذي تجاوز 300 شهيد فإنه إلى اليوم لم يصدر حكم ضدّ بن علي الرئيس المخلوع يرضي الشعب وينزل به القصاص العادل، في قضية شهداء تالة والقصرين التي انتظرها الرأي العام بنفاد صبر خيّبت أحكام المحكمة العسكرية بالكاف انتظارات أهالي الشهداء ورغم أن بن علي كان يعتبر المسؤول المباشر على أعمال القتل باعتباره كان رئيسا للجمهورية غير أن وجدان المحكمة ارتأى أن يكون رحيما به وسلط عليه حكما بالمؤبد عوض الإعدام كما انتظر الأهالي في خطوة ذكرتنا بدولة عربية أخرى نكبت بحاكم جائر وهي مصر التي رأت المحكمة أن حكم المؤبّد على مبارك قصاص عادل من مبارك.. وفي انتظار أطوار الاستئناف في قضية تالة والقصرين وباقي المحاكمات العسكرية كمحاكمة تونس وصفاقس هناك قضايا حكم فيه ضدّ بن علي «عائليا « أي أعمال إجرامية تمت بمشاركة عائلية خاصة زوجته ليلى الطرابلسي وهذه القضايا هي قضايا مخدّرات وغسيل أموال وحيازة مجوهرات بطرق غير مشروعة وقضايا اختلاس ونهب للمال العام وقضايا جمركية. وإليكم أبرز الأحكام الصادرة ضدّ المخلوعة في قضايا كبرى: أصدرت الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بالكاف منتصف الأسبوع المنقضي أحكامها في قضية شهداء تالة والقصرين وتاجروين والقيروان في الفترة الممتدة بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011.. وقضت بسجن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بالمؤبّد من أجل القتل العمد مع سابقية الإضمار والقصد. قضية الوردانين : قضت المحكمة العسكرية بالعاصمة غيابيا بالسجن مدة 20 عاما في حق زين العابدين بن علي من أجل حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي فيما يعرف بقضية الوردانين. وتعود قضية مدينة «الوردانين» الى الليلة الفاصلة بين 15 و16 جانفي الماضي، حيث حاول أعوان أمن تهريب قيس بن علي ابن شقيق الرئيس المخلوع، وعندما تمّ التصدي لهم فوجئوا بوابل من الرصاص يطلق نحوهم، مما أدى إلى استشهاد أربعة من أبناء المدينة وإصابة آخرين، حسب شكوى تقدم بها أهالي الشهداء. المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة أصدرت أحكامًا بسجن بن علي لمدة تتجاوز 66 سنة بتهم تراوحت بين اختلاس الأموال والمتاجرة بالمخدرات.. ومن أبرز الأحكام التي أصدرتها المحكمة في هذا السياق كانت في 20 جويلية 2011، حين أصدرت المحكمة حكما بسجن بن علي وزوجته لمدة 35 سنة وبغرامات مالية قدرها 65.6 مليارا لسرقة وحيازة المال والمجوهرات بطريقة غير شرعية. قضية براكة الساحل كما أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في تونس العاصمة حكماً بسجن بن علي لمدة خمس سنوات بتهمة »استعمال العنف« ضدّ 17 ضابطا ساميا في الجيش في القضية المعروفة ب »براكة الساحل«، وهي المدينة التي قالت السلطات إنها كشفت فيها عن مخطط يقوده الضباط لإسقاط بن علي وإقامة نظام حكم إسلامي سنة 1991. علي السرياطي : 3 قضايا خطيرة.. و أحكام بالبراءة! بعد صدور حكم المحكمة العسكرية بالكاف في قضية شهداء تالة والقصرين والقاضي بعدم سماع الدعوى في شأن علي السرياطي الذي مازال رهن الإيقاف إلى اليوم، زاد ملف السرياطي غموضا والتباسا، فهذا الرجل الذي كان مديرا للأمن الرئاسي والمطّلع بحكم وظيفته على كل الخفايا وكل الأسرار والمتهم شعبيا بأنه الأداة التي قمع بها النظام المحتجين إبان الثورة وأسفرت عن سقوط مئات القتلى والجرحى، ورغم الاتهامات المسبقة بالإدانة الكاملة إلا أن الملف القضائي للسرياطي إلى اليوم يبدو «ناصع البياض» رغم أنه مازال في الإيقاف على خلفية قضايا أخرى لم ينظر فيها بعد.. علي السرياطي الذي كان شاهدا على اللحظات الأخيرة لحكم بن علي -ولعله كان آخر وجه «يبتسم» للمخلوع وهو يفرّ من الوطن كأي جبان هتك حرمة شعبه- أصبح ينعت بأن تهمته الوحيدة هي جملة الحقائق «الحقيقية» و»المرعبة» على مراحل انهيار النظام المستبد وعلى المؤامرات التي حيكت في الظلام والانقلابات التي كانت تعدّ في صمت والساعية إلى «وراثة» تركة الجور والاستبداد.. ونورد فيما يلي بعض الأحكام الصادرة على مدير الأمن الرئاسي: قضية التآمر على أمن الدولة: قاضي التحقيق الأول في المحكمة العسكرية يقرّر الإفراج عن مدير الأمن السابق علي السرياطي في قضية التآمر على أمن الدولة الحكم بعدم سماع الدعوى في هذه القضية الخطيرة. قضية شهداء تالة والقصرين: حكمت المحكمة العسكرية في الكاف بعدم سماع الدعوى لكل من مدير الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي ووزير الداخلية الأسبق أحمد فريعة. وهذا الحكم استفزّ عددا من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ليطالب بعضهم صباح الجمعة بإعادة النظر في الأحكام الصادرة منذ يومين في قضية شهداء تالة والقصرين ومتابعتها خلال الاستئناف، محملين المسؤولية لكل من حاول «طمس وقائع هذه القضية وحقائقها» حسب تعبيرهم. * قضية المطار: برأت المحكمة الابتدائية بالعاصمة التونسية ساحة الجنرال علي السرياطي من تهمة «تدليس وتزوير جوازات السفر الموجهة له من قبل القضاء التونسي» في ما بات يعرف ب»قضية المطار«، وذلك خلال محاولة فرار 32 فردا من أفراد عائلتي زين العابدين بن علي وليلى الطرابلسي غداة الإطاحة بنظام بن علي يوم 14 جانفي 2011 وأمر بن علي الموجه للسرياطي بتجهيز جوازات سفر لعائلته وعائلة أصهاره. منير بن صالحة (محامي عادل التويري) : سنكشف تورّط البعض ممّن في السّلطة أو المعارضة في قتل الشهداء قضت المحكمة العسكرية بالكاف فيما يعرف بقضية شهداء تالة والقصرين ب10 سنوات سجن نافذة في الطور الابتدائي ضد عادل التويري المدير العام السابق للأمن الوطني.. «الصباح الأسبوعي» اتصلت بمحامي المتهم الأستاذ منير بن صالحة الذي أفادنا بما يلي: «ما لاحظته هو أن الأحكام الصادرة لم يتوفر فيها الذوق القانوني أي المنطق القانوني لأن الأحكام الصادرة ليست لها أدنى علاقة بوقائع الملف فبعض المتهمين ليس لهم أية علاقة بالقتل كعادل التويري مدير عام الأمن الوطني لكن المحكمة غفلت أو تناست أنها بصدد معالجة ملف قانوني وليس سياسيا ورغم ذلك أصدرت أحكامها حسب الرتب الأمنية للمتهمين وليس حسب التهم المنسوبة إليهم.. وهي بذلك نصّبت نفسها كمحكمة سياسية ولم تنظر في الملف على كونه ملفا جنائيا مطالبة فيه بالبحث على قرائن الإدانة وأدلة البراءة كذلك، وليس البحث عن المحاسبة السياسية». وسألت الأستاذ بن صالحة لماذا حشرت المحكمة نفسها في هذا المأزق؟ فأكّد «أن المحكمة ممزقة بين الشارع -وليس الشعب النبيل الذي يؤسس لبناء وانتقال ديمقراطي حقيقي- الذي يحب الفوضى ويتعطّش لإراقة الدماء وبين إعادة الاعتبار للمنظومة الأمنية.. لتقف المحكمة على المعادلة الصعبة: أنها متى أرضت الشعب ستغضب النقابات الأمنية والعكس بالعكس، وأهملت معطى هاما وحاسما هو كون القضاء وفي كل الحالات يجب أن يترفع عن المحاكمات الشعبية فالمحكمة كانت تنظر لتحركات الأهالي والجمعيات والأحزاب في الخيمة المتاخمة لقاعة الجلسة واهتمت بالتالي بالخيمة ولم تهتمّ بالملف، وتحوّلت وظيفة المتهم إلى جريمة.. لكن نحن كهيئة دفاع عن المتهمين سنستبسل في الدفاع عنهم في الطور الاستئنافي وسندافع بشراسة لإبراز الحقيقة وحتى لا نؤرّخ وقائع الثورة بطريقة خاطئة مبنية على الحسابات والحقائق المبتورة.. وبالتالي سوف نكشف المستور ونفضح جميع المؤامرات التي حيكت في الظلام وسنبرز كيف تذبح أكباش الفداء قربانا لمعبد الثورة..» ويضيف محدّثنا بإصرار «مادامت المحاكمة باتت سياسية سوف نكشف كل الأوراق وكل الحقائق التي لم تعلن بعد.. ونشيرإلى أن بعض الأطراف الناشطة سياسيا في السلطة أو المعارضة ممن يتبجحون بالدفاع عن الشهداء هم مورطون في أعمال القتل وفي عدد من القضايا.. وليعلم الجميع أن الأمر لم يحسم بعد». الأستاذ فوزي بن مراد (محامي رفيق الحاج قاسم) : حقائق و وثائق و مؤيّدات مهمّة في الإستئناف قضت المحكمة العسكرية بالكاف بالسجن 12 سنة ضد رفيق الحاج قاسم وزير الداخلية السابق في قضية شهداء تالة والقصرين وفي اتصال بالأستاذ فوزي بن مراد محامي وزير الداخلية السابق الذي كان قد بشّر المتهمين في جلسة سابقة بالبراءة ذكر أنه فعلا حصل على البراءة لمنوبه المنصف كريفة لكن بالنسبة لرفيق الحاج قاسم فقد اعتبر الأستاذ بن مراد أن المحاكمة اعتمدت معايير سياسية ولم تعتمد قواعد قانونية والقضاء الذي كان خاضعا قبل الثورة للعائلات الحاكمة بات خاضعا اليوم للرأي العام. وقد أكّد الأستاذ بن مراد «أن طور الاستئناف سنفصح فيه كهيئة دفاع عن استراتيجية جديدة لأننا بتنا نعلم التوجّه القانوني للمحكمة ونحن لدينا رؤية واضحة ولدينا حقائق ووثائق ومؤيدات وشهادات مهمة سيكون لها تأثير على سير التقاضي.» أكرم عازوري : «الأحكام العسكريّة .. مسرحيّة هزليّة» نقلت مواقع ألكترونية عربية موقف محامي المخلوع أكرم عازوري من الأحكام الصادرة على بن علي منذ أيام إذ وصف المحامي اللبناني أكرم عازوري، الأحكام الصادرة غيابياً ضدّ موكله بأنها «مسرحية هزلية» وذلك على خلفية الحكم الصادر بالمؤبّد ضدّ المخلوع في قضية شهداء تالة والقصرين وبالسجن 20 سنة غيابيا في قضية الوردانين. وفي هذا السياق، قال عازوري إن هذه الأحكام العسكرية، مثل غيرها، الصادرة عن المحكمة المدنية، لا تحترم القوانين الدولية ولم تصدر بناء على تحقيقات ملائمة. وأرفق عازوري بيانه بنسخة من مراسلات بين بن علي والأجهزة الأمنية يزعم فيها بأنه أمرهم بعدم إطلاق النار.