أحمد الرحموني ل"الصباح": وزارة العدل تراهن على النقابة لشقّ الصفوف - بدت ردود الأفعال الأولى قويّة من الأوساط القضائية حول الاتفاق المعلن بين نقابة القضاة ووزارة العدل بشأن الهيئة الوقتية للقضاء العدلي الذي كشفت عنه أول أمس رئيسة نقابة القضاة خلال الجلسة العامة للنقابة. واعتبر البعض أن ما أشارت إليه روضة العبيدي رئيسة نقابة القضاة التونسيين يندرج في إطار صفقة بين النقابة ووزارة العدل في محاولة لسحب البساط من جمعية القضاة لا سيما بعد فشل المفاوضات الأخيرة مع جمعية القضاة التي تمسكت بموقفها أمام ما اعتبرته محاولة من وزارة العدل للسيطرة على القضاء.ويذهب المشككون في النوايا الحقيقية لهذا الاتفاق بين النقابة والوزارة إلى ربطه بمسألة الإعفاءات الأخيرة التي طالت عددا من القضاة وما يروج بشأن وجود قائمة إعفاءات ثانية تعدها وزارة العدل. ويتساءل هنا أنس الحمادي عضو المكتب التنفيذي لجمعية القضاة في حديثه ل»الصباح» عن «علاقة هذا الاتفاق بمسألة الإعفاءات وما هو المقابل لا سيما وأن عديد الأوساط القضائية تتناقل اليوم مسألة وجود قائمة ثانية في إعفاء القضاة يفوح منها تورط عديد الأطراف بمن فيهم المنتمون لهياكل تدافع عن القطاع». مبدأ الاستقلالية ويقول أنس الحمادي أن»موقف النقابة فيه الكثير من التذبذب لأن حديثها عن مفاوضات عسيرة مع وزارة العدل في الفترة الأخيرة حول الهيئة الوقتية للقضاة هو في حقيقة الأمر مفاوضات مضنية خاضتها جمعية القضاة بداية من غرة جوان الجاري بطلب من الوزارة ولم تفض لاتفاق وانتهت بإعلان الإضراب الأخير على امتداد 3 أيام نفذ خلال الأسبوع الفارط». وتعتبر جمعية القضاة أنها استجابت لطلب الوزارة للتفاوض وخاضت معها 4 جلسات ماراطونية لكن لم ترتق الضمانات المقدمة من وزارة العدل إلى مستوى الضمانات التي طالبت بها الجمعية لا سيما فيما يتعلق باستقلالية الهيئة الوقتية للقضاء العدلي عن وزير العدل وكذلك التركيبة القضائية للهيئة التي تتمسك الجمعية بأن تكون على أساس مبدأ الثلثين منتخبين والثلث معين(5 يتم تعيينهم و9 قضاة يتم انتخابهم من عموم القضاة). من جهتها أعلنت نقابة القضاة أن اتفاقها مع وزارة العدل كان على أساس أن تتركب الهيئة الوقتية من 5 قضاة معينين و6 قضاة منتخبين. ويشير في هذا الصدد أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أن معايير استقلالية الهيئة وتركيبتها لا تخضع للتفاوض فليست مفاوضات اجتماعية على حد تعبيره بل هي تخضع لمعايير دولية متفق عليها تحقق ضمانات استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية. وقال أحمد الرحموني في حديثه ل» الصباح» إن وزارة العدل تراهن على نقابة القضاة لشق صفوف القطاع»ويضيف أن نقابة القضاة تحركاتها الأخيرة بدءا بإعلان الإضراب المفتوح وإلغائه في وقت وجيز وصولا إلى الإعلان الأخير عن الاتفاق حول الهيئة ..فكلها تحركات على خلفية الإعفاءات الأخيرة للقضاة» تمثيلية النقابة ويضيف أنس الحمادي أن الاتفاق المعلن من النقابة يكشف لماذا بعثت النقابة والدور الذي تلعبه فمن السهل الإدعاء بالدفاع عن القضاة لكن عند المواجهة المباشرة مع السلطة تنكشف الحقائق «والنقابة أثبتت أنها بمثابة الديكور لتمرير المشاريع التي تريد الوزارة تمريرها «. واعتبر محدثنا أنه من الضروري اليوم أن يعلم الجميع وفي مقدمتهم الرأي العام والمجلس التأسيسي حجم التمثيل الحقيقي لكل من نقابة القضاة وجمعية القضاة.معتبرا أن الجمعية هي الهيكل الذي يضم أكبر عدد من القضاة. ويشير أحمد الرحموني في السياق ذاته إلى أن وزارة العدل وعوض التوجه إلى الهيكل الأكثر تمثيلية تحاول الالتفاف مرة أخرى على مطلب ضمان استقلالية القضاء العدلي بعيدا عن هيمنة سلطة الإشراف. وأشار رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء إلى وجود حالة احتقان قضائي في انتظار عودة سلطة الإشراف إلى التعقل وإعادة النظر في موضوع الهيئة الوقتية مع الهيكل الأكثر تمثيلا.