مع إشراقة صباح يوم 29 جانفي الجاري يبدأ أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عامه الثالث في حكم دولة الكويت، وقد تقلد مهام منصبه أميرا للبلاد في 29 جانفي 2006 بعد أن أدى اليمين الدستورية في جلسة خاصة لمجلس الأمة، ويعد أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الحاكم الخامس عشر من أسرة آل الصباح والأمير الخامس في مسيرة الدولة الدستورية. وفي أولى كلماته بعد مبايعته أميرا وأدائه القسم وعد الشعب الكويتي بتحمل الأمانة وتولي المسؤولية مؤكدا العمل من أجل الكويت وشعبها، ودعا الجميع للعمل من أجل جعل الكويت دولة عصرية حديثة مزودة بالعلم والمعرفة يسودها التعاون والإخاء والمحبة ويتمتع سكانها بالمساواة في الحقوق والواجبات وشدد في كلمته على ضرورة المحافظة على الديموقراطية وحرية الرأي والتعبير. وأكد «أن القائد لا يمكنه أن ينجح إلا بتعاون شعبه معه تعاونا حقيقيا» مناشدا المواطنين أن يجعلوا مصلحة الوطن قبل مصلحتهم ويتجاهلوا منافعهم الذاتية في سبيل منفعة الجميع وأن يحترموا القانون والنظام ويحرصوا على مصلحة الوطن وممتلكاته وانجازاته. ويعد الشيخ صباح الأحمد منذ ما يقرب من أكثر من أربعة عقود واحدا من أبرز الشخصيات العربية حيث تربع على قمة الديبلوماسية الكويتية منذ عام 1963، ويبرز من بين الرجال الذين ساهموا في صنع تاريخ وطنهم فقد لقب ب«شيخ الديبلوماسيين» العرب وفي العالم. وكان الشيخ صباح الأحمد بدأ حياته السياسية الأولى وتمرسه في العمل العام - عام 1954 ولم يكن قد تجاوز الخامسة والعشرين من عمره عندما أصدر الشيخ عبد اللّه السالم الصباح أمير الكويت السابق في ذلك التاريخ أمرا أميريا بتعيينه عضوا في اللجنة التنفيذية العليا التي عهد إليها بمهمة تنظيم مصالح ودوائر الحكومة الرئيسية ووضع خطط عملها ومتابعة تنفيذ تلك الخطط. وعقب انتهاء اللجنة من عملها تم تعيين الشيخ صباح الأحمد رئيسا لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل ثم أضيفت إلى مسؤولياته رئاسة دائرة المطبوعات والنشر عام 1957. وعلى إثر استقلال الكويت في 19 جوان 1961 وتشكيل الدوائر الحكومية أسندت إليه رئاسة دائرة المطبوعات والنشر إلى جانب رئاسته لدائرة الشؤون الاجتماعية والعمل وفي أوت عام 1961 أصدر أمير البلاد الشيخ عبد اللّه السالم الصباح مرسوما أميريا بإنشاء المجلس الأعلى الذي كان بمثابة مجلس وزاري يدير أعمال الحكومة ويشترك في عضويته جميع رؤساء الدوائر الحكومية ومن ثم أصبح الشيخ صباح الأحمد عضوا في ذلك المجلس بحكم رئاسته لدائرتي المطبوعات والنشر والشؤون الاجتماعية والعمل. وحين قرر الشيخ عبد اللّه السالم رحمه اللّه وضع دستور للكويت صار الشيخ صباح الأحمد عضوا في المجلس التأسيسي الذي عهد إليه بمهمة وضع دستور دولة الكويت. وعلى إثر تحول الدوائر الحكومية إلى وزارات مسؤولة بموجب الدستور الذي أعلن عن صدوره في نوفمبر من عام 1962 تولى الشيخ صباح الأحمد وزارة الإرشاد والأنباء التي تغير اسمها إلى وزارة الإعلام كما عين رئيسا لوفد الكويت إلى الأممالمتحدة وإلى الجامعة العربية. وفي التشكيل الوزاري الثاني في فيفري عام 1963 تولى الشيخ صباح منصب وزير الخارجية ورئيس اللجنة الدائمة لمساعدات الخليج العربي، وبحكم صفته الوزارية أصبح عضوا في مجلس الأمة منذ تأسيس ذلك المجلس في عام 1963 وحتى تولي مقاليد الحكم في البلاد حيث قدر له من خلال تلك السنوات الطويلة أن يعاصر تطور الحياة النيابية في الكويت وما تخللها من أزمات دستورية في بعض الأحيان. ومن الأمور التي أعانته على اكتساب الخبرة في المسائل السياسية رحلاته المتعددة ومنها ما كان بصحبة والده الشيخ أحمد الجابر الحاكم العاشر للكويت عندما طاف بعدد من الدول وأفاد من ذلك دراية بالدول ومعرفة بالمسؤولين وبعدد من البارزين من أفراد شعوب تلك الدول واكتسب من والده مباشرة ما كان ذخيرة له في مستقبل حياته عن سلوك الحكام وتقديرهم للأمور، كما عاصر الشيخ صباح الأحمد أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح والأمير الوالد الشيخ سعد العبد اللّه السالم الصباح في جميع مراحل توليهما للمسؤولية في البلاد. واستطاع خلال هذه الفترة إبراز دور الكويت في المحافل الدولية في المجالات كافة سواء الاقليمية والعربية والاسلامية والعالمية وكان حريصا على مصلحة الكويت وإعلاء كلمتها في هذه المحافل فكان سموه بحق الحافظ للأمانة والقادر على إدارة شؤون الحكم في البلاد. يذكر أن أمير البلاد الشيخ صباح عين عام 2003 رئيسا لمجلس الوزراء. كما يتصف الشيخ صباح بالنظرة المتفائلة الواثقة في خضم الأزمات ومدلهمات الأمور بكل ما يتملك من حضور سياسي فاعل في المحافل الدولية ورصيد سياسي كبير محليا وخليجيا وعربيا وعالميا. وخلال تربعه على قمة الديبلوماسية الكويتية استطاع أن ينسق السياسة الخارجية للدولة ويدرس الشؤون المتعلقة بها ويسهر على علاقات الكويت مع الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية ورعاية مصالح الكويتيين وحمايتهم في الخارج وهما من صلب أعمال وزارة الخارجية.