شدّد الدكتور أمين محفوظ الخبير في القانون الدستوري على ضرورة تضمين الحريات والحقوق في الدستور الجديد واليات تمنع الاستبداد فضلا عن الفصل بين السلط وضمان استقلالية كل سلطة كان ذلك أمس خلال ندوة صحفية عقدتها الهيئة الوطنية للمحامين بتونس بمشاركة جمعية المحامين والقضاة الامريكيين تحت عنوان»رؤية المحامي للدستور». وفي مداخلته حول «مفهوم الدستور» تساءل الخبير الدستوري عن ماهية الدستور الجديد وكيفية صياغته خاصة في ظل مطالبة الكثير بتضمين العديد من الحريات والحقوق في الدستور الجديد مضيفا وجود مشكل بيداغوجي كبير في مفهوم الدستور حتى في أروقة المجلس الوطني التأسيسي. دسترة الحقوق والحريات وقال أمين محفوظ ان تونس تستعد الى صياغة الدستور الثالث في تاريخها بعد دستور1861 التى امتدت مدة صلاحياته 3 سنوات ثم دستور 1959 لمدة 52 سنة وهو يتشابه مع وضعية الشخص الذي يريد اجتياز الامتحان وهو في وضعية التثليث، معتبرا أن هناك إشكال كبير في فهم كيفية صياغته حيث من الضروري حسب تعبيره تفادي العديد من الاخطاء السابقة والوقوف عند جملة من الاسباب كالمفهوم المادي والشكلي للدستور. وأكد على ضرورة التفريق بين المفاهيم باعتبار ان المفهوم المادي للدستور يتضمن الاخذ بالقواعد الدستورية من حقوق وحريات ونظام الحكم وعلى مستوى الشكل الاخذ بالقواعد مع تدوينها في وثيقة، كما بيّن أن كلمة الدستور ترتبط بالحرية ومن الضروري تفادي التنصيص على أي مصطلح يفهم منه تمييز على أساس الجنس والعرق واللغة أو الدين باعتبار ان كل تنصيص بالإشارة سيكون مصدر قلق ومشاكل في الدستور الجديد. وضع آليات لمنع الاستبداد كما اشار الى أهمية التركيز على مسألتين في الدستور تتمثلان في تضمين الحقوق والحريات باعتبار أن الدساتير السابقة لم تكن فيها ضمانات للحريات والحقوق فضلا عن تنظيم السلط وضمان استقلالية كل سلطة عن الاخرى ودسترة تفريق السلط وذلك خشية ان يكون الحكم مطلقا ومستبدا. وأضاف المطلوب ان يكون هناك توازنا بين السلط خاصة في مستوى التفريق بين السلط على المستوى العمودي والأفقي، مما يعني أن السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية لابد ان تكون لديها اليات -على حد تعبير مونتسكيو»ملكة الإقرار فيما يتعلق بالممارسة وملكة المنع»- في اطار التفريق بين السلط. وأكد على جسامة مسؤولية المجلس التأسيسي فيما يتعلق بأهمية الربط بين الدستور والحرية باعتباره يفرز نجاح التجارب خاصة وان ديمومة الدساتير يتمثل في الربط بين الدستور والحريات وإذا ما تم تحديد الحرية والتضييق عليها سيكون له نتائج عكسية مضيفا «اذا ما فهم الدستور من خلال تحديد الحرية بأي عنوان كان سيكون مثل سابقيه قصير العمر مع فارق جوهري وسيكون اكثر كلفة ويتم الانتقال من حالة التثليث الى التربيع، اما اذا حرص المجلس التأسيسي على وضع دستور يحقق فكرة الحرية فالاكيد انه سينجح في تحقيق المعادلة». الدستور روح الشعب بدوره أثنى بول اندرسون القاضي بالمحكمة العليا لولاية مينيسوتا بالولاياتالمتحدةالامريكية في مداخلته حول دور المهن القانونية في صياغة الدستور على دور المحامي في مسار الانتقال الديمقراطي ويبقى قطاع المحاماة الضامن لتطبيق وتكريس الحريات العامة والفردية على مستوى النص القانوني و الممارسة اليومية. وأضاف انه اطلع على توطئة الدستور الجديد مؤكدا انها تضمنت بعض العناصر الأساسية، وخلال عرضه لدستور الولاياتالمتحدةالامريكية بيّن القاضي اندرسن ان الدستور هو بمثابة العقد بين الشعب و الحكام وان الدساتير مستمدة من روح الشعوب مؤكدا ان الدستور الامريكي مبنى على تكريس احترام علوية القانون فضلا عن مبدأ حرية التوازن بين السلط. صياغة الدستور بشكل توافقي ومن جهتها استعرضت فريدة العبيدي رئيسة لجنة الحقوق والحريات في المجلس الوطني التأسيسي منهجية عمل اللجنة و أهم النقاط التي تم التطرق إليها صلب لجنة الحقوق والحريات في المجلس الوطني التأسيسي والمتمثلة في مبادئ الإسلام وأهداف الثورة مثل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مشيرة الى ان اللجنة بصدد مناقشة مشاريع فصول تم اعدداها من قبل 4 فرق عمل اشتغلت عليها بمشاركة 22 عضوا وتمت مناقشة 3 فصول وهناك توافق حولها خاصة فيما يتعلق بالحق في الحياة وحرية المعتقد وحماية الحرمة الجسدية. وأكدت الاستاذة فريدة العبيدي على أهمية دور المحامي والاستئناس بتجارب وخبرات اساتذة القانون في اطار المشاركة في انجاز النصوص القانونية و صياغة دستور يراعي التوجهات العامة بشكل توافقي والابتعاد عن التأثير الحزبي في مستوى عمل اللجان التأسيسية ومحاولة تقديم قراءة تخدم مصلحة الشعب وأهداف ثورة 14 جانفي مشيرة الى أن الغاية الأساسية تتمثل في تضمين الحريات والحقوق واليات تطبيقها بغضّ النظر عن النظام السياسي.