وزيرة الإقتصاد فريال الورغي في مهمة ترويجية    حوادث : مقتل 12 شخصا وإصابة 445 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تواصل حملة تنظيف وصيانة حديقة ''البلفيدير''    بأسعار تفاضلية: معرض للمواد الغذائية بالعاصمة    اتحاد الفلاحة: ''علّوش'' العيد تجاوز المليون منذ سنوات    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 8 ماي 2024    الاقتصاد في العالم    كأس تونس: الترجي الرياضي يفقد خدمات 10 لاعبين في مواجهة نادي محيط قرقنة    قبل لقاء الأهلي والترجي: السلطات المصرية تعلن الترفيع في عدد الجماهير    المهاجم أيمن الصفاقسي يرفع عداده في الدوري الكويتي    حادث مرور قاتل ببن عروس..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل : دولة عربية تلاحق عصابة ''تيكتوكرز'' تغتصب الأطفال بالخارج    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    تراجع عدد أضاحي العيد ب13 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية    يصعب إيقافها.. سلالة جديدة من كورونا تثير القلق    المتبسطة القيروان مشروع للطاقة الشمسية الفولطاضوئية بقدرة 100 ميغاواط    إلى حدود 6 ماي تصدير 8500 طن من القوارص منها 7700 طن نحو فرنسا    أخبار المال والأعمال    مدعوما بتحسن الإيرادات الخارجية: ميزان المدفوعات يستعيد توازنه    هزة أرضية بقوة 4.7 درجات تضرب هذه المنطقة..    "دور المسرح في مواجهة العنف" ضمن حوارات ثقافية يوم السبت 11 ماي    جيش الاحتلال يشن غارات على أهداف لحزب الله في 6 مناطق جنوب لبنان    اعتبارًا من هذا التاريخ: تطبيق عقوبة مخالفة تعليمات الحج من دون تصريح    اليوم: انطلاق اختبارات البكالوريا البيضاء    ومن الحب ما قتل.. شاب ينهي حياة خطيبته ويلقي بنفسه من الدور الخامس    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    طالبة سعودية تبتكر عصا ونظارة ذكية لدعم المكفوفين    اليوم : بطاحات جربة تعود إلى نشاطها    هذا فحوى لقاء رئيس الحكومة بمحافظ البنك المركزي التونسي..    رابطة أبطال أوروبا: بوروسيا دورتموند يتأهل للنهائي على حساب باريس سان جيرمان    لأجل غير مسمى.. إرجاء محاكمة ترامب بقضية "الوثائق السرية"    محرز الغنوشي: رجعت الشتوية..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    دورتموند يفوزعلى باريس سان جيرمان ويصل لنهائي أبطال أوروبا    أمطار أحيانا غزيرة بالمناطق الغربية وتصل الى 60 مم خاصة بالكاف وسليانة والقصرين بداية من بعد ظهر الثلاثاء    وزير السياحة: اهتمام حكومي لدفع الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية وتذليل كل الصعوبات التي يواجهها العاملون به    البنك المركزي: ارتفاع عائدات السياحة بنسبة 8 بالمائة موفى شهر افريل 2024    فرقة "مالوف تونس في باريس" تقدم سهرة موسيقية مساء يوم 11 ماي في "سان جرمان"    البرلمان يصادق على تنقيح القانون المتعلق بمراكز الاصطياف والترفيه لتشمل خدماتها فئات جديدة من الأطفال ذوي الهشاشة    الجزائري مصطفى غربال حكما لمباراة الترجي الرياضي والاهلي المصري    المرحلة التاهيلية لكاس الرابطة الافريقية لكرة السلة: الاتحاد المنستيري ينقاد الى خسارته الثالثة    اتحاد تطاوين.. سامي القفصي يعلن انسحابه من تدريب الفريق    مصر: تعرض رجال أعمال كندي لإطلاق نار في الإسكندرية    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    المهديّة :ايقاف امام خطيب بسبب تلفظه بكلمة بذيئة    ولاية رئاسية ''خامسة'' : بوتين يؤدي اليمين الدستورية    من الحمام: غادة عبد الرازق تثير الجدل بجلسة تصوير جديدة    نحو صياغة كراس شروط لتنظيم العربات المتنقلة للأكلات الجاهزة    المتلوي: حجز 51 قطعة زطلة بحوزة شخص محل 06 مناشير تفتيش    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة "سينما تدور" (فيديو)    تونس : 6% من البالغين مصابون ''بالربو''    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك: "أرباح القصابين تتراوح بين 15 و20 دينار وهو أمر غير مقبول"    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    الفنان بلقاسم بوقنّة في حوار ل«الشروق» قبل وفاته مشكلتنا تربوية بالأساس    رئيسة قسم أمراض صدرية: 10% من الأطفال في تونس مصابون بالربو    أولا وأخيرا .. دود الأرض    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    العمل شرف وعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشكل أراضي قرطاج ب بير فطومة يحتاج لإرادة سياسية والقضية في ظاهرها معقدة لكن الحل موجود: تفعيل برنامج 1994
جمعية أحباء قرطاج
نشر في الصباح يوم 24 - 06 - 2012

يخشى الناشطون في جمعية "أحباء قرطاج" أنه إذا ما استمر تجاهل قضية ما يعرف ب"بير فطومة" بقرطاج فإن موقع قرطاج المصنف بمنظمة اليونسكو كتراث عالمي محمي مهدد بسحبه من القائمة.
فالتسجيل بقائمة اليونسكو للمواقع العالمية وإن كان صعبا في حد ذاته لأنه يتطلب الاستجابة لعدد من الشروط فإنه لا يعني أن المسألة تنتهي وتحسم بمجرد أن يصنف الموقع كتراث عالمي بل على العكس فإن المهمة تبقى صعبة والموقع يظل محل مراقبة تهتم بالخصوص بمدى الاستجابة للشروط التي تفرضها منظمة اليونسكو على الدول التي تحمل على عاتقها مسؤولية الحفاظ على تراث الإنسانية.
كان ذلك أبرز عنصر تمحور حوله الحديث لدى لقائنا بعدد من مؤسسي الجمعية التي ترأستها الباحثة في التاريخ والآثار ليلى العجيمي السبعي والتي تعرف الجمهور الواسع على جهودها المتواصلة من اجل الحفاظ على التراث التونسي بمناسبة القصة الطريفة ل"شاب بيرصة" الذي تعرفنا من خلاله عن قرب على أهم خصوصيات جدودنا القرطاجنيّين بعد عرضه للجمهور في متحف قرطاج.
دار اللّقاء بالأكروبوليوم بقرطاج وبحضور السيد مصطفى العقبي الذي يدير الفضاء وأحد المؤسسين للجمعية والباحث في التاريخ عبد المجيد النابلي والأستاذ جلال عبد الكافي.

تستند الجمعية حسب إجماع محدّثينا في تخوفاتها إلى تواصل تجاهل مشكل أراضي قرطاج الشهيرة بقضية "بير فطومة" (الواقعة بين المرسى والمعلقة).

أراضي قرطاج المسلوبة
كما هو معروف فقد تم خلال حكم الرئيس المخلوع التفريط في نسبة كبيرة من أراضي قرطاج المصنفة ضمن التراث العالمي بعد أن عمد نظام بن علي إلى إخراج هذه الأراضي من قائمة المواقع المصنفة تراثا عالميا والتصرف فيها في نطاق صفقات مالية مربحة. تم حينذاك التفريط في أراض شاسعة وقع تقسيمها إلى حوالي 100 شقة، قيمة الواحدة تتراوح بين 400 مليون و2 مليار من مليماتنا وحوالي 100 مقسم خاص قيمتها بمئات الملايين.
ولئن قامت الدولة بعد انتصار الثورة الشعبية وعلى إثر تحركات المجتمع المدني وفي مقدمتهم الجمعيات الناشطة في مجال حفظ التراث وحمايته بإلغاء عملية اخراج الأراضي من تصنيفها ضمن قائمة المواقع المحمية فإن ذلك لم يحل دون تواصل المشكل. لقد تم بالفعل إصدار قانون يقضي بإعادة تصنيف الأراضي ( في حكم الرئيس المبزع ) إلا أن ذلك لم يحل دون مواصلة البناء بل على العكس فإن نية المالكين واضحة جدا في مواصلة البناء حتى وإن كان القانون يحول دون ذلك. وإذ تقر ليلى السبعي رئيسة جمعية أحباء قرطاج بأنه من الصعب أن يقع مثلا هدم الشقق التي تم بناؤها من قبل حتى وإن كان ذلك قد تم بتجاهل تام للقانون وضمن منظومة الفساد التي كانت سائدة خلال حكم بن علي فإنها تؤكد أن الحل ممكن. والحل يتمثل في إعادة تفعيل برنامج حماية التراث والنهوض بالآثار الذي وقع وضعه منذ سنة 1994. وكان قد ساهم في وضع هذا البرنامج الذي يصطلح عليه بالفرنسية بPPMV عدد هام من علماء الآثار والباحثين في التاريخ الذين درسوا الموضوع من مختلف جوانبه بما في ذلك الجانب السياحي والتنموي.

مشروع محطة ثقافية مؤجل.. إلى متى ؟

كان من المفروض مثلا أن تقع تهيئة محطة ثقافية بمنطقة المعلقة حيث بني نزل الفينيكس الذي كان في البرنامج مطعما لاستقبال السياح وكان في البرنامج كذلك أن تصل الحافلات التي تقل السياح إلى هناك ليتولى مختصون في التراث والمواقع الأثرية قيادة السياح انطلاقا من المعلقة في جولة حول موقع قرطاج الذي وكما هو معروف مشتت على عدد من العناوين.

الهدف من ذلك جعل الجولة مفيدة مع توفير أسباب الراحة لكن البرنامج تعطل ويشدد أعضاء الجمعية وفق ما أكدوه لنا بالمناسبة أنهم لا يرون حلا أفضل من احياء هذا البرنامج الذي أنجز بشكل علمي مدروس وبإشراف الهياكل المختصة في التراث خاصة منها المعهد الوطني للتراث ووكالة احياء التراث.

ويعتقد أعضاء جمعية أحباء قرطاج أن الحل اليوم سياسي وأنه لا بد من إرادة سياسية والدولة مطالبة بالتحرك في اتجاه حماية موقع قرطاج. وتقول الباحثة ليلى السبعي في هذا الخصوص: ندرك جيدا أن الحكومة الحالية تواجه صعوبات كبيرة ذات صلة في جانب منها بالاقتصاد والمشاكل الاجتماعية مما يجعل قضية حماية التراث قضية ثانوية لكن الحقيقة أن تعهد المواقع الأثرية في تونس ضرورة ملحة اليوم وقضية استعجالية لا تقل قيمة عن بقية القضايا. وترى محدثتنا أنه وخلافا لما يعتقد البعض فإن التراث مصدر مهم لخلق مواطن الشغل وأن تفعيل البرنامج المذكور (برنامج 1994) له مردود اقتصادي كبير بالتوازي مع دوره في الحفاظ على تراثنا.
مصالحة مع التاريخ
وتشدد الجمعية التي وحسب ما فهمنا تشهد دعما من الكثير من الناشطين بالمجتمع المدني ومن المواطنين التونسيين على أن عملها لا ينبغي أن ينظر إليه على أنه يأتي في إطار مواجهة الدولة. كل ما في الأمر أن الجمعية والكلام للباحثة ليلى العجيمي السبعي تسعى لمساعدة الدولة في هذا المجال وأنه من واجب الجمعية أن تضع الدولة التونسية اليوم أمام مسؤوليتها في حماية التراث التونسي المهدد. ولا يستبعد الأستاذ عبد المجيد النابلي مثلا أنه في صورة تواصل الصمت وتجاهل قضية أراضي قرطاج ان تتآكل هذه الأراضي شيئا فشيئا وأن يغلق الملف وأن تقع التضحية بجزء مهم من تراثنا وأن تندثر إحدى الشهادات المهمة الدالة على عراقة هذا التراث وعراقة الشعب التونسي.
وإذ ندد أعضاء الجمعية بحالة النهم التي كان عليها الكواسر من آل بن علي والطرابلسي, نهم جعل أحد أفراد هذه العائلة لا يكتف بالاستحواذ على أرض شاسعة ليمتد عليها منزله الفخم وإنما عمد إلى أكل مساحة كبيرة من حديقة أثرية يطل عليها منزله فإنهم يخشون أن يقع التسليم بالأمر الواقع. تكون حينئذ حسب نفس المصادر قرطاج مهددة بالتدمير مرة أخرى. لذلك ربما توجه أعضاء الجمعية بنداء عاجل إلى حماية قرطاج.

بقع ملتهبة تحت الرماد

تطرق الحديث بالمناسبة إلى الجهود التي تبذلها الجمعية التي نشأت بعد الثورة الشعبية فخلال حكم الرئيس المخلوع لم يكن مسموحا بأي نشاط جمعياتي متعلق بموقع قرطاج وسيدي بوسعيد ومن بين أنشطة الجمعية (هناك جمعيات مشابهة ناشطة كذلك في نفس الحقل) ترميم المواقع التي لا تحتاج إلى ميزانيات ضخمة. وتدعو جمعية أحباء قرطاج وزارة التربية إلى الاضطلاع بدورها في توعية التلاميذ بقيمة إرثنا والحضاري وقد نبه الأستاذ عبد المجيد النابلي وقد سبق له أن أعد برنامجا لتشجيع الصغار على معرفة تاريخهم ( توقف بسبب عدم اقبال التونسيين عليه) إلى ضرورة توعية التونسيين بقيمة التاريخ وأنه قد حان الوقت للمصالحة مع تاريخنا وحان الوقت كي يدرّس التاريخ هذه المادة الخطيرة - وفق معايير علمية وأهداف تخدم التونسي بأن تجعله يعرف من هو وما هو تاريخه وما هو مستقبله.

طرح عبد المجيد النابلي بالمناسبة عدة أسئلة من بينها مثلا: كم من تونسي يعلم أن قرطاج كانت سيدة العالم من خلال سلاحها البحري وتحكمها في الملاحة البحرية وطالب بإجراء مقارنة مع ما يحدث اليوم, أين البحرية التونسية مثلا؟

ويحيل أعضاء الجمعية وزارة التربية على الاتفاقيات بشأن الرحلات الاستطلاعية للمواقع الأثرية لفائدة التلاميذ التي تساهم في تفتح الشباب على تراثهم. قضية التراث حسب محدثينا قضية تحتاج إلى وقفة حقيقية. ما فهمناه أن المكان ساخن وأنه يكفي أن نزيل بعض الرماد حتى تنكشف لنا بقع ملتهبة وحامية وأن فتح ملف التراث في تونس يخفي لنا كثيرا من المفاجآت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.