رحل "الحكيم".. جورج حبش أحد أبرز مؤسسي حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية.. بعد عقود من الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي.. بدأها وهو في العشرين من عمره.. مع نكبة 1948.. وتابعها بنفس جديد بعد نكسة 1967.. ودخول الصراع مع قوى الاحتلال أشكالا جديدة.. لما تداخلت أوراق الخصوم العرب لقضية تحريرفلسطين مع أوراق أعدائها الاجانب المفضوحين.. كان الزعيم الراحل ياسر عرفات يبتسم في اجتماعات المجالس المركزية والمجالس الوطنية متوجها الى شريكه في مجلس "القيادة الفلسطينية " (من قادة الفصائل).. قائلا: "مثلما يقول أخي الحكيم.. جورج".. وفي الصور التاريخية كان أبو عمار يحرص على أن يكون بين جورج حبش ونايف حواتمة.. زعيم الجبهة الديمقراطية.. لتأكيد اجماع المسلمين والمسيحيين والعلمانيين والمتدينين.. الليبيراليين واليساريين الفلسطينيين.. حول المطالب الوطنية لشعبهم.. بدءا بانهاء الاحتلال.. عرفت جورج حبش عن قرب.. في تونس وفي اجتماع المجلس الوطني بالجزائر.. وكانت من بين مميزاته عدم الرغبة في الادلاء بتصريحات صحفية.. بخلاف كثير من "الشخصيات القيادية" الاخرى التي كانت "تسهب" في التصريحات.. الى حد الثرثرة.. والاعلان عن مواقف ومعلومات كثيرا ما تكون متناقضة.. لكن من أهم مميزات "الحكيم".. أنه كان متواضعا في كبرياء وثقة في النفس.. ميالا إلى التقشف ومعارضا لسلوكيات التبذير والممارسات "البورجوازية" لبعض المحسوبين على قيادة منظمة التحرير.. ودعم مبكرا التحالف بين قوى الانتفاضة الفلسطينية دون اقصاء منذ انفجارها أواخرالثمانينات مع رموز من فتح ومن حماس بزعامة الشهيد أحمد ياسين.. ومن حيث التسيير تميز جورج حبش بتنازله مبكرا من تلقاء نفسه عن قيادة حركته الى المناضل أبو علي مصطفى.. الذي عوضه أولا في حضور اجتماعات قيادة منظمة التحريرثم استلم رئاسة الحركة.. قبل أن يستشهد في مشهد درامي تاريخي.. عندما اغتالته طائرة حربية اسرائيلية بصواريخ بمكتبه في رام الله في صائفة 2001.. فخلفه المناضل الاسير أحمد سعدات.. الذي أسرته قوات الاحتلال الاسرائيلي.. بعد عملية مداهمة لسجن فلسطيني كان يقيم به بطلب من الزعيم الراحل عرفات.. لتجنب تسليمه للمحتل.. جورج حبش بدأ مسيرته بالاشتراكية والماركسية والقومية المنحازة يسارا.. ودعا مقاتليه إلى تبني قضايا الهوية والتراث والعمل مع كل الفصائل الوطنية بما في ذلك فتح وحماس والجهاد.. ورفض لعبة الانظمة العربية والعواصم الغربية مع منظمة التحرير.. عاش هادئا.. ومات في منفاه بالعاصمة الادرنية صامتا.. متحسرا على عجز القيادات الوطنية والعربية منذ استشهاد عرفات عن انجاز الحد الادنى المشترك.. بما في ذلك منع الاقتتال الداخلي.. فهل يأتي الزمن بحكماء جدد.. يعوضون الحكيم جورج..