تشهد القارة الإفريقية تطورات أمنية كبرى خاصة عقب الإطاحة بنظام العقيد الليبي معمر القذافي والانقلاب العسكري الذي عرفته مالي، تطورات ارتبطت بتزايد النفاذ إلى السلاح والذخيرة التي كانت تزخر بها مخازن القذافي. السلاح والذخيرة واتساع خارطة المتمردين ليست المؤشرات الوحيدة التي تعد خطيرة حسب مراقبين إذ يتعلق الأمر كذلك بالحديث عن تزايد التنسيق بين مختلف الجماعات الإرهابية الناشطة في إفريقيا. جاء ذلك في تصريح أدلى به مؤخرا قائد القيادة العسكرية الأمريكية فى إفريقيا الجنرال كارتر هام الذي أشار إلى أنّ أهم الجماعات الناشطة في إفريقيا تعمل على تقاسم الأموال وتبادل المتفجرات فيما يمكن أن يكون مؤشرا لتصاعد التهديدات الأمنية فى القارة. هذه الجماعات هي بالأساس «بوكو حرام» فى نيجيريا وحركة الشباب فى الصومال وتنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» فى شمال إفريقيا، مثلث تتحدث تقارير استخباراتية غربية عن أنّه يشهد في الآونة الأخيرة عمليات تنسيق مستمرة من أجل تكثيف الجهود المشتركة. عمليات التنسيق تلك تشمل تقاسم الأموال والمواد الناسفة كما يتلقى مقاتلوها تدريبات مشتركة. تكتل هذه الجماعات يعد بالنسبة إلى الخبراء الأمنيين خطرا كبيرا، إلا أنّ مثلث الرعب ذلك من المرشح أن يتوسع ليشمل «أنصار الدين» في مالي نأن يتسع ل خاصة بعدما شهدت البلاد انقلابا عسكريا دفع بالعديد من القوى الافريقية والغربية إلى وضع خيار التدخل العسكري في البلاد على الطاولة.. تعمل هذه الجماعات الإرهابية باعتماد أساليب متنوعة طوعت خلالها إمكاناتها المادية واللوجستية من أجل التسبب في أكبر خطر ممكن. الخطة رقم واحد بالنسبة إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي تعد العمل على تنظيم عمليات خطف للسياح أو المواطنين الأجانب خاصة بمنطقة الساحل الإفريقي. أفغانستان فى غرب أفريقيا يخشى مراقبون دوليون من أن يزيد التنسيق المستمر بين هذه المنظمات في تكثيف أنشطتها الإرهابية خاصة وأنّها تحاول في كل مرة الاستفادة من الخصوصيات الجغرافية والمناخية للقارة السمراء. كما أنّ عمليات التنسيق بينها ليست بالأمر الصعب نظرا لانتمائها إلى ذات الخلفية الجهادية. لقد شهدت بداية سنة 2012 تصاعد الحركات الانفصالية لتحرير الأزواد في شمال مالي إذ استفادت هذه الجماعة من الترسانة العسكرية المهربة من ليبيا ومن القدرات القتالية لأعضائها الفارين من نيران الحلف الأطلسي في الصحراء الليبية. ويطرح الانقلاب العسكري في حد ذاته تحديات أمنية وسياسية. وقد هدد تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي الذي يسيطر مع مجموعات مسلحة أخرى منذ ثلاثة أشهر على شمال مالي بأنه سيتعامل بحزم مع الذين سيتعاونون مع قوة عسكرية من المزمع تدخلها في المنطقة. وقد صرح الجنرال هام في وقت سابق أن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامى ينشط الآن «دون قيود تقريبا» فى جزء كبير من شمال مالى. المشكل الأساسي حول الوضع في مالي هو أنّه من الممكن أن تتحول البلاد إلى قاعدة للجماعات الإرهابية، إذ يحذر مسؤولون أمريكيون وإقليميون من أن فراغ السلطة فى شمال مالى ربما يفتح منطقة عمليات موسعة للمتشددين الإسلاميين. قد يصل الأمر إلى حد تحول البلاد إلى «أفغانستان فى غرب أفريقيا». قد تأتي هذه التحذيرات الأمريكية من تضاعف الأنشطة الإرهابية في إفريقيا في إطار ما وصفته صحيفة «تيلغراف» البريطانية في بداية العام الجاري بمخطط أمريكي لنقل حربها القادمة ضدّ الإرهاب نحو إفريقيا. وفي هذا الصدد تشير الصحيفة إلى تمركز أكثر من 3 آلاف جندي أمريكي في جيبوتي القريبة من الصومال واليمن وإريتريا وأثيوبيا. إنّها بذلك اللحظة المناسبة بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة لبدأ حربها الجديدة ضدّ مربع الرعب..