سألت أحد الأصدقاء معلقا في شيء من التهكم عن تسرع ساستنا الحاليين في اتخاذ بعض القرارات المصيرية بصورة فجئية و إرتجالية :»لا أعرف هل يعيش ساستنا فترة مراهقة سياسية و حكمية(بضم الحاء)؟». فأجابني قائلا «إن الأدهى والأمرّ أنّها مراهقة متأخّرة وعادة ما تكون أقوى و أصعب من فترة المراهقة العادية كما تكون عواقبها أشدّ وطأةً». و المتعارف عليه في سن المراهقة أن الشخص يأتى بتصرفات غير مدروسة ويخوض مغامرات دون حسبان عواقبها فيشقى الأبوان والعائلة وراء عناد مراهقهم ورغبته في إثبات شخصيته وفرض رؤيته وإن جانب الصواب. هكذا بالضبط تبدو صورة بعض ساستنا-ولو أن من يشقى وراءهم هذا الوطن وهذا الشعب- فهم يلوحون بتصريحات حينا وبقرارات أحيانا أخرى ما أنزل الله بها من سلطان. وحتى من يحاول التريث في الحكم عليها حتى لا يزج به في خانة المتحاملين والمؤمنين بعقيدة «معيز ولو طاروا»،لا يجد وجاهة تذكر تشفع لهؤلاء خيارهم وتسرعهم. فبعد التسرع والارتجال في التعاطي مع قضية البغدادي المحمودي وما رافق الموضوع من تجاذبات وتصريحات وتصريحات مناقضة ومواجهات وجلسات في التأسيسي وردود أفعال وطنية ودولية. طالعنا قرار رئيس الجمهورية بإقالة محافظ البنك المركزي الذي أدخلنا في دوامة من تصريحات تؤكد وأخرى تنفي وإلى غاية كتابة هذه الأسطر لم نستطع تبين حقيقة المسألة فهل الرجل باق أم راحل؟ لا سيما والكل يرقبنا والمؤسسات الدولية المتابعة لوضعنا الإقتصادي والتي خفضت ترقيمنا في السابق تعنيها كثيرا طريقة تعاطي الفريق الحاكم مع موضوع كموضوع محافظ البنك المركزي وقد تأخذها في الحسبان في تقاريرها وترقيمها المقبل. وآخر شطحات ساستنا وليس آخرها موضوع فتح الحدود لأشقائنا المغاربة دون تنسيق مسبق مع هذه الدول ودون دراسة ولا تمحيص في وضعنا الأمني فجاء رد الجزائر قوي اعتبره البعض صفعة مناسبة علها ترجع البعض إلى رشدهم وقال آخرون إنه «إهانة» لسيادة بلادنا التي بدت في موضع العاجز عن تقدير عواقب ومخاطر قراراتها. ولعل ما يجعل المرء أشد قسوة في التقييم والحكم على بعض القرارات الأخيرة هو عدم مراعاتها للظروف الحالية التي تمر بها البلاد مما يزيد في تعكر المناخ السياسي ويعمق الخلافات بين الفرقاء ويدخل الشك والريبة بين الحلفاء. كما تتعطل الاستحقاقات المستعجلة وتسرق الأضواء من أمهات القضايا لصالح مواضيع جانبية نحن في غنى عن إثارتها على الأقل في هذه المرحلة الإنتقالية التي نعيشها والتي بطبيعتها تشوبها الكثير من المطبات والعقبات فلماذا نفتعل المزيد منها؟ أمام كل هذا لا يمتلك المرء إلا أن يتوجه إلى ساستنا قائلا»تريثوا.. وتبينوا.. وتشاوروا.. يرحمكم الله.. فالمرحلة دقيقة لا تحتمل الإرتجال ولاالتسرع.