كلما مررت بحي من الأحياء بالعاصمة أو غيرها من المدن الكبرى إلا وطالعتك سحب دخان تنبعث من هنا وهناك. وهذا الدخان الذي بات يلوث المحيط وتنبعث منه الروائح الكريهة التي تخنق المتساكنين والتي تظهر في الصباح الباكر وعند القيلولة واشتداد الهجيرة وحتى في المساء عندما يكون المواطنون يبحثون عن شيء من النسيم الصيفي العليل جالسين في شرفات منازلهم هربا من حرارة الطقس. هذا الدخان مرده سعي البعض إلى التخلص من النفايات المنزلية التي تكدست في كل زاوية وطال انتظار رفعها من أماكنها، لكن وباعتبار ما نال العمل البلدي من تقاعس صرنا نرى البعض يعمد إلى حرق هذه الفضلات غير مبال بما يصدر عنها من دخان يدمر البيئة والمحيط ويبدد الهواء النقي، علاوة على ما يمكن أن يسببه من مخاطر قد تكون سببا في حرائق. ففي جولة قادتنا إلى أحياء بسكرة(تونس) والنخيلات وجعفر وأيضا المنازه والنصر وبعض الأحياء الأخرى رصدنا هذه المظاهر التي بات يمارسها عديد المواطنين، فتراهم لا يتوانون عن حرق تلك الفضلات وبقايا الأشجار والمواد البلاستيكية، وهو عمل يعتقد البعض أنه مساهمة في رفع النفايات من الشوارع و الأنهج والزوايا وغيرها من الأماكن، لكنهم لا يدركون خطر ما يقومون به، ولا يفهمون أن نظافة المدينة تقوم على الحس المدني الذي يشارك فيه الجميع في أعمال تطوعية برفع الفضلات لا حرقها على عين المكان. و الغريب في الأمر أن هذه الممارسات ليست من صنيع المواطنين لوحدهم بل بلغتنا تشكيات من مواطنين تفيد بأن العديد من العمال البلديين وفي دوائر مختلفة باتوا يعمدون بدل رفع هذه الفضلات إلى حرقها على عين المكان وذلك للتخلص منها، وهو أمر يتنافى وعملهم اليومي، ويدل على مظاهر التهاون والتسيب الحاصل من طرفهم في ظل غياب المراقبة والمتابعة لنشاطهم اليومي في المحيط البلدي الذي يتحركون فيه. إن مظاهر حرق النفايات على اختلاف أنواعها يمثل في الحقيقة شيئا من الاستخفاف والاستهتار سواء أكان صادرا عن بعض المواطنين أو عن أعوان البلدية، ولعل هذه الصورة تضاف إلى جملة التجاوزات التي تحصل في مجالات مختلفة، وهي أمر لم يكن يحصل في السابق، ولا بد من التحرك لجعل حد له، خاصة أن الأضرار التي تنتج عنه عديدة ومتنوعة ولا تعكس حس بالمواطنة.