يثير الخلاف القائم مؤخرا بين أعضاء «اللجنة التشريعية والتنفيذية والعلاقة بينهما» بشان طبيعة الحكم للبلاد (برلماني أو رئاسي معدل) مخاوف البعض من أن يبقى مبدأ التوافق والتشاور بما يخدم مصلحة البلاد شعار الانسجام له على ارض الواقع حيث يشيرون الى انه كلما يتعلق الأمر بمسألة هامة وجوهرية على غرار طبيعة نظام الحكم القادم حتى يبدي الحزب الفائز بالأغلبية انفرادا وتغولا بالرأي داخل قبة المجلس التأسيسي ضاربا عرض الحائط بمصلحة البلاد على حد تعبير البعض. وفي خضم هذا التجاذب الحاصل يحق طرح التساؤل التالي هل أن هناك فعلا مؤشرات جدية على بروز ملامح ديكتاتورية للمرحلة القادمة؟ يرى أيمن الزواغي عضو المجلس التأسيسي عن تيار العريضة الشعبية أن مبدأ التوافق غائب ولا نية للحزب الفائز بالأغلبية في الالتزام به.واعتبر الزواغي أن النهضة تسعى إلى فرض رأيها فيما يتعلق بنظام الحكم القادم رغم أن رأيها يمثل أقلية في هذه المسألة. و تبعا لذلك باتت لجنة التشريع العام عاجزة عن متابعة سير أعمالها في ظل سيادة منطق التغول بالرأي علما أن النهضة تسعى إلى فرض رأيها في جميع المسائل الهامة على حد تعبيره.وأضاف الزواغي أن التغول بلغ حد تعليق عمل اللجان ليوم أمس لا لشيء لان النهضة تعقد مؤتمرها ولن تكون حاضرة. تكريس لديكتاتورية وأشارت سامية عبو عضو المجلس التأسيسي عن المؤتمر من اجل الجمهورية الى أن النهضة تسعى إلى تكريس ديكتاتورية جديدة لأنها تدرك تماما ما مدى خطورة النظام البرلماني على تونس ومع ذلك تسعى إلى اعتماده مشيرة إلى أن الانفراد بالرأي يكرس حتما الاستبداد. سياسة التغول وأضافت عبو أن باقي الأعضاء ليسوا ضد النهضة كما أنهم لا يرومون إسقاط الحكومة غير أن المنطق الذي تتعامل به الحركة يؤشر لمبدإ التغول.وأوضحت عبو في هذا الإطار أن عضوا من حركة النهضة كان قد صرح على أمواج إحدى الإذاعات بان الحكومة الحالية هي حكومة النهضة الأمر الذي مثل مفاجأة . كما بينت عبو أن التحالف الحالي لا يعد ناجحا في ظل التفرد بالرأي.من جهة أخرى أكد صالح شعيب عضو المجلس التأسيسي عن التكتل من اجل العمل والحريات ان التباين في الآراء موجود منذ انطلاق عمل المجلس وهنالك أيضا تباين كبير بين المعارضة والترويكا ومع ذلك فان الديكتاتورية وجدت صداها تحت قبة المجلس التأسيسي وما زاد من تدعيمها هو تنكر حزبي المؤتمر والتكتل لمبادئهما وتدعيمهما للحزب الفائز بالأغلبية حتى بات مسيطرا على الموقف داخل المجلس التأسيسي على حد تعبيره وهو ما يبرره الانسلاخات الحاصلة في كل من الحزبين. ليسوا أغلبية وأضاف شعيب أن الوضعية داخل المجلس التأسيسي تتلخص في جملة من النقاشات بين مختلف الأعضاء بشان عديد المقترحات قبل عرضها على التصويت لينتهي الأمر في نهاية المطاف إلى تحالف النهضة مع «بقايا» التكتل والمؤتمر على حد وصفه دون الأخذ بعين الاعتبار باقي المقترحات.وأشار إلى أن تونس تعيش أزمة سياسية وفي مأزق كبير جدا كما أنها تمر بمرحلة خطيرة معتبرا أن القضية اليوم ليست قضية أغلبية أو أقلية علما انه بالرجوع إلى عدد الناخبين لحركة النهضة يتضح جليا أنهم لا يمثلون أغلبية وبالتالي لايحق لهم التكلم باسم الشعب.كما اعتبر شعيب أن كلمة حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقتة خلال افتتاح مؤتمر النهضة أمس تعتبر خطيرة استنادا إلى انه أشار إلى أن الترويكا تمثل «إستراتيجية» أي أنها ستمتد على مدة زمنية طويلة وهو ما يمثل خطرا على استقرار البلاد وعلى النمو الاقتصادي والاجتماعي لها.ويعتبر شعيب أن الخروج من الأزمة رهين التوافق والتنصل من منطق الأغلبية. إعتداد بالنّفس يقر الحقوقي زهير مخلوف أن الانفراد بالرأي من قبل حزب الأغلبية موجود وقد برز ذلك في أكثر من نقطة خلاف غير أن الأمر تجاوز مجرد ذلك حد بعثها برسائل تؤكد اعتدادها بنفسها فكأنها ضامنة بأنه سيقع انتخابها خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.وهو مؤشر خطير استنادا بان مثل هذه الإشارات قد تنبئ باعتماد أشكال متخفية وملتوية قصد الضغط على الرأي العام وعلى المجلس التأسيسي.وأضاف مخلوف أن الأمور لم تصل بعد مرحلة الصراع الحقيقي غير أنها تبقى إشارات خفية تنبئ باعتداد بالنفس أما بشان التجاذب فيما يتعلق بنظام الحكم فقد ذكر الحقوقي انه على النهضة أن ترحّل المسالة إلى المجلس الوطني التأسيسي لان الخلاف جوهري لذا فلابد أن يشارك جميع الأطراف وجهات نظرها وان يقع التواصل الى توافق حولها.