«الحقيقة الكاملة للدين لا يملكها فرد، اوجيل، او بيئة، ومعناها ان التطبيق المثالي للدين ليس مقصورا على صورة واحدة لا يتعداها، فكلما تقدم العقل، وازدادت حصيلته من المعرفة، ومقدرته على التفكير، وكلما ارتقى المجتمع، وتطورت حياته من الشكل البسيط الى الشكل المركب، اتسع الأفق، وتعمق العقل في النفاذ لحقائق الدين الاساسية» لهذا أفادنا الحسن بن علي بقوله «ما ضربت ببصري، ولانطقت بلساني، ولا بطشت بيدي، ولا نهضت على قدمي، حتى أنظر أعلى طاعة، أم على معصية، فان كانت طاعة تقدمت، وان كانت معصية تأخرت» وهذا السلوك لا أشك انه من تأثره بجده محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: «اذا أردت أن تفعل أمرا فتدبر عاقبته فان كان خيرا فأمضه، وان كان شرا فانته» رواه ابن المبارك وقد قال عليه الصلاة والسلام «ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه، ولا علم ليس فيه تفهم، ولا قراءة ليس فيها تدبر» وقال صلى الله عليه وسلم «إذا أردت أمرا فعليك بالتوءدة حتى يريك الله منه المخرج» رواه البيهقي وأبو داود. فلماذا يتناسى المتطفلون حديث خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام «عليك بالعلم فان العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمه، والرفق أبوه، واللين أخوه، والصبر أمير جنوده» رواه الترمذي الحكيم عن ابن عباس. فالمقصود هو العلم الشرعي النافع، قال القاضي: «العقل غريزة في نفس الانسان يدرك بها المعاني الكلية ويحكم ببعضها على بعض وهو رئيس قوى الانسان وخلاصة الخواص النفسانية ونور الله في قلب المؤمن المعني بقوله «مثل نوره كمشكاة فيها مصباح» (النور آية 35) وبدليل قراءة ابن مسعود نوره في قلب المؤمن، ولذلك سمية لبا وبصيرة (والعمل قيمة والرفق أبوه) أي اصله الذي ينشأ منه ويتفرع عليه وكل من كان سببا لايجاد شيء او اصلاحه او ظهوره يسمى أبا، ولذلك سمي النبي صلى الله عليه وسلم أبا المؤمنين (واللين أخوه والصبر أمين جنوده) فاللين ضد الخشونة، والصبر نقيض الجزع، وهو بمنزلة الرأس من الجسد قال عليه الصلاة والسلام «الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد» روي عن أنس وعلي «دين المرء عقله ومن لا عقل لا دين له» عن جابر. الاسلام دين براء من الرهبانية فقد روي عن أنس بن مالك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فان قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات (رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) (الحديد اية 26) وفي حديث صحيح روي عن أبي ايوب (لا تبكوا على الدين اذا وليه اهله ولكن أبكوا عليه اذا وليه غير أهله» وفي القرآن الكريم نهي عن الغلو «لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل» (المائدة آية 77) والاسلام دين براء من العنف بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الله رفيق يحب الرفق ويعطي عليه ما لا يعطي عن العنف» روي عن أبي هريرة، وعلي، وانس وغيرهم فالمطلوب من المسلم ليكون صادقا في اسلامه ومؤمنا ان يلتزم بقول خاتم المرسلين عليه الصلاة والسلام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم واموالهم» رواه احمد والنسائي، والحاكم، وابن حبان، عن أبي هريرة في حديث صحيح تلك هي الحقيقة: «بشر ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» حديث صحيح رواه احمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أنس.