بحضور أعضاء جمعية القضاة ورئيستهم كلثوم كنو، واصل نواب المجلس الوطني التأسيسي مساء أمس في جلسة عامة انعقدت بقصر باردو مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث هيئة وقتية تشرف على القضاء العدلي. ورصد بعض النواب عدم استجابة المشروع المعروض عليهم للمعايير الدولية، وحذروا من إمكانية الطعن فيه من قبل المحكمة الادارية مشددين على ضرورة أن تكون هذه الهيئة مستقلة وأن يقع الوفاء للفصل 22 من القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط، الذي ينص على أنه "بعد التشاور مع القضاة يصدر المجلس الوطني التأسيسي قانونا أساسيا ينشئ بموجبه هيئة وقتية ممثلة يحدد تركيبتها وصلاحياتها وآليات تكوينها للإشراف على القضاء العدلي تحل محل المجلس الأعلى للقضاء. إستقلالية الهيئة تردد التأكيد على استقلالية الهيئة المؤقتة للقضاء العدلي عديد المرات وفي هذا الصدد دعا البشير النفزي إلى ضرورة ضمان استقلالية السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية.. وطالب بفتح ملفات الفساد بهذا القطاع. وتساءل "هل أن الهيئة المؤقتة التي ستحدث من أجل الإشراف على القضاء العدلي يمكنها أن تراجع قرارات وزير العدل التي اتخذها طيلة الفترة الماضية من تعيينات واعفاءات؟" وتساءل شكري يعيش عن سبب التأخير في النظر في مشروع القانون ولاحظ عدم وجود ارادة حقيقية لتكريس قضاء مستقل. وبين جمال القرقوري ان المطلوب هو الانتقال من قضاء فساد واستبداد الى قضاء مستقل على ان تكون العملية خارج التجاذبات السياسية، ولاحظ ان وزارة العدل اقالت قضاة وتساءل عن المعايير المعتمدة للعزل. ووطالب صالح شعيب بالسماح لأعضاء جمعية القضاة بإبداء الرأي خلال الجلسة العامة حول مشروع القانون المعروض عليهم. وأكد سليم بن عبد السلام أنه من غير المقبول اقصاء المسؤولين في الجمعيات القضائية المناضلة من الترشح للهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي. واقترح طارق العبيدي أن يكون رئيس الهيئة المؤقتة للإشراف على القضاء العدلي منتخبا من قبل المجلس الوطني التأسيسي. ولاحظ تغييب العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية المهتمة بالقضاء والمساهمة في الثورة في التركيبة واقترح ارجاع المشروع للجنة حتى تكون فلسفته مبنية على الاصلاح وتطهير القضاء. وبينت النائبة ربيعة النجلاوي أن ضمانات استقلالية القضاء هي في ألا تكون المنظومة القضائية خاضعة لأية سلطة أخرى ودعت للابتعاد عن آلية التعيين تجنبا لتدخل السلطة التنفيذية في السلطة القضائية.. واكدت على مبدإ التناصف في الهيئة وان تتمتع بالاستقلال الاداري والمالي وان تكون لها الصبغة التقريرية وان يكون لها مقر خاص بها لا مكتبا في وزارة العدل. وأكد ناجي غرسلي على ضرورة ان تكون الهيئة الوقتية منتخبة وفي سائر الدرجات، واستفسر إن كانت الهيئة ستشرف على التعيين والنقل والترسيم فما الضرورة لإسناد القرار لرئاسة الدولة؟، مشيرا إلى وجوب أن تكون قراراتها غير قابلة للتعديل. وبينت ريم ثايري ان استقلال القضاء هو شرط لضمان الانتقال الديمقراطي، وذكرت أن مشروع القانون المعروض يمثل وجهة نظر الحكومة وحدها، إضافة إلى أنه لم يشر الى استقلالية الهيئة ولم يمنحها سلطة تقريرية، الأمر الذي يكشف تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية كما لاحظت أن تركيبة الهيئة مختلة. وبين محمد العلوش ان مصداقية المجلس التأسيسي في الميزان وهو مدعو إلى أن ينجح في سن سلطة قضائية مستقلة وذكر أن مشروع تركيبة الهيئة يحمل في شكله وتصوره تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية.. ودعا النواب إلى الكف عن الانحياز للسلطة التنفيذية.. ولاحظ نعمان الفهري أن النواب امام خيارين اما استقلال القضاء استقلالا تاما او تبعيته للسلطة التنفيذية.. لان الاستقلالية لا تتم الا اذا توفرت الاستقلالية المالية. وقال إن المس من استقلالية القضاء خط أحمر وإن اصلاح القضاء هو دور المجلس التأسيسي وليس دور الحكومة ودعا لتكوين لجنة صلب المجلس تتولى عملية الاصلاح. المعايير الدوليّة وفي توضيح للمعايير الدولية الواجب احترامها عند تكوين هيئة تشرف على القضاء العدلي لاحظ سمير بالطيب أن الكلام كثر عن المعايير الدولية التي تحكم استقلالية القضاء ومن المهم توضيحها.. وتنص على أن: "استقلال القضاء مضمون من قبل الدولة ومنصوص عليه في الدستور وهو يمارس بعيدا عن كل أشكال التدخل المادي أو المعنوي وان توفر الدولة كل الوسائل الضرورية ليمارس القضاء مهامه ولكي يكون القضاة احرارا في تكوين جمعيات القضاة.. وأن لا يمكن توقيف قاض او عزله الا اذا كان غير مؤهل بسبب عجز. وحذر في موضع آخر من حديثه من أن تعتمد وزارة العدل على جهاز مواز يفرغ هذه الهيئة من محتواها. وذكر محمد الحامدي أن الاستقلالية الحقيقية للهيئة التي ستشرف على القضاء العدلي يجب أن تتم وفق المعايير الدولية. وتساءل: "لماذا حجبت الاستشارة التي رفعت للمحكمة الادارية حول مشروع القانون عن النواب."؟ وفي نفس الصدد ذكر أحمد السافي أن المحكمة الادارية أبدت رأيها في مشروع القانون وبينت أنه يتعارض مع المعايير الدولية ومع مبدأ استقلالية القضاء. وأكد أحمد الخصخوصي على ضرورة أن يتم احترام المعايير الدولية في عملية احداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلي، وان تمارس هذه الهيئة اختصاصاتها بكل استقلالية وان تحال إليها جميع الاختصاصات المرتبطة بالشأن القضائي وأن تتمكن من ممارسة مهامها بكل استقلالية عن السلطة التنفيذية و المجلس النيابي.. وتحدث النائب عن التشويه الذي تعرض له من قبل التلفزة الوطنية وأثنى على موقف نقابة الصحفيين وخاصة عضوها زياد الهاني المندد بهذه الممارسات. وبينت سعاد عبد الرحيم انه من الضروري ان تكون المعايير الدولية واضحة في الأذهان بعيدا عن المزايدات السياسية والتجاذبات بين الأحزاب. القانون المنظم للسّلط دعا عدد من النواب لضرورة احترام ما ورد في القانون المنظم للسلط وفي هذا السياق لاحظ النائب محمد قحبيش أن الانموذج القضائي في دستور 1959 كان محل رفض من قبل القضاة تجسم في مصادمات بين السلطتين التنفيذية والقضائية نتج عنها اضطهاد رجال القضاء، كما أن الرفض الثاني كان من قبل المحامين والحقوقيين وجاء الرفض الثالث مجسما في المطالب الشعبية باستقلال القضاء خلال الثورة. تطهير طالب عدة نواب بتطهير القضاء وفي هذا السياق بين النائب سمير بن عمر أن اصلاح منظومة العدالة لا يتم بمجرد انشاء هيئة مستقلة للإشراف على القضاء بل يتطلب تطهير القضاء والمحاماة وإعادة هيكلة القضاء وسن مدونة أخلاقيات المهنة. ودعت سلاف قسنطيني وزير العدل لمواصلة تطهير القضاء. فيما دعا الأزهر الشملي إلى محاسبة رموز الفساد والرشوة في القضاء، وإلى منع الترشح لعضوية الهيئة على كل قاض متورط في الفساد. وطالب بالاستقلالية الادارية والمالية للهيئة المؤقتة. ودعا أزاد بادي إلى الدخول بصفة جدية في اصلاح القضاء وتطويره وفتح حوار وطني بشأنه والكشف عن علاقة القضاة بالبوليس السياسي من خلال كشف ملف البوليس السياسي، ولاحظ أن الهيئة لها دور بالغ الاهمية في اعادة بناء مؤسسات الدولة لذلك يجب ان تتمتع بالاستقلال الاداري والمالي وان يكون لها مقر خاص.. وتحدثت فطوم لسود عن الفساد الذي ينخر القضاء وذكرت أن المعايير الدولية لاستقلالية القضاء لا تقتصر على الحقوق بل هناك واجبات يجب على القاضي احترامها.. وبينت ان المواطن التونسي ينشد قضاء عادلا ويريد أن يمثل أمام القاضي وهو مطمئن النفس. سعيدة بوهلال
خلاف حاد بين القصّاص والخلولي و كانت الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة مشروع القانون رفعت بسرعة لمدة ربع ساعة بعد خصومة نشبت بين النائبين إبراهيم القصاص وعبد الرزاق الخلولي كادت تنتهي باعتداء جسدي من قبل القصاص على الخلولي وعند العودة للنقاش قدمت النائبة الأولى لرئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي الاعتذار، كما اعتذر القصاص على ما بدر منه من تشنج ونفى أن يكون قد هدد خصمه بسكين.