الأعنف منذ 80 عاماً.. فيضانات روسيا تغمر 18 ألف منزل    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    عقب "الهجوم المركب".. غارات إسرائيلية عنيفة على لبنان    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    نابل: تواصل البحث عن عامل إنهار عليه بئر    رماد بركان ثائر يغلق مطارا في إندونيسيا    تسوية وضعية عمال الحضائر أقل من 45 سنة    قضية التآمر: هيئة الدفاع عن السياسيين الموقوفين تقرر مقاطعة جلسة اليوم    طقس اليوم الخميس    وزارة الأسرة تطلق حملة اتّصالية للتّوقّي من المخاطر السّيبرنيّة على الأطفال    تعيين أوسمان ديون نائبا جديدا لرئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    سليانة: السيطرة على حريق نشب بجبل برقو بمنطقة عين بوسعدية    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة(مرحلة التتويج-الجولة9): النتائج والترتيب    عبد المجيد جراد رئيسا جديدا للجامعة التونسية للكرة الطائرة    معاقبة النادي الصفاقسي باجراء مباراتين دون حضور الجمهور    زغوان: تطور في قيمة نوايا الاستثمار في قطاع الخدمات في الثلاثي الاول للسنة الحالية    توزر: تأمين 22 رحلة من مطار توزر نفطة الدولي نحو البقاع المقدسة ذهابا وايابا منذ انطلاق موسم العمرة في ديسمبر 2023    سجن الصحفي محمد بوغلاب 6 اشهر مع النفاذ    حسام الدين الجبابلي: يجري التنسيق من أجل تسهيل العودة الطوعية للمهاجرين من دول جنوب الصحراء أو تقديم الدعم للراغبين في البقاء    خمسة عروض من تونس وبلجيكا وفرنسا في الدورة الثانية لتظاهرة المنستير تعزف الجاز    أطفال من بوعرادة بالشمال الغربي يوقعون إصدارين جماعيين لهم في معرض تونس الدولي للكتاب 2024    أريانة: الدورة الثانية لأيام المنيهلة المسرحية من 17 إلى 23 أفريل الجاري    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    لعبة الإبداع والإبتكار في كتاب «العاهر» لفرج الحوار /1    نيبينزيا: على مجلس الأمن أن يدرس بشكل عاجل مسألة فرض عقوبات ضد الكيان الصهيوني    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    الفضيلة    غدا افتتاح معرض تونس الدولي للكتاب...إمضِ أبْعد ممّا ترى عيناك...!    بطولة شتوتغارت... أنس جابر تطيح بالروسية إيكاترينا    أخبار الترجي الرياضي...يان ساس جاهز وأندري بوكيا لغز كبير    أخبار المال والأعمال    لدعم الميزانية والمؤسسات الصغرى والتعليم العالي والبحث العلمي: توقيع 3 اتفاقيات مالية بين تونس وإيطاليا    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    توننداكس يتجاوز حاجز 9 آلاف نقطة مع اغلاق تداولات الاربعاء    تونس: حجز 6 أطنان من السكر المعد للاحتكار في الحرايرية    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    لإنقاذ مزارع الحبوب: تزويد هذه الجهة بمياه الري    جورجيا ميلوني: "لايمكن لتونس أن تصبح دولة وصول للمهاجرين"    ححز كوكايين وأقراص مخدّرة لدى 3 شبان يعمدون إلى ترويجها في الكاف    صافي سعيد: هذا ما أعد به المساجين السياسيين إذا فُزت بالرئاسية    عاجل/ القبض على شخصين متورطين في طعن عون أمن بهذه الجهة    سعيّد لميلوني: موقفنا ثابت.. تونس لن تكون مستقرا أو معبرا للمهاجرين    قتل مسنّ حرقا بمنزله: القبض على 6 أشخاص من بينهم قصّر    المركز العسكري لنقل الدّم يتحصّل على شهادة المطابقة للجودة    سيلين ديون تكشف عن موعد عرض فيلمها الجديد    بطولة شتوتغارت: أنس جابر تضع حدا لسلسة نتائجها السلبية وتتاهل الى الدور ثمن النهائي    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يفرض الويكلو على التحضيرات    صفاقس: حادث مرور يخلف 5 اصابات    رئيسة الوزراء الإيطالية ميلوني في تونس اليوم..    بعد صمت طويل: هذا أول تصريح لأمين قارة بعد توقّف برنامجه على الحوار التونسي    علامة ''هيرمس'' تعتذر لهيفاء وهبي    مباراة الترجي وصانداونز: تحديد عدد الجماهير وموعد انطلاق بيع التذاكر    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    فتوى جديدة تثير الجدل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدق نجم الفكاهة ما وعد
جمال دبّوز في قرطاج:
نشر في الصباح يوم 04 - 08 - 2012

جمهور قرطاج الغفير في حركة غير مسبوقة يطالب بعض رجالات السّياسة بمغادرة المسرح
صدق جمال دبوز الكوميدي الفرنسي من أصل مغربي فيما وعد به قبل دقائق من صعوده على ركح المسرح الأثري بقرطاج في سهرة أول أمس في لقاء إعلامي في كواليس المهرجان عندما قال:" الجمهور سيكون موعودا في ظروف استثنائية في فضاء الضحك لقضاء سهرة متميزة وإنني لشديد الحرص على أن أكون في مستوى انتظاراته."
ليفي العرض حق الأعداد الكبيرة من الجماهير التي توافدت على المكان لحضور العرض منذ ساعات مبكرة قبل الموعد المحدد له، حقها في الضحك والاستمتاع بأجواء السعادة على امتداد ما يقارب الساعتين والنصف. الجمهور كان غفيرا حتى أن أعدادا كبيرة من الحاضرين اكتفوا بالجلوس على جنبات المسرح والاكتفاء بالاستماع إلى جمال دبوز.
ومثلما كان العرض استثنائيا من جميع المقاييس فقد سجل أيضا موقف غير مسبوق في المسرح الأثري بقرطاج على مر الدورات التي اشتعلت فيه أضواؤه وتمثلت في مطالبة الجماهير الحاضرة لبعض رجالات ونساء السياسة بمغادرة المكان واستعملوا مصطلح الثورة الشهير"ديغاج" في وجههم بعد ان تفطنوا لوجودهم بالمكان على غرار سمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية وسهام بادي وزيرة المرأة ومحزرية العبيدي نائبة رئيس المجلس الوطني التأسيسي وغيرهم ولئن كان جمال دبوز قد عبرعن اعجابه ومساندته لهذه الحركة بعد أن علم بهوية "المطرودين" فإنه أنقذ الموقف بعد ان اعتبر حضورهم في المكان بصفتهم جمهور لا غير.
ولعل صدقه أيضا في حرصه على إضفاء مسحة من أجواء الفرح والسعادة على الآخرين من العوامل التي جعلت من هذا الكوميدي يحقق النجاح الكبير في مختلف المحطات العملية التي توقف عندها ككوميدي في مسيرته التي قاربت العقدين رغم أنه في منتصف العقد الثالث من عمره، بدءا بالإذاعة مرورا بالتلفزة في قناة+ أو غيرها من القنوات الفرنسية في السكاتشات التي كان يقدمها وصولا إلى السينما والعروض المسرحية الكبرى في شكلها الحالي.
جمال دبوز يلتقي الصحافة لحظات قبل العرض
كان اللقاء الإعلامي القصير، الذي أراده جمال دبوز مصافحة لتونس من خلال مرآتها قبل مصافحته للجمهور، بمثابة بروفة أوليه من عرضه. فلم يبد تكلفا ولم يستنجد بنواميس الفنانين الكبار في الدخول والاجابة عن التساؤلات بل كان في كلامه أحيانا عفويا وذكيا ولبقا وأخرى جريئا وفضا لكن دون أن يسقط في الاستهجان مما جعل الحديث يسير على المنحى الذي يريد هذا الكوميدي خاصة فيما يتعلق بخصوصية الكوميديا التي يقدمها وأبرز المراحل التي عرفها في ظل حرصه على تجاوز الصعوبات التي عرفها مع عائلته كمهاجر عربي(مغربي) في بلد أوروبي (فرنسا) فضلا عن تأكيده على أنه على بيّنة بالراهن السياسي والاجتماعي لتونس وما شهدته من تطورات في الأحداث بعد الإطاحة بنظام الحكم البائد. كما بدا متلهفا لملاقاة الجمهور في هذه المناسبة التي يقول أنه انتظرها كثيرا.
كما اختار أن يموضع هذه الزيارة والعرض ليكونا في جهة تونس التي انتظرها الشباب الذي قدم انجازا للشعب شعاره الحرية والكرامة من خلال ثورة غيّرت العالم. ولم يكتف بصنع الابتسامة والضحكة الصادقة من خلال مسرحة حياته الخاصة وعائلته والمقربين منه ليقدمهم في عرض "وان مان شو" بل أكد مرة أخرى أنه ماض في مشروعه الفني الذي أسس له بمراكش موطن أسرته بعد أن بعث مهرجان "مراكش للضحك" وهو مهرجان موجه لاستقطاب والتعريف بالكوميديين من بلدان مغاربية وذلك من خلال تقديم الكوميدي الجزائري ماليك بن طلحة الذي يسير على خطاه ليصعد قبله على ركح المسرح لمدة نصف ساعة تقريبا في مشاهد استحسنها الجمهور الحاضر وتفاعل معه بالتصفيق.
ولم يخف جمال دبوز اعجابه بقدرات هذا الكوميدي الذي يحتضن تجربته ويتنبأ له بمستقبل زاهر في مجال الكوميديا الساخرة والنقدية.
السياسة تنتصر للضحك
كانت مصافحة الكوميدي الجزائري ماليك بن طلحة بمثابة تمهيدا لتحضير الأعداد الكبيرة من الجماهير التي جاءت منذ ساعات مبكرة إلى المسرح. فتطرق كوميديا وبأسلوب ساخر وعلى طريقة البطل الرئيسي للعرض إلى ما يعيشه الشباب العربي المهاجر بفرنسا وتحديدا المهاجر المغاربي من صعوبات منتقدا مظاهر التمييز في الدراسة ومعاناة الفقر والخصاصة وصعوبة الاندماج.
ولم تطل فترة انتظار الجماهير لإمبراطور الكوميديا كما يلقبه البعض ليكون صعوده على الركح بداية من الساعة الحادية عشرة ليلا. كما لم يجنح الطرفان إلى فترة جسّ النبض بل سريعا ما انخرطا في تجانس وتواصل بدأه الكوميدي بأسلوبه المعروف في جعل الجمهور يكون طرفا في عرضه أو من خلال مواقفه وردود أفعاله على الركح لتكون الشخوص الحاضرة منطلقا لعرضه ليردف ذلك بسرد مواقف تعرض لها عند مجيئه إلى تونس سواء عند استقباله في المطار أو أثناء إقامته بالنزل. شكلت مسائل الديمقراطية والحرية والعلاقة بالجانب الديني وكذلك الرياضة والثقافة وما تشهده بلادنا من تجاذبات سياسية واجتماعية منطلقا للهزل وانتقد جمال دبّوز هذه المظاهر في مواقف كوميدية تفاعل معها الحاضرون.
جمهور في قلب اللعبة
وساعد الجمهور في نجاح العرض بالسكون والوجوم المطبق على الفضاء بما ضم وحوى باستثناء بعض الكلمات الصادرة عن بعض من يبدو أنهم تمرسوا على مواكبة عروض جمال دبوز أو ممن يستدرجونه لسماع انتقاداته ومواقف الساخرة من بعض المسائل والأشخاص. مما يسر مهمته في هذا العرض الذي كان ينطق نقدا وسخرية ويعلن في أشكال كاريكاتورية وبأسلوبه المعروف الذي كان قريبا في مشاهده ومفرداته من واقع المواطن المغاربي الذي رزح تحت وطأة الغربة والتهميش والفقر والتمييز. في المقابل يقدم فضل هؤلاء المهاجرين على فرنسا في الرياضة والسياسة والثقافة والاقتصاد من خلال ابراز بعض الأسماء قبيل زين الدين زيدان وكريم بنزيمة وسامي النصري... في المنتخب الفرنسي لكرة القدم او رشيدة داتي الوزيرة السابقة والكادحين الذين يشكلون اليد العاملة التي تبني اقتصاد وتنمية فرنسا منتصرا من خلال هذه المعادلة لهذا الشق من المهاجرين المهمشين الذين عانوا من العنصرية ويبرر قبولهم في هذا البلد تحت داعي الايمان بالحرية وحقوق الانسان والديمقراطية.
فرغم أنه اكد انه يؤثث عروضه ويعمل على اضحاك الآخرين من خلال تسخيره حياته الخاصة لهذا الهدف إلا ان عرضه كان مضمّخا بما هو سياسي واجتماعي خاصة من خلال استحضار عديد الأسماء السياسية في العالم وما عرفته تحركاتها من تداعيات على الأفراد والمجتمعات على غرار أوباما وساكوزي والمرزوقي وهولاند. فكان يتحرك على الركح بخفة يعتمد بقوة على الإرتجال رغم أن الخطوط العريضة للعرض محددة مسبقا وحافظ على ابطالها ومحيطها بدءا بعائلته كوالده وأمه وبعض أقاربه والمعاهد التي درس بها والأطراف التي كان لها دور وتأثير كبير على حياته وإبداعه وصولا إلى زوجته الصحفية الفرنسية المشهورة ميليسا توريو وابنه. لكن وكما هو معروف فإن مواطن القوة عند الكوميدي جمال دبوز تكمن في قدرته على الإرتجال في كل لحظة وسرعة بديهته وذكائه في اقتناص اللحظة وتحويلها إلى موقف كوميدي هزلي يسحر به الجمهور وهو ما لم يبخل به على الجمهور التونسي في قرطاج وخاصة عندما استحضر لصوص البلاد في مواقف جد فكهة.
والحقيقة أن العرض ورغم أنه كان مضمخا بالسياسة والقضايا الإجتماعية فإنه ساهم بفضل حرفيته في إدخال البهجة واقتناص الضحكة الصادقة من جمهور هرب من السياسة وتداعياتها إلى لحظات يتحرّر فيها من أعباء كل ذلك مستسلما لروح النكتة التي يتميز بها النجم الكوميدي. ببساطة كانت سهرة غير قابلة للنسيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.