حراك مجتمعي كبير يعيشه المشهد السياسي منذ بدء بروز أولى بوادر فصول الدستور الجديد، هذا الحراك ميزه تدخل مختلف مكونات المجتمع المدني والسياسي حول ما يشوب أشغال المجلس الوطني التأسيسي وما خلقته من تجاذبات واشكاليات فيما يتعلق بالحقوق والحريات سواء همّت المرأة والطفل أو حريّة الرّأي والتّعبير وما خلفته مصطلحات وصفها عديد الملاحظين بالفضفاضة وغير الدقيقة من ردود أفعال. آخر هذه التحرّكات والمساعي تجسدت في لقاء جمع السبت مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي بوفد من المعهد العربي لحقوق الإنسان يتقدمه عبد الباسط بن حسن وحضره عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وممثلين عن الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تسلم خلاله رئيس المجلس وثيقة "عهد تونس للحقوق والحريات" التي قدمها رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان "أداة من أجل الضغط في إتجاه دسترتها وفتح حوار مع المجلس الوطني التأسيسي". فقد بين عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان في تصريح هاتفي لل "الصباح" على "ضرورة أن تكون مسألة الحقوق والحريات في قلب عملية التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد بدءا بكتابة الدستور الجديد، مرورا بإصلاح المؤسسات القضائية والإعلامية وغيرها من أجل إقامة العدالة الإجتماعية وإنشاء حوار مجتمعي بعيدا عن أي تجاذبات" مضيفا بأن "هذه الوثيقة تعد أيضا أداة للعمل على حماية الحريات ومن أجل التذكير على أنه لا مجال للمس منها في هذه المرحلة من البناء والتأسيس" وهي كذلك "أداة لتثقيف مختلف شرائح المجتمع ومكوناته وهي بالتالي وثيقة منهج بالنسبة لمكونات المجتمع المدني وغيرها من أحزاب وفاعلين في مجال حقوق الإنسان من أجل الدفاع عن هذه المتطلبات". حقوق مهدّدة كما أكد عبد الباسط بن حسن أن وثيقة "عهد تونس للحقوق والحريات" جاءت لتدعم مسار الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان الكونية التي أضحت مهددة خاصة لما وقع التماسه من "تراجع في بعض الحقوق والحريات سواء من ناحية صياغة المشروع الجديد للدستور خاصة في غياب كلمة المساواة في مجالات خاصة فيما يتعلق بالمرأة والطفل وهو ما يؤكد ضرورة قيام المجتمع المدني للقيام بكل الجهود من أجل الضغط لتحسين هذه الوثيقة حتى لا تؤدي بنا إلى التأخر والتراجع" من جهة أخرى ثمن مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي "هذه المبادرة باعتبارها قوة اقتراح على حد تعبيره" مؤكدا على "ضرورة فتح جسور تواصل مع اللجنة التأسيسية للحقوق والحريات لفتح نقاش حول مضامين هذه الوثيقة" قائلا أن "هذه المبادرة تأتي في وقتها ومجالها ونحن في مرحلة مفصلية ومحددة للمستقبل وأن مسألة الحريات تبقى من الأولويات التي لا يمكن المساس بها مع واجب التحلي باليقظة الدائمة حتى يكون الدستور دستور جميع التونسيين والتونسيات. وللتذكير فإن "عهد تونس للحقوق والحريات" جاء بمبادرة من المعهد العربي لحقوق الإنسان وبدعم من الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والهيئة الوطنية للمحامين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وعديد المنظمات الحقوقية والمدنية الأخرى، حيث تم يوم الأربعاء 25 جويلية 2012 الإعلان عنها. وقد تضمن "عهد تونس للحقوق والحريات" تسعة مواد، جاءت المادة الأولى تحت عنوان "الحق في الحياة الكريمة"، والثانية "الحق في الحماية والأمان"، والثالثة "الحق في الإختيار الحر"، والرابعة "الحق في المساواة وعدم التمييز"، أما المادة الخامسة فجاءت تحت عنوان "الحق في المواطنة والمشاركة"، في حين وردت المادة السادسة تحت تسمية "الحق في التنمية الإنسانية" ، أما المادة السابعة فقد تضمنت "الحقوق الفكرية والثقافية والإبداعية"، والثامنة تحت عنوان "الحق في بيئة متوازنة" وآخرها جملة "الضمانات".