ما من شك أن جراحات العالم الإسلامي و»مآسيه» متعددة ومختلفة... بعضها من «صنع» المسلمين أنفسهم وبعضها الآخر بفعل فعل.. وما من شك أيضا أن هذا العالم الإسلامي وكما ذهب إلى ذلك السيد أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي «يمر اليوم بأصعب فترة في تاريخه» لا فقط من حيث مجموع التحديات القديم منها والمستجد التي تواجهها «الأمة» على مختلف الأصعدة (سياسيا واقتصاديا وحضاريا) وإنما أيضا بسبب هذه «الأحداث الجسام» التي عرفتها وتعرفها بعض الدول الإسلامية والتي يبدو أنها ستنال بفعل اختلاف المواقف السياسية الرسمية منها من درجة التضامن و»التنسيق» بين دول المجموعة الإسلامية... القمة الإسلامية الاستثنائية التي دعت إليها المملكة العربية السعودية والتي اختتمت أمس أعمالها بمكة المكرمة تبدو من حيث التوقيت والسياق مهمة فعلا بل وضرورية وهذا ما يفسر ربما تنادي كل الدول الإسلامية الأعضاء في منظمة التضامن الإسلامي إلى حضورها... نقول مهمة وضرورية لأنها من جهة تنعقد في ظرفية تاريخية سمتها «الاضطرابات» في بعض الدول الإسلامية مع ما قد يترتب عنه من تهديد للاستقرار في هذه الدول... ولأنها من جهة أخرى تبدو مدعوة في ذاتها (القمة) إلى أن تكون قراراتها في مستوى التحديات والانتظارات... المتأمل في فحوى «البيان الختامي» للقمة يلاحظ أن موضوع النزاع في سوريا مثل «أولوية» على قائمة جدول أعمالها فضلا عن قضايا أخرى تهم أوضاع بعض الأقليات المسلمة التي تتعرض لأعمال عنف عرقي في بلدان مختلفة من دول العالم... وبصرف النظر عن «وجاهة» مقترح تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي ومدى تطابقه في ذاته مع الدعوة إلى «الوحدة» و»التضامن» الإسلامي فإن التوجه نحو موقف إسلامي رسمي متشدد وصارم من نظام بشار الأسد يبدو مفهوما بل ومطلوبا أيضا اعتبارا لطبيعة الجرائم المرتكبة في حق أبناء الشعب السوري من جهة واعتبارا ايضا لتعنت هذا النظام وإصراره على حسم الموقف في سوريا من خلال الحل العسكري من جهة أخرى بقي أنه لا بد من القول أيضا أن «النظام الرسمي الإسلامي» مدعو بالتأكيد سواء من خلال منظمة التعاون الاسلامي أو غيرها من الأطر والهياكل والمؤسسات الإسلامية الى تفعيل مشاريع التنمية الاقتصادية خاصة في الدول الإسلامية الفقيرة لأن ذلك يساعد عمليا على قطع الطريق على جماعات التطرف والغلو والإرهاب باسم الدّين ويجعل الإنسان المسلم في هذه الدول يعتقد جديا في مقولات التضامن والوحدة الإسلامية..