كوفئت منطقة المكناسي بمزيد من الإقصاء و التّهميش والتّجاهل : فالأراضي التي منحت للمقاومين تكريما لهم على مساهمتهم القوية في دحر الاحتلال لم تقع تسويها بمنح أصحابها ملكيات تحفّزهم على استثمارها إضافة إلى الأراضي التي انجلى عنها المستعمر والتي كانت ملكيتها للعروش، فقد عادت الدولة وأساءت إحياءها بخياراتها المرتجلة التّي لم ينتفع منها أبناء الجهة ، وحتى المنطقة الجغرافية التي كانت تابعة للمعتمديّة وتمثل امتدادها الحيويّ فقد وقع إعادة تقسيمها إداريا لإحداث معتمديتي سوق الجديد ومنزل بوزيان بطريقة لم تراع فيها التّوازنات التّنموية العادلة , وهوالأمر الذي أضعف الدورة الاقتصادية وأدى إلى انسداد الآفاق لتطوير الجهة فتفشت البطالة، وارتفعت نسب الفقر، وتعاظمت حركة النّزوح إلى الجهات الساحليّة، لتتحوّل المكناسي التي تعدّ من بين أقدم المعتمديات في تونس والأقدم في سيدي بوزيد من منطقة جاذبة للسّكان إلى منطقة نابذة لهم, ولتكون اليوم من بين أفقر المعتمديات في تونس وهي التي تكون من أفضل المعتمديات إن استخدمت فيها كل مفاتيح التنمية التي تتمتع بها الجهة. فكم من المشاريع التي وُعد بها الأهالي في السّابق و لكنها لم تتحقق بل رأوها تتركز في جهات أخرى ذات نفوذ سياسي أو اقتصادي، وحتى المشاريع المشغّلة التي أُحدثت في السّابق فإنها لم تسلم من التّخريب, فمعمل الجبس فوّت فيه بالخوصصة لمستثمر ألماني ،فعمل منذ إشرافه عليه على تقليص عدد العمال حتى أصبحت عائداته ضعيفة جدا على الجهة و على أهاليها. ومعمل النّسيج أوقف عمله وحوّلت معداته إلى جهات أخرى ليستحوذ عليه الطّرابلسيّة في الأخير ويصيّروه معملا للفريب لا يشغّل إلا العدد القليل وفي ظروف مزريّة للغاية, وحتى المشاريع التّي وعدت بها الجهة في إطار استراتيجية التنمية لولاية سيدي بوزيد , كانت دون انتظارات الأهالي وظلّت حبرا على ورق وهو ما فاقم لديهم من حالة السّخط والغضب. ولذلك أضحى من الضروريّ أن تتعامل الحكومة الحاليّة مع مشاغل الأهالي بالجديّة اللازمة والإنصات إلى مقترحاتهم للنّهوض بجهتهم ولإيقاف مسلسل التّهميش المتواصل , ومن الأوكد إعادة فتح منجم الفسفاط بالمكناسي المُعطّل منذ الاستقلال دون تباطؤ، وتسوية الوضعية العقاريّة للأراضي الاشتراكية، واستغلال الخامات الطبيعية كالاسمنت والبلوروالرخام، وإحداث طريق وطنية تربط المكناسي بقابس مباشرة عبر جبل بوهدمة ، والإسراع بتهيئة المستشفى الجهوي المبرمج سابقا، وإحداث مؤسسة جامعيّة, ودعم البنية التحتيّة وتشغيل الذين طالت بطالتهم من المعطّين من حاملي الشهائد كثر...