صدر عن مجلة دبي الثقافية وفي إطار سلسلتها الشهرية كتاب عنوانه " في الشعر الإفريقي المعاصر( جيل الرواد نموذجا)" ترجمه الدكتور حسن الغرفي وهو ناقد وأستاذ جامعي وعضو اتحاد كتاب المغرب. ويستعرض الكتاب تجارب شعرية ونصوصا حديثة تستمد مادتها من الشعر الإفريقي المأخوذ من أفواه رواده المعاصرين والذين زاوجوا بين الأدب الأوروبي والشاعرية الممزوجة بالمعاناة الشديدة للإنسان الإفريقي. وقد اتخذت هذه الدراسة من سنغور وايمي سيزار وداماس نماذج طليعية لشعر "الزنوج" الأفارقة ونقل فيها الدكتور حسن الغرفي من خلال التجارب الشعرية الإفريقية ما مر به الإنسان في القارة الإفريقية وما عاناه عبر العصور من اضطهاد الإنسان الأبيض له، كما عكس تجارب الشعراء ذوي الأصول الأفريقية الذين رغم انقطاعهم عن جذورهم الأولى إلا أنهم كانوا يحملون جينة المعاناة والاضطهاد التي توارثوها عبر الأجيال. وفتح الدكتور حسن الغرفي بذلك نافذة يطل منها القارئ على أهم شعراء إفريقيا وقضاياهم التي يتناولونها في أشعارهم وبين ان هؤلاء الشعراء كانوا يجسدون أحلام وطموحات الإنسان الإفريقي في الاستقلال والحرية من التبعية والهيمنة الغربية وفي منح الزنوجة خصوصيتها الإنسانية والإبداعية. قسم الباحث كتابه هذا إلى 6 أقسام تحدث فيها عن: - الزنوجة - ليوبولد سيدار سنغور - ايمي سيزار - الزنوجة في شعر محمد الفيتوري - من الشعر الإفريقي المعاصر وقد وشّح الناقد حسن الغرفي دراسته هذه بمجموعة من قصائد رواد الشعر في إفريقيا الذين عبروا اصدق تعبير عن أبناء جلدتهم وكانوا من أوائل المدافعين عن حقق الإنسان الإفريقي في الوجود والحياة الحرة والكريمة ومن قصائد هؤلاء الشعراء اختار الدارس قصيد "مفكرة سجن" لزغوا شارل نوكان من ساحل العاج ومن قصائد دينيس بروتوس من جنوب إفريقيا قصيد "سنحيا" ومن قصائد فرانسوا ساغات كيو من الكاميرون قصيد "قالولي" ومن قصائد دافيد ديوب من السنغال قصيد إفريقيا وأنشودة "العارف "لباتريس كيو من الكاميرون وقصيد "تعالى يا حبيبي " لجوزيف كاريوكي من كينيا وقصيد "الشاعر" لتوماس راهاندراها من مدغشقر. استطاع الدكتور حسن الغرفي في هذا الكتاب ان يستحضر ويتذوق قصائد شعر الزنوج المشحون بعذاب وحرقة الإنسان الزنجي ومعاناة رعب اللون والطافح بحرارة الإدانة ونزيف الكلمة، وقد اختار أمثلة من القصائد التي تحيل على عنف إيقاعاتها وصخب مشاعر ودموية أو سوداوية رؤيته للأشياء وتحديه للواقع المريض وتطلعاته لتحقيق وجود إنساني كريم ولائق. كما بين الباحث أن أشعار الزنوجة كثيرا ما تغني بالطبيعة وبأنهارها وصحرائها وسر غاباتها الغامض العميق وتغزله العفيف العنيف بجمال المرأة المتسربلة بالسواد وفيها أيضا حضور قوي للأموات كقوة خير مهيمنة على الإحياء دون إغفال تلك الروح الإفريقية وذالك الاعتزاز بالنفس الذي لم تتمكن سنوات القهر والاستعمار من سحقه.