لا يختلف عاقلان في حق التونسي في الحصول على المعلومة من مصدرها، لكن يطالعنا المنشور عدد 49 الصادر عن رئاسة الحكومة والمرسل الى الوزراء وكتاب الدولة والمستشارين والولاة حول المبادئ التوجيهية في مجال الاعلام والاتصال بالنسبة الى العمل الحكومي التي يتعين اتباعها بهدف ضمان التناسق والانسجام في مستوى عملية الاعلام والاتصال التي يؤمنها مسؤولون في الحكومة ومنظوريهم والممثلين الرسميين للهياكل الادارية والمؤسسات الراجعة اليهم بالنظر. وفي محاولة فرض مركزية المعلومة على مستوى القصبة شدد المنشور على ان الناطق الرسمي للحكومة الطرف المخول له رسميا التعبير عن مواقفها من القضايا والمسائل العامة الوطنية والخارجية وهو مدعو في هذا المجال ومن حيث المبدا الى مراجعة رئيس الحكومة والتنسيق مع مصالح المستشار الاعلامي والمسؤولين المعينين كلما دعت الحاجة للحصول على المعلومات الصحيحة والتدقيق في المعطيات المطلوبة ، لكن وجب ان يتفرغ الناطق الرسمي بشكل كلي لهذه المهمة اذ لا يمكنه الجمع بين حقيبة وزارية وناطق رسمي للحكومة. لقد تحدث كثيرون في هذا الشان ودعوا منذ تعيين الناطق الرسمي الذي يهتم بوزارة حديثة النشأة في بلادنا اعمالها كثيرة وملفاتها كبيرة الى اعفائه من احدى المسؤوليتين لان الجمع بينهما امر مستحيل فالاعلامي الباحث عن موقف الحكومة في قضايا معينة لا يمكن له انتظار الناطق الرسمي حتى يسخر بعض الوقت من جدول اعماله للاجابة عن الصحفيين. تصريحات.. اعتبر المنشور ان التصريحات والمواقف الصادرة عن رئاسة الحكومة بمختلف انواعها (بيانات ، بلاغات،مقابلات اعلامية وصحفية،خطابات..) مواقف رسمية للحكومة مما يستوجب الالتزام بها وتبنيها وتحمل المسؤولية فيها بشكل تضامني داخل الفريق الحكومي مع التفاعل معها بتوضيحها وتفسيرها عند الحاجة للراي العام وخاصة في مستوى وسائل الاعلام اما بمبادرة تلقائية من قبل المسؤولين الاول بعد التنسيق والاعلام المسبق لرئاسة الحكومة او في اطار خطة اعلامية موحدة، لكن ومن خلال هذا الطرح وكأن القارئ يستنتج وجود خلل او اختلاف على مستوى المعلومة الصادرة عن مسؤولي الحكومة حول نفس الموضوع وهو ما تم على سبيل المثال عند الحديث عن نسبة نمو الاقتصاد فان كل وزير او مستشار قد قدم نسبة بعيدة عن الاخرى بل ومتضاربة احيانا وهو ما يجعل السامع والملاحظ ينتبه الى غياب التنسيق بين مسؤولي الحكومة. إلزامية.. وتحدث المنشور على الزامية واجب التحفظ لكل من يتحمل مسؤولية سامية في اجهزة الدولة والهياكل والمؤسسات الراجعة لها بالنظر وعليه يتعين الحرص على مراعاة هذا الواجب واحترامه في كل التصريحات المتعلقة بصفة مباشرة بنشاط الحكومة وباعضائها ونشاط منظوريهم في كل المقابلات الاعلامية واللقاءات والندوات والمجالس المتخصصة ، لكن وعملا بهذا الالزام يصبح السؤال المطروح اي جدوى من حضور مسؤولي الحكومة الى البرامج التلفزية او الاذاعية للخوض في كل القضايا والمسائل الشائكة ما دام هناك واجب للتحفظ؟. وتختتم هذه الدعوة بدعوة الوزراء وكتاب الدولة والمستشارون الى تقدير المستجدات والمسائل العاجلة ذات العلاقة بنشاطهم والتي تستوجب المبادرة بتصريح اعلامي او الاستجابة لطلبات الصحفيين الاخذ بالاعتبار للمبادئ والاجراءات الواردة بالمنشور مع الحرص على الفصل بين النشاط الاجتماعي والمدني للمسؤول المعني وموقعه الوظيفي قي الحكومة، وفي هذا الاطار فمن المنتظر ان تكون المعلومة مقتضبة ان لم نقل يشوبها بعض التعتيم. ان في قراءة لهذه المنشور يمكن ان نستشف علاقة الحكومة ومسؤوليها بالاعلام وكيفية تعاملها مع المعلومة ليبقى السؤال المطروح هل تريد تنظيم بيتها الداخلي في تعاملها مع المعلومة والحدث ام تؤسس لفترة قادمة في تعاطيها مع وسائل الاعلام؟.