قتيلان.. و 96 جريحا بينهم 50 عون أمن حرق 70 سيّارة بمأوى السّفارة.. و المدرسة الأمريكيّة إعتداءات على صحفيّين و مراسلين.. و 28 موقوفا تحوّلت بعد ظهر أمس الجمعة الوقفة السلمية أمام السفارة الأمريكية بتونس الواقعة بضفاف البحيرة بالضاحية الشمالية للعاصمة والمنددة بالفيلم الأمريكي المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم إلى أعمال شغب ونهب وحرق ومواجهات بين أعوان الأمن ومئات المحتجين غالبيتهم من التيار السلفي، خلفت إلى حد كتابة هذه الأسطر قتيلين و96 جريحا بينهم 50 عون أمن وحرق ما لا يقل عن السبعين سيارة رابضة داخل مأوى السفارة الأمريكية وسيارة أمنية وثلاثة أقسام ومطبخ المدرسة الامريكية الواقعة بحي السلامة بالعوينة إضافة إلى السطو على عشرات الحواسيب التابعة للمدرسة الأمريكية وتجهيزات المطبخ وتهشيم الواجهات البلورية لمقر السفارة الامريكية وحوالي 20 سيارة أمنية . البداية كانت بتوافد حوالي 300 شخص ينتمي جلهم للتيار السلفي وتجمعهم على بعد نحو 400 متر من مقر السفارة الأمريكية في حدود الساعة الثانية والربع قبل أن يبدؤوا في الاقتراب من الأسلاك الشائكة (حواجز عسكرية) التي تم تركيزها بمحيط السفارة، وقد سمح لهم أعوان الأمن بالتعبير عن رأيهم بكل حرية فيما كان الصحافيون يواكبون الوقفة الاحتجاجية من مكان خصص لهم مسبقا (شرفة ببورصة الأوراق المالية)، غير أن بعض المحتجين استفزوا أعوان الأمن من خلال عدة شعارات ورشقوهم بالحجارة، ورغم ذلك فإن الأعوان تحلوا بضبط النفس ولم يردوا الفعل ولكن بعض المحتجين (ستكشف الأبحاث انتماءاتهم) حاولوا اكتساح مفترق الدخول على يسار السفارة من جهة المأوى وبدؤوا في دفع الأعوان وانتابتهم حالة هيجان أجبرت قوات الأمن على استعمال قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم فيما عمدت مجموعات أخرى إلى استغلال التواجد الامني المكثف أمام الباب الرئيسي للسفارة للتوجه إلى الجهة الخلفية للمقر وتسلق عدد منهم السور ونزلوا إلى المأوى الذي يضم مئات السيارات على ما يبدو وأضرموا فيه النار باستعمال الزجاجات الحارقة لتتصاعد في لحظات سحب من الدخان الكثيف غطت سماء الجهة وتلتهم النيران سبعين سيارة قبل أن تتولى مجموعات قليلة اقتحام المدرسة الأمريكية الواقعة بحي السلامة بالعوينة والسطو على عشرات الحواسيب وتجهيزات المطبخ ثم إضرام النار في المقر بواسطة قوارير "المولوتوف" والإطارات المطاطية المشتعلة مما تسبب في احتراق ثلاث قاعات درس والمطبخ بالكامل. رفع راية الإسلام بالتوازي مع ذلك رفع بعض المحتجين راية الإسلام في زوايا مختلفة من محيط السفارة بعد أن أتلفوا كاميرات المراقبة وأزالوا العلم الأمريكي وأحرقوه. قرار صائب أم خاطئ؟ في الأثناء تقدم مسؤول أمني من المحتجين المتمركزين أمام الباب الرئيسي للسفارة والذين سبق لقوات الامن تفريقهم طالبا محاورتهم والتمس إعادتهم إلى حيث كانوا لمواصلة وقفتهم الاحتجاجية في كنف الهدوء وامام التطور الخطير للوقفة فإن السؤال المطروح هل كان القرار صائبا أم خاطئا باعتبار أن عددا كبيرا منهم (المحتجون) هاجوا وتقدموا باتجاه الباب الرئيسي للسفارة مما تسبب في إصابة عدد من الأعوان الذين لم يحاولوا استعمال القوة وهو ما دفع بأعوان فرقة مكافحة الإرهاب إلى التصدي للمهاجمين وحماية المقر لتتحول المواجهة الدامية بين المحتجين وأعوان الأمن إلى عمليات كر وفر دامت ما بين الساعة الرابعة مساء والسادسة مساء، استعمل خلالها الأعوان قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريقهم قبل أن يستعينوا بالرصاص المطاطي والخيالة والكلاب، وامام إصرار بعض المجموعات من المحتجين على مواصلة المواجهة لجأ الأعوان إلى إطلاق الرصاص الحي في الهواء ونحو الأقدام إلى أن نجحوا في السيطرة على الوضع وتركيز طوق أمني حول السفارة الأمريكية. قتيلان و46 جريحا هذه المواجهات العنيفة خلفت حسب ما أفادنا به الدكتور منذر لونيفي المكلف بمهمة بديوان وزير الصحة العمومية قتيلين هما شابان الاول عمره 20 سنة والثاني عمره 28 سنة إضافة إلى 46 جريحا بينهم اثنان في حالة حرجة احتفظ بعشرة منهم وقتيا لاستكمال الكشوفات والتحاليل نقل أربعة منهم إلى مستشفيات شارل نيكول والقصاب والرابطة ومعهد الاعصاب، وأكد محدثنا أن مستشفى المنجي سليم بالمرسى عرف بين الخامسة والسادسة مساء تدفقا كبيرا للجرحى وتدافعا واستغاثة بين الجرحى ورفاقهم وأقاربهم وبفضل الاحتياطات التي اتخذت من قبل هياكل وزارة الصحة من خلال توفير سيارات الإسعاف والإطار الطبي وشبه الطبي اللازم تم التعامل مع كل الحالات في ظروف مقبولة. جرح 50 عونا واعتداء على الصّحفيين إلى ذلك علمنا ان الخسائر في صفوف الأمن تمثلت حسب ما تحصلنا عليه من معلومات في إصابة حوالي خمسين عون أمن بجروح بينهم ثلاثة في حالة حرجة إضافة إلى احتراق سيارة أمنية وتهشيم 20سيارة أخرى ،كما علمنا ان فريقين تابعين للتلفزة الوطنية تعرضا إلى اعتداء أثناء تغطية الأحداث وتم تهشيم سيارتيهما مما تسبب في تعطيل عملهما ومنعهما من من تغطية جانب من الأحداث ونقل الخبر في إبانه. 28 موقوفا وبالتوازي مع ذلك قامت قوات الامن بحملة تمكنت إثرها من إيقاف 28 شخصا يشتبه في مسؤوليتهم عن ارتكاب الشغب والاعتداء وأعمال حرق وتخريب وسرقة فيما لم تتمكن من العثور على "أبو عياض" في أعقاب عملية مداهمة لمنزله مساء أمس ويرجح أن تتواصل الحملة لإيقاف كل من يرجح مشاركته في تحويل هذه الوقفة الاحتجاجية التي انتظمت نصرة للرسول الكريم إلى ساعات من الرعب وتحديد الاطراف التي انحرفت بالوقفة. كما علمنا أن وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس عاين في ساعة متأخرة من ليلة أمس جثتي الهالكين قبل أن يلتقي بالسفير الامريكي بحضور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي. متابعة: صابر المكشر و وجيه الوافي