ندد أمس شوقي الطبيب رئيس الرابطة التونسية للمواطنة على هامش ندوة انعقدت بالعاصمة حول "المواطنة والتحول الديمقراطي" بما جاء في الشريط المسيء للرسول ولقيم حرية التعبير واعتبره "فيلم مؤامرة أريد به خلق بلبلة وفوضى". كما ندد ببعض ردود الفعل بالنهب والانتهاكات والحرق التي لا تبرر نصرة الإسلام بل تسيء اليه. وقال إن "للمواطن الدور البارز في إنجاح مسار الانتقال الديمقراطي مثلما له نفس الدور في إفشاله وانتكاسته.." وذكر المحامي مهدي عبد الجواد في نفس السياق أن "الاهتمام بقيمة المواطنة في ظل ما تشهده البلاد من أحداث تحول الى أمر ملح.. ونحن اليوم في حاجة الى موقعة المواطنة في المسار الانتقالي". ومن ناحيته بين غازي الغرايري الأستاذ في القانون الدستوري أن "دور المواطن حاسم في هذه المرحلة فهو صمام هذا التحول.." وطبقا لذلك فمن المهم أن "نهتم جمعيات وساسة وتأسيسي بموقع المواطنة في النص الذي نستشرفه". المواطنة في الدستور.. وأضاف الغرايري ردا عما قاله الحبيب خضر مقرر كتابة الدستور بالمجلس التأسيسي في أحد البرامج الإعلامية، عن أن كتابة الدستور "لا تعني جمعيات ومنظمات المجتمع المدني أو المواطنين فهي من مهام المجلس، بأن الثورة قام بها تونسيون ليس لهم اية يافطة سياسية ومسألة كتابة الدستور فرضها المواطنون وعليه أن يكون رد صدى لمطالبهم ولا يمكن أن يختلف محتواه عن ذلك". وأشار إلى "أن دستور 59 كان يحتوي على أسس حياة سياسية جيدة لذلك لا يجب إعادة كتابة الدستور يمكن لها بمفردها ضمان مستقبل أفضل بل المهم تحقيق المواطنة بما هي قطع مع مفهوم الرعية وتأسيس لعلاقة الفرد مع منظومة الحكم.. فيجب أن يكون للمواطن دور في تحديد نظام الحكم.. كما أن قيمة المواطنة تتلخص في المساواة والمشاركة في الحكم". مسودة الدستور
وفيما يخص مشروع مسودة الدستور التي تم تقديمها من قبل لجان التأسيسي قال الغرايري: "ان النص على مستوى الشكل بعيدا جدا عما كان منتظرا.. رغم أننا ندرك أن كتابته كان بصفة منفصلة في لجان متفرقة ولم يدخل عليه بعد التناسق المطلوب". واعتبر أن "من أشرف على الكتابة يجهل علم صياغة النصوص القانونية لذلك لم تكن النصوص القانونية لمسودة الدستور بالدقة الكافية التي تؤمن التأويلات المطلوبة".. ورأى الخبير في القانون الدستوري أنه "على خلاف ما قيل من ايجابيات في نص التوطئة فقد احتوت تخمة من المفاهيم ويجب بالتالي إعادة صياغتها بطريقة تكون قابلة للتطبيق". وبين أن المسودة تعكس "تقهقرا دستوريا.. أي اننا أصبحنا في اقل درجة مما كنا عليه"، واستشهد بالفصل الخامس من الدستور القديم الذي يقول "الدولة تضمن حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها "في حين يصمت دستور اليوم على ذلك.. وفي المشروع الجديد جاء الحديث عن المساواة في إطار الحديث عن الأسرة والمشكل إننا لسنا في حاجة لهذا الفصل في حاجة إلى فصل واضح ومعلن يقر أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات". وقال: "لا معنى لتفصيل الدستور للعلاقات الأسرية فالدساتير تطور واليوم علينا الحديث حول مساواة أمام القانون وفي القانون وبالقانون.." فالدولة عليها أن تشمل في اهتماماتها عدم المساواة الاجتماعية وتسعى إلى إدراكها.. كما على الدستور أن يقر عدم التمييز.." المشاركة في الحكم وأفاد غازي الغرايري أن "مبدأ المشاركة في الدستور ورد كعنوان هش في المسودة" وهذا لا ينفي أن منع اسقاط الجنسية يعد مسألة ايجابية تضع حدا للعقاب السياسي. وأضاف ان "من المهم أن يؤسس الدستور الجديد لادارة مستقلة بتأسيس مجلس اعلى لحياد الادارة ويخرج بالمواطن من مفهوم الادارة التابعة للون الحكم ولقضاء دستوري مفتوح أمام المواطنين الأمر الذي من شأنه ترسيخ مفهوم المواطنة والتشارك". قوى الضغط.. وأشار الغرايري الى أن نظرية تفريق السلط غير كافية لتحقيق مفهوم المواطنة اليوم وهي غير ضامنة لذلك.. والموازنة تقوم على بناء مؤسسات أخرى على غرار الهيئات التعديلية للاعلام والهيئة المستقلة للانتخابات وهيئة حياد الادارة وهيئة القضاء.. العدالة الانتقالية.. وبين فاخر القفصي محام مختص في العدالة الانتقالية أنه "الى اليوم وبعد ما يقارب السنتين على الثورة مازلنا نتحدث عن النظري الأكاديمي في ملف العدالة الانتقالية أكثر منه اجابة عن سؤال كيف سنحقق العدالة الانتقالية؟" مضيفا القول: "وزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية تحولت من وزارة تسهيل مسار العدالة الانتقالية الى عنصر مستحوذ على الملف ورسم ملامح المسار كما لم يتم تفعيل أيّة آلية من آليات الانتقال الديمقراطي".. واعتبر ذلك "عنوانا من عناوين التشاؤم". وبين القفصي أن "ملف العدالة الانتقالية يقتضي تدعيم مبدإ المواطنة.. فالمواطن الضحية لابد أن يتحدث ويكشف عما عاناه ومن ثمة جبر ضرره والا تولد له احساس بالغبن والانتهاك الجديد وهذا ما تشعر به عائلات شهداء وجرحى الثورة اليوم حيث تحول ملفهم الى اجندا سياسية وهو من أخطر ما يمكن أن يشهده مسار العدالة الانتقالية".. مضيفا: "من الضروري أيضا أن يلعب الضحايا دورا رئيسيا في رسم ملامح العدالة وتجسيده على ارض الواقع، دورا في كشف الحقيقة وفي رسم ملامح التعويض ورد الاعتبار وبرامج جبر الضرر". هيئة انتقالية ومن المهم -وفقا للقفصي- "أن لا يشرف على المسار طرف وحيد بل يحتم العدالة الانتقالية وجود هيئة مستقلة تلعب دور الوسيط بين المواطن والدولة بعد تولد عدم ثقة في الحاكم والحكام.." وأكد على ضرورة "وجود طرف ثالث يلعب دور الوسيط لارضاء الضحايا والمحاسبة ورسم معالم المصالحة.. علما وان اقصاء الضحايا سيربك المسار ويحكم عليه بالفشل". واعتبر فاخر القفصي أن النشاط الجمعياتي والحقوقي هو قلب الرحى في عملية ارساء نظام العدالة الانتقالية ف"هيئة مستقلة لا يمكن أن تكون الا في اطار اتفاق منبثقة من مكونات المجتمع المدني".