عاجل: 49 شهادة علمية مزوّرة في الخطوط التونسية للخدمات الأرضية    تقدم اشغال مضاعفة الطريق الرومانية جربة-جرجيس بنسبة 74 بالمائة    تنظيم أيّام ترويجية لفائدة المنتجات الحرفية للشركات الأهليّة من 17 إلى 22 نوفمبر 2025 بقاعة الأخبار بالعاصمة    مأساة في المدينة المنورة...عشرات القتلى في اصطدام مروع بين حافلتهم وصهريج نفط    عاجل/ تصريحات جديدة من إيران: هذا ما فعلته ضربات أميركا ب"النووي"..    مستقبل القصرين: انهاء العلاقة التعاقدية مع المدرب مجدي الراشدي    عاجل : الجديدي الصحراوي مديراً فنياً جديد للإتحاد المنستيري...من هو ؟    باك 2026: إجراءات استثنائية لفائدة مترشحي ذوي الإعاقة والإضطرابات الخصوصية    أيام قرطاج السينيمائية: 9 أفلام تونسية ضمن المُسابقات الرسمية    برنامج منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي    إجراء 15 عملية زرع أعضاء في أقل من شهر واحد نتيجة قبول 4 عائلات تونسية التبرع من ذويها المتوفين    الطبيب التونسي خالد ناجي رئيسًا للجمعية الإفريقية لأمراض النساء والتوليد    دكتور تونسي: ''باقات'' واحدة لازمها ساعتين حركة لحرقها    الكشف عن ميزانية وزارة النقل لسنة 2026..#خبر_عاجل    المنتخب البرازيلي يفقد خدمات أبرز ركائزه في مواجهة المنتخب التونسي    بنغلاديش: صدور الحكم بإعدام الشيخة حسينة    نشرة متابعة: انخفاض في الحرارة مع أمطار مؤقتا رعدية آخر النهار    كارثة في القيروان: طفل يقود سيارة والده ويصطدم بسيّارات ومركز صحّة!    عائلة تونسية مصدومة : قبر أم مفقود بعد 34 سنة من الوفاة..وهذه الحقيقة!    قابس: تعليق الدروس بمدرسة القناينة بسبب الانبعاثات الغازية    جويلية 2028: كل نشاط تجاري باش يكون مربوط بآلات التسجيل الجبائية...لا مجال للتهرّب    كأس العالم لأقل من 17 سنة: قمة البرازيل وفرنسا تتصدر مشهد ثمن النهائي    "بسبب السحر".. مشادة قوية بين مدرب نيجيريا ولاعبي الكونغو الديمقراطية    سينر يهزم ألكاراز ويحتفظ بلقب البطولة الختامية لموسم تنس الرجال    عاجل: وزارة الفلاحة تفتح مناظرة خارجية لانتداب 234 مهندسا...تعرّف على المجالات    عاجل: بريطانيا تتجه لتنفيذ أكبر إصلاح لسياسة اللجوء في تاريخها الحديث    الديوان يشري زيتكم: إستقبال صغار الفلاحين يبدأ اليوم الاثنين    بنزرت: إنقاذ شابين من الغرق حاولا اجتياز الحدود البحرية خلسة    الحرس الديواني يحجز بضائع بقيمة ناهزت 30 مليون دينار..وهذه التفاصيل..    هام/ وزارة الفلاحة تنتدب..    عاجل: على موعد قريب مع الأمطار    عاجل/ خمس سنوات سجن ضد هذه الشخصية..    بعد سنوات من القطيعة.. مايا دياب تكشف حقيقة خلافها مع أصالة    على المباشر، الجوادي لمسؤول بوزارة الرياضة: بابا يجيكم كل يوم حد ما يقابلو وانا نطلبكم ما تهزوش ....علاش!!؟    جامعة التعليم الثانوي تقرّر مقاطعة كل أشكال التقييم الجزائي بداية من الثلاثي الثاني    مباراة ودية : المنتخب التونسي يختبر قدراته أمام العملاق البرازيلي قبل الاستحقاقين العربي والإفريقي    ذاكر لهيذب يحذّر: بعد 3 أيّام من إضراب الجوع...القلب قد يتوقّف فجأة!    شوف شنيا يصير لبدنك كان تشرب الماء ''بالقارص'' كل يوم    قلعة الأندلس... وفاة عون أمن خلال مطاردة منحرف خطير بقلعة الأندلس    الشكندالي يحذّر من هشاشة التعافي الاقتصادي: نموّ محدود، بطالة مرتفعة وعجز تجاري يواصل التفاقم    عاجل: حضور عربي قوي في مونديال 2026... 7 منتخبات عربية ضمن المتأهلين رسميًا!    أمريكا تدرج عصابة على قائمة الإرهاب.. وتتهم مادورو بتزعمها    ترامب يلمح: سنفرض عقوبات قوية على إيران لتعاملها مع روسيا    إعلام أمريكي يكشف عن تحضيرات ترامب لاستقبال بن سلمان    إطار الإيواء السياحي البديل    أولا وأخيرا «حديد يحك حديد»    أريانة: تكريم محمد علي بالحولة    مع الشروق : هل يجد الفلاح ضالته في «الدواوين»؟    "فاشن بوليس": اطلالات مُميزة لمشاهير تونس في حفل نجوم تونس و الهام شاهين تثير الجدل!    مصر.. القبض على فنان معروف بحوزته مخدرات في ميدان التحرير    عاجل: غلق 11 محل ومطعم يهدّد صحة المستهلك في العاصمة    رأي: الإبراهيمية وصلتها بالمشروع التطبيعي الصهيوني    مع الشروق : خيارات الشراكات الاستراتيجية    شوف وقت صلاة الجمعة اليوم في تونس    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«نحن مستقلون والاستقلالية لا تعني الوقوف على الربوة»
الثنائي فاضل الجعايبي وجليلة بكار في «مجالس» منزل عبد الرحمان:
نشر في الصباح يوم 15 - 02 - 2008

لم يقدموا مسرحية ولم يُعرض لهم فيلم، بل قدموا بشحمهم ولحمهم فقط، وكان ذلك كافيا لجذب عدد هام من المثقفين من مختلف الاعمار والمستويات، انهم مبدعو العمل المسرحي الذي حول الى فيلم بعنوان «جنون»: فاضل الجعايبي وجليلة بكار ومحمد علي بن جمعة وفاطمة بن سعيدان الذين نزلوا ضيوفا على المنبر الثقافي الدوري بعنوان «مجالس»
الذي تنظمه دار الثقافة ابن رشد بمنزل عبد الرحمان، هذا المنبر الذي أصبح علامة ثقافية بارزة ومتميزة جهويا ووطنيا، علما أن فيلم «جنون» كان يعرض باحدى قاعات السينما ببنزرت.
تكفل الدكتور محمود الماجري بتنشيط الحوار وتقديم الضيوف والحديث عن مسرحية «جنون» التي حولت الى فيلم، والتي شاهدها حوالي 50 ألف متفرج، فاسحا المجال لضيوفه لفتح الجلسة، فعبر الجعايبي عن شكره للدعوة «لأن بنزرت ما طبيناهاش منذ الثمانينات»، وهو سؤال يطرح، واشار الى أن الاقدام على انجاز مسرحية «جنون» كان بعد قراءة كتاب ناجية الزمني «يوميات فصامي» الذي شده مع جليلة بكار، لأن المؤلفة في تناولها للفصام ربطت الفصام الشخصي بالفصام الاجتماعي، قال «شدنا الكتاب بصفة غريبة لذلك غطسنا في مغامرة دامت عاما لانجاز العمل، بمعدل 6 ساعات يوميا باستثناء يومي السبت والأحد. مسرحية «جنون» قدمت حوالي 100 مرة بجميع جهات الجمهورية باستثناء بنزرت، فقلنا لمَ لا نحولها الى فيلم وإن نجح يباع للتلفزة؟ لأننا نريد ايصال كلمة الحق الى أكبر عدد من التونسيين، ولكن للأسف مسألة أشخاص، ولا تأتي عن طريق المؤسسات».
وفي هذا الاطار تكلمت جليلة بكار فقالت «إن عملنا متجه اساسا الى التونسيين جميعا بكامل مناطق الجمهورية، والشاب التونسي لا يشاهد المنتوج الثقافي الا عبر التلفزة باستثناء شباب المدن التي تتوفر بها مجالات للعرض أو مهرجان المسرح مثل تونس وصفاقس ومدنين.. ولذلك نعتقد أن عملنا لا يكون مكتملا الا عندما يشاهده متفرج في بنزرت أو ماطر أو أية مدينة اخرى».
فاطمة بن سعيدان قالت «عرضنا بالعاصمة وصفاقس واليابان وفرنسا وسوريا والمغرب، وأرجو أن نعرض ببنزرت»، اما محمد علي بن جمعة فرحب بالتوازن في الحضور من كهول وشباب، معبرا عن الأمل في العودة الى بنزرت في عرض مسرحي.
كانت هذه المقدمة فاتحة حوار ثري ومتنوع، تناول العلاقة بين المسرحية والفيلم، والقاسم المشترك بين «خمسون» و«جنون» وأداء الممثلين. كان الاجماع سائدا حول ابداع الممثلين في الفيلم، وخصوصا الجعايبي وبكار وبن سعيدان وبن جمعة، بينما انتقد أداء بسمة العشي وهو ما قال عنه فاضل الجعايبي «اعترف أن بسمة العشي، هفوة كبيرة في الفيلم وهو خطئي أنا، يوجد خلل جوهري في السرد، وفي التوازن بين الشخصيات ولكنها لم تؤاخذ احدا بل آخذت نفسها».
اسئلة عديدة طرحت عن سر ابداع محمد علي بن جمعة وفاطمة بن سعيدان عن العلاقة بين المبدع والمثقف والجمهور، عن إيحاءات بعض المشاهد بالسخرية المرفوضة، عن صمود الجعايبي وثباته على مبدإ الدفاع عن الهوية والتعبير، عن رمزية الفيلم، عن الحلقة المفقودة بين المسرحي والمتفرج، عن المصطلحات ومضموناتها الحقيقية كاليمين واليسار والتطرف.. عن سر الاقبال الكبير على مسرحية «جنون»، هل هو مرتبط بنوعية العمل أم لغياب المنافسة في نفس المجال.
أحد الحاضرين وهو أستاذ جامعي تحدث عن الانسان بكونه كائنا رمزيا اكثر منه ماديا، وأحيانا تفعل الرموز فعلها، وهو ما يعتبر اجابة عن بعض السلوكيات غير المفهومة، كانسان يقتل آخر لأنه مس شرفه بكلمة، ولا يقتل عرفا لم يعطه أجره، عن غياب التوثيق للاعمال المسرحية. وقد عبر عنه بعض اساتذة المسرح الحاضرين عن نجاح الفيلم بتقنياته الفنية على ايصال احساس الممثل واحساس المريض اكثر من المسرح، عن أسباب عدم اعتماد التكنولوجيات الرقمية الحديثة في الفيلم، هل هو اختيار أم لغياب المختصين ام لارتفاع التكلفة، وقد لخص أحد الحاضرين مضمون جملة المداخلات في متطلبات اللحظة التاريخية وهي:
1 ضرورة ارساء الفكر النقدي في ذهنية المواطن التونسي
2 الالتزام بالمبادئ والثوابت لأن المادة غيرت الكثيرين ولكن هناك من واصل المسير وهم كثر وانضم اليهم جيل من الشباب
كما أشار متدخل اخر الى أن حرية التعبير في «مجالس» هي ثمار التغيير.
وكان الدكتور محمود الماجري قد تدخل للتذكير بموضوع الندوة وأن الجلسة ليست مخصصة لكل المواضيع، ثم تدخل في مناسبة اخرى ليؤكد بوصفه جامعيا وبمناسبة حضور عدد من الجامعيين هذه الندوة أنه لا توجد مواضيع بحوث محرمة. وأضاف قائلا انه لا يدافع ولا يجامل أو يتحامل، وانما تعبيرا عن رأي وهو أن المبدع سلطة وعليه ان يفتك موقعه، وكل سلطة تدافع عن موقعها، فلماذا تريد أن تبيع منتوجك لقناة تونس7؟ هل عليها أن تفعل ذلك؟ أقول يلزمها أن تحب المسرح لكن ليس من أوكد أولوياتها، كما أن أولويات المسرحي أن ينتج ويوزع وهذا ما هو معمول به في جميع المداخلات فتحت شهية الحديث لدى الرباعي الضيف، وخصوصا فاضل الجعايبي وجليلة بكار. تحدث محمد علي بن جمعة عن دوره في الفيلم فقال انه هدية ولكنه جمرة، وقد استفاد من وجوده في عروض الأزياء ومن معرفته بالرقص للنجاح في هذا الدور، وأضاف أن الممثل الذي لا يعرف الرقص ليس ممثلا، وقد تعاملت معنا في الفيلم ومعي خاصة منسقة حركات.
التوثيق دفاعا عن الذاكرة الوطنية
أجابت جليلة بكار عن أسئلة بعض المتدخلين، فقالت ان اسم «نون» في الفيلم هو الاسم الذي يحمله المريض في كتابة ناجية الزمني باللغة الفرنسية (N) وتحدثت عن مسرحية «خمسون» وأبعادها ورموزها، وقالت ان المسرحية ليست مبنية على الكره وانما على التساؤلات وطلب واحد هو الحوار، وقال «انها المرة الثانية التي اسمع فيها حديثا عن السخرية وهذا غير صحيح، لا مجال للتشكيك في وطنيتي وهذا ما قلته في اجتماع انا والفاضل مع الوزير، الأعياد الوطنية تهمني كأي مواطن تونسي، استحضر ذكريات وصورا عشتها وأنا صغيرة في 15 اكتوبر «عُليّة تشرقع واحد هاز ذراعه ينادي الجلاء مرا خالعة سفساري...» هذه صور عشتها وانا صغيرة، تحدثت عن التوثيق لتقول ان الدعوة اليه هو حفاظ على الذاكرة الوطنية ودفاع عنها، فمسرحية «التحقيق» مثلا لم توثّق.
القاعات تغلق ونحن فتحنا قاعة
الجانب الأكبر من الحديث كان للفاضل الجعايبي لأن أغلب الاسئلة كانت موجهة اليه، كما شغلته عبارات الثناء من جل المتدخلين. أشار الى الفرق بين بلاغة المسرح وبلاغة السينما، فقال «إن بلاغة المسرح تقوم على الإيحاء، ونحن نراهن على ذكاء المتفرج وخياله، اما السينما فيمكنك التبليغ بأضعف الايمان وقد لا تحتاج الى الكلمة أحيانا.. نحن نستلهم الواقع في عملنا.. واعتبر عملية الترويج لهذا العمل حقا من حقوقنا، والتلفزة فضاء هام للتواصل لأنه شتان بين التواصل مع 50 ألف من المشاهدين بالمسرح و9 ملايين تشدهم التلفزة، وأنا اعتبر أن المسرح لا يصور وانما يوثق، وعندما أثير موضوع التوثيق فدفاعا عن الذاكرة الوطنية. نحن مستقلون والاستقلالية لا تعني الوقوف على الربوة، لذلك سمحنا لأنفسنا من وجهة نظرنا كفنانين تناول بعض القضايا التي تدعو الى التفكير. نعرف أن العقدة المفقودة في المجتمعات العربية الاسلامية هي غياب الماضي، والحال أننا به نفهم الحاضر ونتطلع الى المستقبل. أنا لا تهمني المسميات: يمين او يسار، انا اهتم بالقيم أؤمن الحرية والعدالة والمساواة.
وقع الحديث عن السخرية والتهكم، أريد أن أشير الى أن تنشئتي اسلامية في عائلة تؤمن بالفرائض وتؤديها، درست الاسلام في الكتاب والمدرسة واستنجدنا في عملنا بفقهاء ولم نتصرف مطلقا في هذا الباب.. هذه المهنة نقوم بها في اطار احترام التعددية وحرية الاختلاف.
ركزنا اليوم على شيئين اساسيين: الرقابة والتواصل مع الجمهور العريض. وتبقى المسألة نسبية دائما، فها أنا أستطيع أن أتكلم هنا وهو ما لا استطيعه في بلدان عربية اخرى، ربيع المسرح الذي أجهدنا أنفسنا ليكون موجودا لم تحظ به الكثير من البلدان العربية.
بعض المداخلات تؤكد أن ما قمنا به لم يذهب سبهللا، القاعات تغلق ونحن فتحنا قاعة، هي قاعة أفريكا كل أربعاء، مسرحية «خمسون» قدمت في 52 عرضا بالمسرح امام شبابيك مغلقة، هذا تأكيد لوجود المسرح وكينونته واستمراره.
على أن الجعايبي في معرض حديثه عن الرقابة لم تفته الاشارة الى أن مسرحية «خمسون» لم تحذف منها سوى كلمة واحدة فقط من مجموع 286 كلمة وعبارة وجملة ومقطع كانت محل جدل في البداية، كما أن السيد رؤوف الباسطي يرجع اليه الفضل في جلب «غسالة النوارد» الى التلفزة وفي تحويل مسرحية «جنون» الى فيلم.
3 ساعات لم يشعر الحاضرون بمرورها، تأكيد لقيمة الندوة وثراء المادة الثقافية التي أفرزتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.