بصرف النظر عن الاختلاف في المواقف السياسية من مسألة "إنتهاء" شرعية المجلس الوطني التأسيسي وشرعية الحكومة والمؤسسات المنبثقة عنها بحلول موعد 23 أكتوبر 2012 استنادا على ما بات يعرف بوثيقة إعلان المسار الانقتالي... وبعيدا عن أية محاولة تشكيك في "نوايا" القائلين بضرورة تفعيل "استحقاقات" هذه الوثيقة وتنزيلها في الواقع فإن الواجب الوطني والأخلاقي يقتضي ألا يعتمد هذا "الموعد" (23 أكتوبر 2012) كفزّاعة أخرى تضاف لقائمة الفزّاعات السياسية والأمنية المرفوعة أصلا في وجه التونسيين والتي أربكت لا فقط معيشهم اليومي بل وباتت تهدد في العمق مسار الانتقال الديمقراطي وتحقيق أهداف الثورة.. نقول الواجب الوطني والأخلاقي لأن حجة القائلين بموعد 23 أكتوبر 2012 والمعتقدين بجد في ما يسمى بوثيقة إعلان المسار الانتقالي حجة "أخلاقية" بالأساس ذلك أنه لا اختلاف قانونيا حول علوية القانون التأسيسي عدد 6 المؤرخ في 2011.12.16 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية على الأمر عدد 1086 لسنة 2011 المتعلق بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الذي حدد مدة عمل المجلس بسنة واحدة يتولى خلالها إعداد دستور للبلاد... لا نريد أن نقارب "المسألة" من جانب قانوني لأنها تبدو من هذه الناحية محسومة ولا أن نحمل سياسيا على دعاة "إنتهاء الشرعية الانتخابية" بحلول موعد 23 أكتوبر 2012 فنقول عنهم كما يقول خصومهم السياسيون مثلا أنهم "انقلابيون" أو أنهم " طلاب سلطة" و"محاصصة سياسية" ولكن نريد على العكس أن نؤكد على أهمية هذا "الموعد" في ذاته وعلى ضرورة أن يكون بمثابة جرس انذار لنا كمجموعة وطنية من أجل أن نجتمع من جديد على خدمة أهداف الثورة وأن نقطع مع " الحسابات السياسية الضيقة" وأن نتدارك أمرنا ولا نتمادى أكثر في إضاعة المزيد من الوقت.. أجل،،، المطلوب اليوم توافق وطني من منطلقات وطنية صرفة يساعد على تحقيق أهداف الثورة ويخرج بالمشهد السياسي في بلادنا من دائرة التجاذبات السياسية والتجييش الايديولوجي... مطلوب اليوم من جميع القوى الوطنية الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي وغير الممثلة أن تساعد على تسريع عملية الاصلاح وأن تدفع من موقعها بمسؤولية وواقعية باتجاه تحقيق أهداف الثورة من خلال وضع جدول زمني للاستحقاقات السياسية الكبرى ذات العلاقة بتحقيق الانتقال الديمقراطي.. المطلوب اليوم وفي كلمة طمأنة التونسيين وليس تخويفهم سواء من خلال "فزّاعة" 23 أكتوبر 2012 أو من خلال غيرها من الفزّاعات السياسية والأمنية.