الحلم بمجتمع ثقافي أفضل يعبّر عن مشاغله وتطلعاته ويسلط الضوء على هواجس وهموم وطنه ويقدم وجهات نظر مختلفة لكل الأشكال الإبداعية في البلاد كانت الرغبة التي تراود كلا من الراقصين سفيان وسلمى ويسي بعد أن أججتها في أذهانهما مؤسسة مهرجان "كونستن للفنون" ببروكسال من خلال سؤالها "لو كنتما عاملين محترفين بالثقافة، ماذا كنتما تتمنيان أن تقدما لتونس؟" خلق فضاء للفنون المعاصرة وإشراك جمهور المدينة العتيقة وزوارها في هذه الاحتفالية بصفة مباشرة أو غير مباشرة كان الهدف الأول للثنائي "ويسي"، حيث مكنت "دريم سيتي" المتفرجين من متابعة عديد العروض الفنية يوم أول أمس واختلطت المفاجأة التي أحدثتها بعض العروض التجريبية الغريبة في مضامينها الإبداعية عن بعض المارين بالفضول الكامن في هؤلاء المشاهدين فوقف بعضهم يتابع فقرات "دريم سيتي" أو يحتفي مع منظميها بالتقاط الصور والتفاعل مع العناصر الفنية المشاركة في العروض. ومن العروض، التي أثارت إعجاب المارة وزوار المدينة العتيقة بالعاصمة فقرة الفنانة التشكيلية الفلسطينية رائدة سعادة "The Wishes Tree"، وهو عرض رمزي، تجسد خلاله رائدة سعادة دور فتاة ترتدي فستانا أبيض هو عبارة عن النقاء العذري، الذي تغذيه زينة المارة بألوانها فيتحول الفستان الأبيض الناصع الحامل لمختلف الألوان رمزا لكل الأطراف والهموم والأماني. أمّا العرض الإفريقي القادم من البينين، فقد أحدث بعض الفوضى في المسالك الفنية للمدينة العتيقة إذ توقف العاملون عن ممارسة بعض مشاغلهم بسبب الفقرة الإفريقية المجسدة في وسط الشارع، إذ اندفع شبابها بين هذا الفضاء في حركات مضطربة وصامتة تعكس في ظاهرها الجنون المفتعل وفي باطنها التوق للحرية وعدم التقيّد بالقوانين والعادات والتقاليد. كانت الأجواء لدى افتتاح الدورة الثالثة ل"دريم سيتي" آمنة فتجول رواد الفنون في أزقة المدينة العتيقة بتونس في مجموعات شبابية شغوفة ومحبة للتاريخ والمعمار وإيقاعات التجارب الفنية المخبرية.. فتناغمت روح الشباب المتمردة مع عروض اتسمت بالغرابة والتجديد دعمها حضور عديد الوجوه الفنية التونسية على غرار زينب فرحات ومنير الطرودي وعلياء السلامي وسعاد بن سليمان والجيلاني السعدي والناصر خمير وغيرهم من المبدعين الفاعلين في الفنون التشكيلية والرقمية والمسرح والسينما والرقص كما يشارك في عروض "دريم سيتي" عدد من الفنانين الأجانب منهم المصري محمد علام والهولندي "دريس فرهوفن" والمخرج الاسباني روجيه بيرنات. وخلافا لمّا تردد من حدوث أعمال عنف أثناء عرض لتظاهرة دريم سيتي يوم أمس بنهج "البركة" بالمدينة العتيقة، علمنا أن ما حدث أمس في "البركة الصغيرة" بين التجار وأصحاب العرض المسرحي" chercher Saadia désespérément" مجرد سوء فهم ومناوشات بسيطة بسبب عرقلة آليات العرض لمرور الحرفاء ممّا جعل المنظمين ينقولونها للمركز الثقافي بئر الأحجار غير بعيد عن البركة. ويطرح هذا العرض للمسرحي نوفل عزارة معاناة العبيد في الأزمان الغابرة وتواصل هذه المعاناة إلى اليوم بأشكال أخرى من خلال مشاهد تبرز الفرق بين "عقوق الإنسان للإنسان وحقوق الإنسان على الإنسان"، والكلام لصاحب العرض.