يحتفي فضاء التياتروبالعاصمة بموسم نشاطه السادس والعشرين وذلك من خلال تظاهرة "أن تكوني سوداء في الخضراء" التي تتواصل من الخامس إلى التاسع عشر من أكتوبر الحالي وهو لقاء فني حول الأقلية الإفريقية في تونس عن فكرة لزينب فرحات التي تهدف من خلال تصميم هذه التظاهرة للارتقاء بثقافة المساواة واحترام حقوق الإنسان، حيث تصف مديرة فضاء التياترو هذا الملتقى ب"دين شرف" يعود لسنوات خلت حين صرخت إحدى السيدات في مؤتمر لجمعية النساء الديمقراطيات وأقرت بمعاناتها في مجتمع تونسي يميز بين لوني البشرة الأبيض والأسود ممّا أثر في زينب فرحات وهي عضو فاعل في جمعية النساء الديمقراطيات وفرض عليها حمل هذه الهموم إلى عالم الفن وتجسيدها فكريا في مجموعة من الأنشطة المسرحية والموسيقية تجمع لغة الجسد بفن الحوار. ويعرض التياترو الليلة ضمن اللقاء الفني"أن تكوني سوداء في الخضراء" مسرحية "البحث عن سعدية" لنوفل عزارة الذي تتواصل عروضه طيلة فترة التظاهرة وهو عمل فني يعكس معاناة البعض بسبب التمييز العنصري وذلك من خلال حكاية أميرة تدعى "سعدية" اختطفت من مملكتها بإحدى القلاع الإفريقية فتنكر والدها في زي مغني متجول بين البلدان بحثا عنها إلى أن وجدها بفضل رقصه وغنائه في الشوارع وانطلاقا من هذه الرواية احتفظت الذاكرة الشعبية بشخصية "بوسعدية" الأسطورية. من جهة أخرى، يقترح فضاء التياترو وفي نفس السياق مجموعة من المحاضرات على غرار "كرامة رغم الاختلاف" يوم 12 أكتوبر الحالي التي تشارك في نقاشاتها حول "المواطنة الحقيقية وكرامة المواطن" الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وجمعية آدم للمساواة والتنمية والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والجمعية التونسية لمساندة الأقليات وجمعية منامتي والشبكة الأورو- متوسطية لحقوق الإنسان فيما تمثل المغرب في محاضرة "كرامة رغم الاختلاف" الصحفية والحقوقية سناء العاج ومن موريتانيا بيرم ولد الدا ولد عبيد رئيس جمعية "المبادرة المطبقة لمنع الرق في موريتانيا". أمّا في محاضرة "تاريخ ومكانة الأقلية السوداء في تونس وفي المغرب العربي" يوم السبت 13 أكتوبر الحالي فيعرض الأساتذة صالح الطرابلسي وعبد الحميد الأرقش وإناس مراد دالي ورجا بن سلامة مقاربة أنثروبولوجية وتاريخية لهذه المسألة ويهتم الأستاذ ناجي سالم بالمقاربة القانونية في هذه المحاضرة. على مستوى الورشات برمجت تظاهرة "أن تكوني سوداء في الخضراء" لقاء مواجهة بين أشخاص من البيض وآخرون من السود ضمن ورشة "أبيض وأسود" حيث يتبادل الحاضرون كلاما جارحا وألفاظ شتم للون البشرة من منطلق أن هذه الممارسات هي شكل من أشكال العلاج الجماعي والذي يهدف لمعرفة الآخر أكثر والتصالح معه ويؤمن هذه المفردات على شكل مخطوطات ياسر الجرادي فيما تنشط ورشة "أبيض وأسود" سعدية مصباح. وضمن ورشة "عندما نحب ويكره الآخرون" تروي مجموعة من النساء تجاربهن في الحب وما تعرضن له من ألم ووجع بسبب تحديهن للحواجز الاجتماعية. سينمائيا وتحت عنوان "أعمال صغيرة لكنها جيدة" يلتقي عدد من الشبان وهم أصحاب تجارب قصصية ثائرة على العنصرية مع كل من هشام بن عمار وأمال الفرجي لتطوير هذه المواهب ولما لا تشجيعها على تقديم أعمال فنية تهتم بقضية السود على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه العروض المسرحية والسينمائية والفكرية حول الأقلية السوداء في بلادنا تدعمها رؤى تشكيلية لعدد من النحاتين والرسامين في رواق المساحة الحرة والذين يتخذون من اللون الأسود سلاحهم الأوحد للتعبير في ارتجال فني عن ملتقى التياترو "أن تكوني سوداء في الخضراء".