أحيت فرقة نواة (أو 3ج فنون) سهرة موسيقيّة احتضنتها قاعة العروض بدار الثقافة الشيخ إدريس ببنزرت مساء الجمعة وذلك في إطار الاحتفال بأيام الموسيقى بفضاءات الثقافة ببنزرت التّي تنظّمها المندوبية الجهويّة للثقافة وهذه الفرقة الشّبابية التّي تتكوّن من مزيج من هواة الموسيقى ومحترفيها هدفها كما يعكس اسمها البحث عن بدائل جديدة لهذا الفنّ يخرجه من قيود ثنائية مدرسة الأصالة والحداثة والنمط الغربي ومقابله الشّرقي ولذلك فإنّ أعضاء هذه الفرقة يعتبرون أنفسهم الطريق الثالث الذّي يتجاوز هذه الثنائيّة ويطرح البديل لهما وبهذا المفهوم فهم (نواة) هذه المحاولة في التجريب الموسيقي المتحرّر من الأنماط السّائدة وقد تجلّى العرض الذّي شمل معزوفات غير ناطقة ملتزما بهذا النّهج الموسيقي فعناصر الفرقة التّي تتكوّن من أربعة أفراد قد جمعوا بين عزف على آلات شرقية وآلات غربية إذ كانت آلة العود حاضرة من خلال العازف المقتدر الدكتور محمود موسى وكانت آلة الكمنجة بأيدي العازفة آمال السديري أمّا آلة البيانو فعزف عليها ظافر بن غريسة وتولّى لطفى صوّة الضّرب على الوبريّات وهي الدربوكة والدفّ والطّار والطّبل وقد عبّرت المعزوفات التّي قدّمتها. المجموعة عن رغبة في التّجديد والابتكار من حيث اللّحن والتّوزيع. المعزوفات من تأليف كل من الدكتور الطبيب محمود موسى وظافر بن غريسة وقام عليّ الدريدي بالتوزيع. في المعزوفات مزج بين الآلات الشّرقية وهي العود والطّار والآلات الغربية وهي الكمنجة والبيانو في محاولة لابتكار لون جديد من الإيقاعات التّي نالت استحسان الحاضرين لقيامها على نزعة طربيّة واضحة هي وسط بين الإيقاع الهادئ والمنتظم للموسيقى الشرقية والإيقاع الصّاخب التّصاعدي للموسيقى الغربية وهذا التجاوز للتصنيف التّقليدي للموسيقى بين الشرقي والغربي انعكس حتّى على تسمية المقطوعات المقدّمة إذ منها ما له اسم عربي مثل معزوفة (محبّة) ومعزوفة(خطوات) ومنها مقطوعات تحمل أسماء انقليزية وفي حوارنا مع عضو الفرقة أستاذ الموسيقى والعازف على الكمنجة علي الدريدي أكّد أنّ هذه المجموعة تنطلق من تصوّرين الأوّل يتمثّل في الاحتفال بالصّورة عن طريق الرّسم يالألحان ولذلك رافق جلّ المعزوفات عرض سينمائي على شاشة فضّية تبثّ الصورة من جهاز كمبيوتر نصبت خلف الفرقة. والتّصوّر الثّاني يعني التّحرّر من الحدود التّي فصلت بين الفنون المختلفة والبحث عن تجارب تحقّق التقاء وتفاعلا بينها ولذلك نجد حضورا على مستوى الركح لعدّة فنون وأشكال تعبير فإضافة إلى الموسيقى حفل الديكور برسوم فنّانين قدامى مثل خميّس ترنان. هناك توظيف لفنّ السينما من خلال بثّ صور الكمبيوتر على الشّاشة الحاضرة وراء الفرقة ولم يغب الفنّ الرّابع في هذا العرض حيث تحوّل الثّنائي الذّي يقدّم المعزوفة للجمهور إلى ممثّلين يجسّدان مشهد مسرحي يمهّد لتقديم المعزوفة بل إنّ إحدى المعزوفات هي مشهد تمثيليّ صامت قام به هذا الثّنائي من الشّباب رافقه عزف على آلة العود لمحمود موسى. إنّ عرض(محبّة) لفرقة نواة يعكس محاولة فيها من الاجتهاد والبحث الكثير من أجل تجاوز الأنماط السّائدة والحدود المتعارفة بين الفنون وهو عمل نجح في شدّ انتباه الجمهور القليل الذّي حضر بما وفّره من فرجة متنوّعة وطرافة في إخراج العرض وجانب طربيّ لا شكّ فيه.