بين"العيد أقبل بالمنى والبشر عم" و" عيد بأية حال عدت يا عيد" انقسم الشارع التونسي وكافة مكونات مجتمعه المدني والسياسي بما في ذلك الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي. وهذا الواقع الذي أفرز موقفين متباينين يعكس في عمقه رؤى مختلفة للتطورات الحاصلة خلال الأيام الأخيرة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني من ناحية ويبرز من ناحية أخرى موقفا من التطورات الحاصلة في البلاد بعد 23 أكتوبر الجاري. وبين هذا الموقف وذاك يتأكد للجميع أن الوضع مازال يتطلب مزيدا من الوضوح في الرؤى بخصوص رسم الخطى لدخول المرحلة الاستثنائية القادمة التي ستمر بها البلاد، وهو ما يعني مزيدا من الجهد لبلورة التمشي القادم، وأيضا للسعي نحو الوفاق والتقارب بين كل الأطراف الفاعلة في الحقل السياسي. إن واجهات الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني تبقى مفتوحة، وهي تتطلب جهدا كبيرا لأنها في الحقيقة بوابات يمكنها أن تكون صمام أمان إذا ما عولجت قضاياها بروية وحكمة، كما أنها يمكن أن تمثل أكبر العقبات وأصعبها إذا ما لم تسجل تطورات ولو نسبية في البحث لها عن حلول. واعتقادنا يبقى راسخا بأن البلاد تمر بمفترق طريق، وهو ما يجعل الحكومة والأحزاب السياسية والمنظمات تتحمل مسؤولياتها أكثر من أي وقت مضى وذلك في عمل يجيب عن استحقاقات الجهات الداخلية التي تعالت فيها الأصوات مطالبة بالشغل والتنمية، ومعبرة عن رفضها للأمر الواقع الذي خيم على سكانها نتيجة الخصاصة والبطالة، كما أن الوضع العام الأمني في البلاد يتطلب حزما لدرء كل المخاطر والمظاهر التي جعلت المواطن ينكمش خوفا على نفسه في كل جهات البلاد. هذا الواقع العام جعل التونسيين ينقسمون بين متشائم ومتفائل بخصوص قادم الأيام وتطوراتها، ولهذا لابد من جهد مضاعف تبذله كل الأطراف لطمأنة الجميع الذين ولئن استعدوا للاحتفال بعيد الإضحى المبارك فإن احتفالهم لا يمكنه أن يكتمل إلا إذا ما توضحت لهم خارطة طريق وضوء في آخر النفق يمكنه أن ينير سبيلهم نحو مستقبل أفضل، ويبدد كافة المخاوف التي أحاطت بهم من كل جانب.