إن الحاجة تدعو في مثل الوضع الذي تمر به البلاد إلى رسائل طمأنة توجه إلى كل السكان وتكون بمثابة الضمانة التي تؤسس للوضوح الذي غاب في عتمة اختلاف الرؤى والتجاذبات الحاصلة كما أنها تريح الجميع من التخوفات والهواجس التي عششت في أذهان الناس بسبب التراكمات الحاصلة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني. ورسائل الطمأنة هذه لا بد أن تصدر أولا وقبل كل شيء عن الحكومة والمجلس التأسيسي بالذات ثم عن أحزاب المعارضة وقوى المجتمع المدني والمنظمات لأنها جميعا تبقى المسؤولة عما يجري في البلاد، وعما يمكن أن تكون عليه المرحلة القادمة بكافة استحقاقاتها وانتظاراتها. وهذا البعد أو المناخ العام الذي ينتظره الجميع يحق لكل سكان البلاد أن يسألوا عنه لكي تتبلور الرؤية وتتضح الطريق ويطمئن الجميع عن المستقبل القريب والبعيد لأن سكان العاصمة والمدن الكبرى والقرى والأرياف في حاجة ماسة إلى طمأنة تعيد إليهم الأمل بعد أن تشنجت الأعصاب بسبب الصعوبات التي مرت بها البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأمنيا. وهذه الرسائل التي ينتظرها الجميع قد يكون بعثها غير سريع لأن قرار اتخاذ بشأن بعضها قد يتطلب وقتا لكن لكي تطمئن جميع القلوب لا بد من قرارات وإجراءات عاجلة وسريعة تكون بمثابة التعبير عن حسن النوايا وأولها إطلاق سراح الموقوفين في سيدي بوزيد وسليانة وغيرهما من الجهات الأخرى، وتهدئة الخواطر في قابس لأن ذلك يشيع الفرحة في القلوب، وثانيها الإسراع بفك رموز بعض القضايا ومحاسبة من كانوا وراءها مثل ما حصل أخيرا في تطاوين. ولعل ما يجعل عيد الفطر يمر في أحسن الظروف يمثل فرحة لكل سكان الجهات هو ما يمكن أن يصدر عن الرؤساء الثلاثة من خطاب واضح يضع خارطة طريق واضحة التواريخ لأبرز استحقاقات المرحلة القادمة، ثم يؤكد على اتخاذ إجراءات عاجلة بخصوص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأخيرا يشيع الأمن في البلاد بجعل حد لمظاهر العنف وخاصة منه السياسي الذي ظهر في الآونة الأخيرة وبلغ حد القتل.