وادي مليز: منشأة مائية على مستوى وادي الرغاي لفك عزلة منطقة الدخايلية    الشرع يصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في زيارة رسمية    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    دربي العاصمة: تشكيلتي الفريقين    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    مدير ديوان رئيسة الحكومة: قريباً عرض حزمة من مشاريع القوانين على البرلمان    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    مونديال أقل من 17 سنة: تونس تواجه بلجيكا اليوم...شوف الوقت والقناة الناقلة    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    خروج قطار عن السكة يُسلّط الضوء على تدهور البنية التحتية للسكك الحديدية    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    بطولة القسم الوطني أ للكرة الطائرة: نتائج الدفعة الثانية من مقابلات الجولة الرابعة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو عياض وراشد الغنوشي.. "بلا مسافة"
ملف الاتحاد.. نداء تونس والإعلام "عدو مشترك"
نشر في الصباح يوم 29 - 10 - 2012

ملف من إعداد منية العرفاوي - غالبا ما تبدو علاقة حركة النهضة بالسلفيين على اختلاف مناهجهم ملتبسة وخاصّة في ما يتعلق بالسلفية الجهادية التي اشتدّ عودها واتخذت مكانها في المجتمع والمشهد العام رغم المؤخذات التي تطال التيار الجهادي من طرف السياسيين خاصّة بعد أحداث سفارة الولايات المتحدة الأمريكية،
دخل على ما يبدو التيار في مواجهة مباشرة مع الحكومة خاصّة وزارة الداخلية ووزارة العدل التي تريد تطبيق قانون الارهاب على معتقلي أحداث السفارة.. لكن الفيديو الذي بث في غضون الأسبوع المنقضي لأبو عياض طرح من جديد حقيقة علاقة حركة النهضة وخاصّة راشد الغنوشي بالتيار السلفي الجهادي ناهيك وأنه منذ أيام وقع بث فيديو لراشد الغنوشي جمعه بقيادات سلفية، شحن الأجواء وكان محلّ نقد لاذع من شق كبير من الرأي العام ودفعه للتساؤل حول المشروع الحقيقي لحركة النهضة، وهو نفس السؤال الذي أعيد بعد فيديو أبو عياض المطلوب من وزارة الداخلية خاصّة، وأن اللافت في هذا الفيديو هو استعداء نفس الأطراف التي سبق لراشد الغنوشي استعداءها، كحزب نداء تونس والاعلام واتحاد الشغل الذي لا يمكن القول أن حركة النهضة تعيش في تناغم معه بل إن علاقتها به أقرب إلى سياسية "الحرب الباردة"..

راشد الغنوشي
نداء تونس «خطير».. الإعلام «يضطهد» النهضة.. و «حرب باردة» مع الاتحاد
تعكس تصريحات راشد الغنوشي سواء في وسائل الاعلام المحلية أو الأجنبية مواقف واضحة وكذلك سلبية خاصة من حزب "نداء تونس" والاعلام الوطني وكذلك الاتحاد العام التونسي للشغل الذي تشهد علاقته بحركة النهضة شدّا وجذبا.
صرّح راشد الغنوشي لعدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية أن حركة "نداء تونس" أخطر من السلفيين وهي إعادة لتجمع بن علي وليست قوة سياسية جديدة أما السلفيون فهم من قوى الثورة كانوا في السجون ومعتقلات بن علي فهم من ضحايا بن علي لكن قطاعا واسعا من حركة "نداء تونس" هم من تجمع بن علي وتحولوا إلى حزب.
وأضاف أن" السلفيين هم خارج أجهزة الدولة، بينما "نداء تونس" هم في صلب الأجهزة، تجدهم في الإدارة وفي الإعلام، وهم أخطر على الثورة من السلفيين الذين هم طيف واسع متعدد، وهناك سلفية مسالمة وهناك سلفية عنيفة. ونحن نتعاون مع كل طرف بالحوار، وكل من يتجاوز حدوده فهناك قانون يحكم عليه..
وقد ردّ عليه الطيب البكوش أمين عام حزب نداء تونس بأن تصريح الغنوشي تصريح غريب ويحمل في طياته تناقضا كبيرا حيث يعتبر السلفيين "أبناءه" ويدعو إلى محاورتهم في حين يعتبر "نداء تونس" خطرا.
وتساءل البكوش في هذا السياق: أيّهما الأخطر من يحرق السفارات أم "نداء تونس"؟ من يرسل الجماعات لإفساد الاجتماعات العامة أم "نداء تونس
الاضطهاد الإعلامي
ذكر راشد الغنوشي في حوار سابق نشرته جريدة الخبر الجزائرية بوجود حملة ليس فقط ضدّ النهضة ولكن على منظومة الحكم، وقال الغنوشي "هناك حالة اضطهاد إعلامي كبير تعيشه النهضة والترويكا".
وحسب راشد الغنوشي فإن المال الفاسد والإعلام البنفسجي وإعلام بن علي استفاد من الحرية التي حققتها الثورة.
وأكد رئيس حركة النهضة أن "الإعلام الذي كان يُمجد بن علي ليلا نهارا، هو الآن يُشيطن النهضة والحكومة"، وأضاف "أنا أتحدث على الغالب وليس على الجميع".
الاتحاد والنهضة.. "حرب باردة"
منذ "موقعة" المزابل التي تضرّرت منها مقرات الاتحاد بما فيها المقر المركزي ببطحاء محمد علي تشهد علاقة حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل تجاذبا بين أبرز قوة سياسية في البلاد وأكبر مركزية نقابية في ظل تعددية نقابية أثارت جدلا كبيرا.. وهذه العلاقة التي تراوح بين الفتور والدفاع عن المصلحة المشتركة شبهها البعض ب"الحرب الباردة" التي لا تنتهي ولا "تنفجر".. وكان انسحاب حركة النهضة من مبادرة الاتحاد الأخيرة دون أسباب مقنعة للرأي العام اعتبره البعض "تدافع قوى" اجتماعيا وسياسيا أكثر منه محاولات ليّ ذراع.

أبو عياض
نداء تونس هو «داء تونس».. وللاتحاد خطط وألاعيب
«أيها الشعب إنك اليوم بدأت تلامس حقيقة التيارات العلمانية، هذه التيارات المرتبطة بأجندات غربية تريد لك المذلة وربطك بالكفر العالمي، بدأت تكتشف ما هي حركة نداء تونس وهي "داء تونس".. وبدأت تكتشف خطط وألاعيب الاتحاد (يقصد الاتحاد العام التونسي للشغل) لقد دعونا سابقا ومازلنا ندعو يجب عليك أيها الشعب أن تقصي هؤلاء الذين يحاربونك في قوتك ويحاربونك في دينك وعفّتك.. عليك أن تقف يدا واحدة مع إخوانك في أنصار الشريعة لمجابهتم ودحرهم ولا أن يعودوا للحكم أبدا ولو على جثثنا"..
ويذكّر أبو عياض الشعب التونسي في خاتمة حديثه بالقول "أيها الشعب هذه رسالتنا إليكم واعلم أن الكثير من المرتزقة (والأرجح أنه قصد بالمرتزقة الإعلاميين الذين سيتناولون كلامه بالتحليل) سيردون على هذه الكلمة وسيؤولونها تأويلات فاسدة ونحن لا تعنينا تأويلاتهم.. سبق وأن قلنا ونقول نحن مستعدون أن نفديك في دمك ودينك وعرضك بأنفسنا".
بما سبق من كلام ختم أبو عياض حديثه الذي توجّه به للشعب التونسي من خلال فيديو بثّ على مواقع التواصل الاجتماعي عشية "احتفال" التونسيين بانقضاء سنة من الشرعية الانتخابية انتقد من خلاله خاصّة أداء الحكومة المؤقتة التي وصفها بأنها "حكومة ظالمة آثرت أن ترتمي في أحضان الغرب الكافر و خاصّة أمريكا وفرنسا من أجل تطبيق أجنداتها وتعرض عن شرع الله سبحانه و تعالى".
كما توجّه أبو عياض بكلمات لاذعة إلى وزير الخارجية رفيق عبد السلام الذي قال إنه -لا يحب أن يذكر اسمه- لأنه حسبما ذكره أبو عياض "حمد الله على أنه لم يقتل أمريكيا واحدا في حادثة السّفارة الأمريكية وكأن دم شعبنا ودم أبنائنا ليس له قيمة عند هذا الوزير وهذه الحكومة التي تدّعي الانتساب إلى الإسلام وهي ابعد ما تكون عن الإسلام".
كما شجب أبو عياض تصرّفات نور الدين البحيري وزير العدل مذكّرا إياه بأنه كان يحارب قانون الإرهاب قبل سنوات لكنه صار اليوم كما يقول أبو عياض يطبّقه على من اعتقل من السلفيين في أحداث السفارة والتي اعتبرهم أبو عياض أسرى لدى وزير العدل ولذلك دعا عليه بالقول "نسأل الله أن يطبّق عليه أحكامه ويرينا فيه يوما أسود ليجعله عبرة لمن يعتبر".
وقد عاب أبو عياض على المجموعة السّلفية التي استنجدت برئيس الجمهورية محمّد المنصف المرزوقي لكي يطلق مساجين أحداث السّفارة الأمريكية ويلغي قانون الإرهاب حيث قال لهم "لقد أخطأتم بذهابكم إلى هذا المعتوه الذي لا يملك حتى أن يحكم في نفسه، فهو بيدق يحرّكه الغرب مثلما يشاء وتحرّكه الحكومة كما تشاء" وقد وصفه في معرض حديثه "بالطاغوت المرتدّ.." و قال لأتباعه "كان عليكم أن تذهبوا إلى الحركة الحاكمة النافذة وتناقشوها" ويعني بكلامه طبعا حركة النهضة.

رجل «مثير» للجدل!
عاد اسم أبو عياض إلى واجهة الأحداث بقوة في الأسبوع المنقضي من خلال الفيديو الذي بث له على شبكات التواصل الاجتماعي من مكانه السرّي باعتباره مطلوبا من وزارة الداخلية بعد أحداث السفارة المتهم بها وعملية فراره من المطاردة المثيرة من قوات الأمن من جامع الفتح بوسط العاصمة.. وقد ذكر ملاحظون أن هذا الفيديو ذكّرهم بالفيديوهات التي كان يبعثها أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري إلى بعض القنوات التلفزية لتذكيرهم بمواقف تنظيم القاعدة من بعض الأحداث العالمية.
وحسب ما تذكره العديد من المصادر فان أبو عياض عندما كان في بريطانيا تتلمذ على يد أبو قتادة الذي يعتبر المرشد الروحي لتنظيم القاعدة في أوروبا، وقد أمضى السنوات الخمس الأخيرة في السجون البريطانية بموجب قانوني مكافحة الإرهاب والهجرة، وخسر قبل عدة أشهر الاستئناف الذي قدمه عن طريق محاميه ضد قرار ترحليه إلى الأردن.. ثم سافر "للجهاد" في أفغانستان، ثم تنقل بين عدة دول. بقي مطلوبا لسنوات من قبل عدة حكومات (تونس، بريطانيا، تركيا..) إلى أن ألقي القبض عليه في تركيا، ثم سلم للسلطات التونسية التي حكمت عليه ب43 سنة.
وقد تم إطلاق سراحه بعد الثورة وتحديدا مطلع شهر مارس 2011 بعد قضاء 8 سنوات في السجن بمقتضى قانون العفو التشريعي العام، إلا أن أبو عياض لا يعتبر ما جرى في تونس ثورة بل يعتبره خروجا على حاكم ظالم.
ويقود أبو عياض جماعة أنصار الشريعة وهم من أصحاب المنهج التكفيري في تونس وهو رقم 2 في التنظيم بعد زعيم المنهج الخطيب الإدريسي، ويصف أبو عياض مشايخ السلفية في السعودية "بشيوخ البترودولار" ولا يتفق إلا مع قلة قليلة منهم كالشيخ بن باز.

حركة النهضة والتيار السلفي الجهادي
مواقف مشتركة.. والعلاقة «لغز»
تراجع راشد الغنوشي في تصريحاته الداعية إلى تطبيق القانون على الجماعات المارقة والتي تقوم من حين إلى آخر بأعمال خارجة عن القانون بدعوى غيرتها على الشريعة ومقاومتها لكل مساس حسب رأيها بالمقدسات.. وقد ذكر في أكثر من تصريح إلى أنه ليس لديه أدنى نية لمحاربة أي تيار ديني في البلاد وأن عهد الإقصاء والحملات الأمنية انتهى في تونس.
كما أكّد أن "السلفيين جزء من هذه البلاد" لكن التصريحات حول الظاهرة السلفية تختلف وتتناقض بين القيادات في حركة النهضة فعبد الفتاح مورو أحد مؤسسي حركة الاتجاه الإسلامي لم يتوان عن الدعوة إلى "مواجهة السلفيين الجهاديين من دون تباطؤ" وهو ما يؤكّد على أن هناك تحوّلا متباينا لتعامل حركة النهضة مع التيار السلفي الجهادي.
لكن بعد تسريب شريط الفيديو للقاء الذي جمع بين سلفيين وراشد الغنوشي، اعتبر خصوم حركة النهضة ومعارضوها أن ما تم تسريبه "فضح" المشروع "السلفي" لحركة النهضة..
وفي الفيديو الشهير نصح الغنوشي السلفيين ب"الصبر" ومراكمة المكاسب وعدم التسرع لان الجيش والشرطة في تونس "غير مضمونين" وفق قوله.. ودعاهم إلى أن "يملؤوا"، في الإثناء، البلاد بالجمعيات الدينية والمدارس القرآنية وأن ينشئوا الاذاعات والتلفزيونات لأن "الناس لا تزال جاهلة بالإسلام" حسب رأيه.. وهذا اللقاء المسرّب رغم استماتة حركة النهضة وراشد الغنوشي أساسا في القول بأن فقرات اقتطعت منه وبالتالي أخرج عن سياقاته ومضامينه إلاّ أن كل ذلك لم يقطع شك وريبة البعض حول عمق العلاقة بين التيار السلفي وحركة النهضة وخاصّة بعض الأسماء القيادية البارزة والتي تمثل الرعيل الأوّل لحركة النهضة كراشد الغنوشي والحبيب اللوز والصادق شورو..
تونس ليست أرض جهاد
وتكمن خطورة السلفيين خاصّة الذين يتبنون المنهج التكفيري الجهادي -وعلى الرغم من أنهم يشكلون أقلية- في ارتباطهم بممارسة العنف المنهجي والمبرر له في جميع تحركاتهم ونشاطاتهم واحتجاجاتهم وذلك عبر إيمانهم بأن من واجبهم إجبار أكثرية المجتمع على تبني طرحهم ورؤيتهم الخاصّة للدين في بعده المقدّس.. وبالتالي فكل معارض أو مخالف لأفكارهم هو مخالف للمقدس وهو ما يسوّغ له العنف الفكري واللفظي والمادي.
واليوم أصبح السلفيون يشكلون تحدّيا كبيراً للمجتمع التونسي بسبب تقسيمهم له بطريقة "سمجة" بين إسلاميين وحداثيين وعلمانيين وهو ما دفع بالنخب العلمانية والأحزاب اليسارية إلى نقد حزب حركة النهضة لرفضه مجابهة هذه الجماعات السلفية التي يتقاسم وإياها المرجعية الإسلامية عينها بل الأكثر من ذلك هناك من يعتبر أن حركة النهضة الحاكمة تحمي هؤلاء.. خاصّة وأن حركة النهضة أثبتت أكثر من مرة سواء كحزب حاكم أو كحزب سياسي حامل للمرجعية الإسلامية أنها تبدي تعاطفا خاصا مع السلفيين على اختلاف مناهجه..
ويرى ملاحظون أن المجتمع التونسي لا يخشى التيار السلفي في المطلق بل يخشى السلفية الجهادية والتي أثبتت في أكثر من بلد أنها قد تلجأ للعنف لفرض أفكارها كما أنها تحاول باستمرار تغيير نمط المجتمعات التي تتواجد فيها، ولا يقتنع التونسيون بتصريحات قادة التيار الجهادي المهادنة والتي مفادها أن تونس ليست أرض جهاد بل أرض دعوة.

وليد البناني (حركة النهضة)
لا أحد بإمكانه إلغاء الاتحاد.. ونداء تونس «يرسكل» الأزلام
أكّد وليد البناني عند اتصالنا به أنه يرفض الردّ أو التعليق على كلام أبو عياض ولكن لديه رأي كنائب عن حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي في الاتحاد العام التونسي للشغل وفي نداء تونس وكذلك في ما يتعلق بالاعلام..
إذ يقول "في ما يخصّ الاتحاد لا يحق لأيّة جهة مهما كانت شخصا أو تيارا أو منظمة أن تلغي دور الاتحاد، الاتحاد منظمة عريقة ساهمت بفاعلية في تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي..
كما ناضلت طوال تاريخها العريق لتأطير المطلبية الاجتماعية من خلال الانحياز إلى الطبقات الكادحة ومحاولة إنصاف الشغيلة.
أمّا بالنسبة لنداء تونس أنا أعتبره ولو أنه حزب معترف به وحصل على تأشيرة قانونية للعمل السياسي، أنه حزب "يرسكل" أزلام التجمّع المنحل الذي عاث فسادا في البلاد وكل من تورّط في الإفساد السياسي والمالي في عهد بن علي فهذا الحزب يضمّ في صفوفه وجوها بارزة من اليسار الانتهازي الاستئصالي الذي يدعو الى اقصاء واجتثاث الآخر فلو تمعننا في ال100 اسم ممن يتصدرون واجهة هذا الحزب سنجد فيهم من تفنن زمن بن على في محاولة اقصاء حركة النهضة ومناضليها.. وبالتالي ففي هذه المرحلة هم غير مؤهلين وليسوا معنيين بالفترة الانتقالية التي تهدف الى تحصين الثورة بقوانين تحميها لأنهم في ذاتهم يشكلون خطرا على هذه الثورة.
وبالنسبة للإعلام فهو سلطة رابعة بأتم معنى الكلمة وبالتالي لا ينبغي لأي طرف من الأطراف تدجينه أو فرض الوصاية عليه.. وعلى الإعلاميين تطهير صفوفهم بأنفسهم ممن ساند أو ناشد المخلوع ونظامه ونحن لا يجب أن ننكر أن في الإعلام نزهاء وشرفاء لمّا كان بن علي يكتم الأصوات.
كما يجب على الإعلاميين صياغة ميثاق شرف للمهنة الصحفية دون وصاية من أحد فيكون إعلاما بعيدا عن االصراعات والتجاذبات السياسية ويقوم بدوره كما ينبغي.. ونتمنى عندما سيقع تركيز الهيئة العليا للإعلام السمعي والبصري أن نحظى بإعلام مهني ومحايد.

ناجي البغوري (نقيب سابق للصحفيين)
دور الإعلام تنوير العقول.. لذلك يخشونه!
لم يعد خافيا أن الإعلاميين أصبحوا مستهدفين بشتى صنوف النقد، سواء كان نقدا بناء يتنزّل في إطار التفاعل المحمود بين مختلف مكونات المجتمع، ووفق معادلة الاحترام المتبادل بين من ينقل أو يحلل الخبر وبين متلقي الخبر من مواطنين أو سياسيين، أو النقد غير العقلاني والذي هو أقرب إلى التهجّم والتطاول على الإعلاميين..
كما بات من الواضح أن أكبر حملات التشويه والتهجّم التي تشنّ على الصحفيين تكون من طرف منتمين أو مناصرين للتيار الإسلامي في تونس بمختلف مرجعياته ومناهجه، فزعيم حركة النهضة طالما تذمّر وأتباعه من الإعلام، بدعوى أنه يضطهد حركة النهضة والحكومة كما وأن أبو عياض أشار خفية بكلمة "مرتزقة" وهذا ما فهمه الكثيرون إلى الإعلاميين بدعوى أن تأويلاتهم لكلامه ستوجّه الوجهة الخطأ..
"الصباح الأسبوعي" اتصلت بناجي البغوري النقيب السابق للنقابة الوطنية للصحفيين حيث قال "هؤلاء كانوا من المقهورين والمقموعين من قبل النظام السياسي، وقد كان ملاذهم الوحيد نشطاء المجتمع المدني والإعلاميين الشرفاء، ويعاب عليهم أنهم كانوا ضدّ الاستئصال وضد الصوت الواحد، لكن اليوم هم لا يريدون أن يسمعوا إلا صوتهم.. والحقيقة أنا لا أفرّق كثيرا بين حركة النهضة والسلفيات -بقطع النظر إذا كانت دعوية أو علمية أو جهادية- لأن مرجعيتهم واحدة وهو الفكر الأحادي، لذلك نجد أبو عياض يدافع عن حركة النهضة ويعادي من تعاديه هي علنا..
و إذا كان هناك موقف معلن بمعاداة الإعلام فذلك لكون الإعلام هو فضاء للاختلاف والتعدّد والفكر الأحادي والشمولي لا يعترف بالتعددية والاختلاف وهو يؤمن بالتسليم بالإيديولوجية وبالمرجعية ولا يحبّذ النقاش في ظل التعددية والتنوّع، هم أناس لا يؤمنون بالتعددية.. وعملية التسطيح الفكري وغياب الاجتهاد، وبالإضافة إلى غياب النقد، هما عنصران أساسيان للتنوير، والإعلام يقوم بهذا الدور التنويري وتثقيف المواطن ودعم الوعي الجماعي وفتح باب الاختلاف ومقارعة الرأي بالرأي الآخر، لذلك فان كل من لا يؤمن بهذه الثوابت التنويرية يتخذ من الإعلام موقفا معاديا، لأن دور الإعلام في تنوير العقول قد يفسد مخطاطاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.