قضت اول أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس بسجن الضابط العسكري المتهم في قضية عون السجون محمد أمين القرامي الذي استشهد يوم 17 جانفي 2011 مدة 5 سنوات وتعويضات مالية قدرها 50 ألف دينار لفائدة والده و50 ألف دينار لفائدة والدته و20 ألف دينار لكل واحد من أشقائه الثلاثة. وإثر صدور الحكم أفادنا الأستاذ شرف الدين القليل محامي الشهيد أن هذه العقوبة "رمزية" وسيتم استئناف الحكم المذكور. وفي جلسة أمس اعترف المتهم أنه أطلق النار ونفى أن يكون تعمد قتل عون السجون في حين رافع محاميا الدفاع الأستاذان شرف الدين القليل وليلى الحداد وبينا أن الأركان القانونية لتهمة القتل العمد متوفرة والدليل على ذلك الإختبارات الطبية التي بينت أن القتل كان بإطلاق رصاصة بكل دقة وأشارا إلى أن المتهم كان متحوزا بسلاح قنص وهو مختص في الرماية كما أضافا أنه اعترف لدى قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية ببنزرت أنه أطلق النار في اتجاه النافذة التي كان يقف أمامها عون السجون أمين القرامي، وذكر محاميا القائمين بالحق الشخصي أن ملف الشهيد القرامي استوفى حقه من حيث الأبحاث والإستقراءات اللازمة. ورافع محامي المتهم وطلب استبعاد تهمة القتل العمد عن موكله مضيفا أن هذا الأخير تلقى تعليمات من رؤسائه بإطلاق النار وعبر عن استغرابه من عدم ملاحقتهم قضائيا وطلب اسعاف منوبه بأقصى ظروف التخفيف ومراعاة الظروف التي حصلت فيها الواقعة وحالة الإنفلات الأمنية التي كانت عليها البلاد في تلك الفترة. كما حضر المكلف العام بنزاعات الدولة وقدم تقريرا وتمسك بتطبيق الفصل17 من قانون النظام الداخلي لقوات الأمن والذي ينص على أن التعويض يتم في إطار حادث شغل، ومن جهة ثانية طلب تطبيق الفصل11 من المرسوم عدد 97 المتعلق بتعويضات عائلات الشهداء والجرحى. وقد عارضه الدفاع في هاتين النقطتين واعتبرا أن عون السجون امين القرامي استشهد خلال أحداث الثورة ولا يمكن إدراج ما حدث ضمن حادث شغل وأما المرسوم فلاحظا أنه معروض أمام المجلس التأسيسي وهو بصدد التنقيح. وللتذكير فإن الأبحاث في هذه القضية تفيد أن عون السجون كان في مهمة عمل يوم الواقعة بالمستشفى الجهوي الحبيب بوقطفة ببنزرت في إطار حماية المساجين المرضى أو الذين تعرضوا لأضرار أثناء الاضطرابات، وتحديدا بالغرفة رقم 7 المطلة مباشرة على المدرسة التقنية لجيش البر، وفي حدود الساعة الحادية عشرة و45 دقيقة صباحا حلقت مروحية عسكرية فوق مبنى المستشفى فأطل ممرض كان يحمل قبعة من نافذة الغرفة قصد مشاهدة المروحية، وبالتوازي مع ذلك لمح عسكريا بالطابق الأول للمدرسة التقنية لجيش البر يصوّب بندقيته نحو النافذة فتراجع إلى الخلف، حينها أطل أمين -الذي كان بزيه المدني وغير مسلح باعتبار ان المستشفى كان تحت حماية قوات الجيش التي تقوم بتفتيش كل من يدخل إليه- من نفس النافذة فأصيب بطلق ناري في الرأس وتحديدا في الأذن اليسرى وسقط أرضا ليتبين أنه فارق الحياة في الحين. وبانطلاق التحقيقات تبين أن الرصاصة التي أصابت أمين قد تم رميها من قبل عسكري كان بالمدرسة التقنية لجيش البر ببنزرت وطبقا للقوانين المعمول بها فقد تخلى القضاء المدني عن القضية لفائدة القضاء العسكري بتاريخ 31 مارس 2011 الذي وجه في ختم الأبحاث في هذه القضية تهمة القتل العمد للعسكري المتهم.