بعد 24 عاما من ارتكابه جريمته، يعترف الكيان الصهيوني أخيرا بمسؤوليته المباشرة عن اغتيال القائد الفلسطيني خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس خلال عملية لوحدة كومندوس تابعة لجهاز استخباراته (الموساد) تحت إشراف موشيه يعلون الوزير الحالي من حزب "الليكود" شخصيا، في انتهاك فاضح وواضح للسيادة التونسية وللقوانين الدولية. هذا الاعتراف المتأخر، رغم أنه يحدث للمرة الأولى، لا يضيف شيئا إلى ما هو معروف من تفاصيل حول هذه الجريمة الشنيعة، وغيرها من الجرائم الأخرى المتعددة والمماثلة التي اقترفها هذا الكيان الذي زرعته الامبريالية البريطانية غصبا وعدوانا في قلب الشرق الأوسط، في أكثر من بلد ومنطقة من العالم، وآخرها اغتيال القيادي الفلسطيني محمد المبحوح في دبي بدولة الامارات العربية المتحدة، اللهم باستثناء أنه يقدم برهانا ساطعا جديدا على الطبيعة الارهابية المتأصلة فيه واستهانته الكاملة بكل المواثيق والشرائع الدولية إلى الحد الذي جعل منه كيانا مارقا لا يحتكم ولا يتقيد بأية قوانين. ولعلنا لا نضيف شيئا إذا قلنا أن الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة تتحمل مسؤولية غير مباشرة عن هذه الجرائم سواء من خلال التزامها موقف الصمت واللامبالاة إزاءها أو من خلال توفيرها الحماية للكيان الصهيوني من الإدانة في المحافل الدولية وفي مجلس الأمن الدولي بالخصوص، خلافا لمواقفها في قضايا أخرى لا تكون فيها إسرائيل طرفا. مع ذلك، لا بد من القول أن اعتراف تل أبيب بمثل هذا الوضوح بجريمة اغتيال "أبوجهاد" يعد وثيقة ادانة قانونية وسياسية ثابتة تفرض على الدول العربية وفي مقدمتها السلطة الوطنية الفلسطينية الاستناد إليها لرفع قضايا بالمسؤولين عن تلك الجرائم ومساءلتهم أمام القضاء الدولي. وفي ما يخصنا في تونس، نرى أن هذا الاقرار الاسرائيلي بتجرؤ "الموساد" على انتهاك حرمة ترابنا الوطني واقتراف جريمة اغتيال شنيعة لأحد رموز المقاومة الفلسطينية وبعض مواطنينا يمثّل حجة إضافية لمطالبة المجلس التأسيسي للتصديق على الفصل ال27 من مشروع الدستور الجديد، المتعلق بتجريم التطبيع نهائيا ومقاضاة كل من يتعامل مع الكيان الصهيوني. وهو أضعف الإيمان...