كندار: حالة وفاة وإصابات خطيرة في حادث مرور بين سيارتين    مشروع توسعة مصنع إلكترونيات فرنسي سيوفر 600 موطن شغل إضافي    كرة اليد: منتخب الوسطيات يبلغ نصف نهائي بطولة افريقيا ويتأهل للمونديال    رئيسة الحكومة: نطمح الى أن يبلغ حجم المبادلات التجارية بين تونس ومصر المليار دولار خلال الخمس سنوات القادمة    الدورة الأولى من "سينما جات" بطبرقة من 12 إلى 14 سبتمبر 2025    فتح باب التسجيل لقسم سينما العالم ضمن أيام قرطاج السينمائية    القيروان: الدورة 3 للمهرجان الجهوي لنوادي المسرح بدور الثقافة ودور الشباب والمؤسسات الجامعية    وزير الخارجية يستقبل السفير الجديد لطاجيكستان بتونس    هذا هو عدد ضحايا الهجوم الإس..رائيلي بالدوحة.. تميم بن حمد يشارك في جنازتهم    عاجل: نشر قائمة المترشحين لمناظرة كتبة المحاكم 2025...هل أنت منهم؟    عاجل/ وفاة شاب ثلاثيني بصعقة كهربائية داخل حضيرة بناء    عاجل/ مجلس الأمن الدولي يعقد إجتماعا طارئا    عاجل/ 10 سفن تابعة لأسطول الصمود ترسو في بنزرت    لجنة اعتصام الصمود أمام السفارة الأمريكية تدعو التونسيين إلى دعم أسطول فك الحصار على غزة    تنظيف الأذن بالأعواد القطنية = ألم ومشاكل السمع...كيفاش؟    فريق قانوني يضم 45 محاميا ومحامية من تونس للقيام بالإجراءات القانونية قبل إبحار أسطول الصمود نحو غزة    البنك المركزي: إرتفاع الاحتياطي الصافي من العملة الصعبة إلى 110 يوم توريد    مهرجان المناطيد الدولي يرجع لتونس في التاريخ هذا...وهذه تفاصيله والأماكن المخصصة    نابل ..التضامن الإجتماعي يوفر 4800 مساعدة بمناسبة العودة المدرسية    المركز القطاعي للباردو يفتح أبوابه: تكوين مجاني في الخياطة والتصميم!    وزير الشّؤون الدّينية يلتقى رئيس مجلس شركة مطوّفي الحجيج    تصفيات مونديال 2026: تأهل 18 منتخبا من أصل 48 إلى العرس العالمي    استئناف دروس تعليم اللغة العربية لابناء الجالية التونسية ببمرسيليا في هذا الموعد    وزارة العدل تقرّر عقد جلسات القضايا ذات الصّبغة الإرهابيّة عن بعد    فيفا تنصف الجامعة التونسية لكرة القدم في قضية رفض لاعبين الالتحاق بالمنتخب    مواطنة أمريكية لاتينية تُعلن إسلامها في مكتب مفتي الجمهورية    جريمة مروعة: ينهيان حياة صديقهما بعد اشتكائه عليهما لتحرشهما بزوجته..!    إحالة سهام بن سدرين ومبروك كورشيد على أنظار القضاء في قضايا فساد مالي    الداخلية: حجز 22392 كراسا بين مدعم ونصف مدعم    اليوم: أسطول الصمود يبحر في اتّجاه بنزرت    تأجيل رحلة السفينة قرطاج على خطّ تونس - جنوة - تونس: التفاصيل    وزير التربية يتابع بأريانة استعدادات المؤسسات التربوية للعودة المدرسية    أضواء على الجهات :ميناء الصيد البحري بغار الملح يحتاج الى رافعة والى عملية توسعة لتعزيز دوره الاقتصادي    انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة..#خبر_عاجل    بعد تقلبات الأمس كيف سيكون الطقس هذا اليوم؟    الرابطة الأولى: برنامج النقل التلفزي لمباريات الجولة الخامسة ذهابا    أمطار متفاوتة في ولايات الجمهورية: أعلى كمية في قلعة سنان بالكاف    تونس تشارك في البطولة العربية للمنتخبات في كرة الطاولة بالمغرب من 11 الى 18 سبتمبر الجاري    افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026 (فيفا)    بعد منعها من الغناء في مصر.. هيفاء وهبي تواجه النقابة قضائياً    منظمة الصحة العالمية تؤكد عزمها البقاء في مدينة غزة..    الأمريكيون يحيون ذكرى هجمات 11 سبتمبر    تطوير جراحة الصدر واستعمال أحدث التقنيات محور لقاء بوزارة الصحة    تقُص ظوافرك برشا: اعرف الأضرار قبل ما تفرط فيها!    عاجل: هشاشة العظام أولوية وطنية: نحو القيام بإجراءات جديدة    اريانة:جلسة عمل لمتابعة أشغال تهيئة فضاء سوق مُفترق الإسكال    التظاهرات العربية ودورها في إثراء المشهد الثقافي العربي    كتاب «المعارك الأدبية في تونس بين التكفير والتخوين» وثيقة تاريخية عن انتكاسات المشهد الثقافي التونسي    عاجل/ حجز كميات هامة من المواد المدعمة في مداهمة مخزن عشوائي بهذه الجهة    من الخميس للأحد: جدول كامل للمباريات والفرق اللي باش تتواجه مع الأربعة متع العشية    جلسة عمل في وزارة الصحة حول المخبر الوطني للجينوم البشري    المركز الوطني لفن العرائس يستقبل تلاميذ المدارس الخاصة والعمومية في اطار "مدارس وعرائس"    بورصة تونس تتوج بجائزة افضل بورصة افريقية في نشر الثقافة المالية    الديوان التونسي للتجارة يُوفّر كميّات من مادة القهوة الخضراء    بالفيديو: شاهد كيف سيبدو كسوف الشمس الكلي في تونس سنة 2027    تونس في الواجهة: محمود عباس يكرّم كوثر بن هنية عن فيلم "صوت هند رجب"    مدرستنا بين آفة الدروس الخصوصية وضياع البوصلة الأخلاقية والمجتمعية...مقارنات دولية من أجل إصلاح جذري    ''الخسوف الدموي'' للقمر يعود بعد سنوات...شوف شنيا أصلو في مخيلة التونسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نعم.. في بلادنا حالة طوارئ
نشر في الصباح يوم 04 - 11 - 2012

بلغ المشهد الأمني والسياسي في بلادنا درجة من التداخل والتناقض والخلط الذي لم يعد بالإمكان أن ندرك معه ما إذا كان يتعين علينا كتونسيين اليوم أن نتوجه بالشكر إلى من نصب نفسه إماما على جامع النور بدوار هيشر
وهو يدعو أتباعه للجهاد ضدّ "كفار بلاده" لأنه فتح بصرنا وبصيرتنا على الواقع الجديد والخطير في بلادنا، أو ما إذا كان يتعين علينا شجب وإدانة واستنكار تصريحات المعني بالأمر الذي دعا الى الفتنة وجعل عموم التونسيين في حالة استنفار نتيجة الصدمة والخيبة التي ابتلوا بها..
لسنا نريد العودة إلى تلك اللقطات -التي لم تدم أكثر من بضع لحظات ولكن العالم تناقلها وسيتناقلها طويلا- ولكننا سنقول بكثير من الحسرة أننا نعيش حالة طوارئ قصوى، والأمر طبعا لا يتعلق بقانون الطوارئ الساري المفعول منذ 14 جانفي والذي وقع تمديده مجددا قبل أسبوع بثلاثة أشهر بسبب العنف رغم أنه لم يعد من الواضح جدوى هذا القانون، بل بحالة الطوارئ التي يعيشها التونسي اليوم في حياته اليومية وفي محيطه وذهنه أمام استفحال مظاهر العنف الذي تجاوز منذ فترة الخطوط الحمر.
سياسة الهروب الى الامام والدعوات إلى عدم تهويل الامور لم تعد مقبولة لأنها بكل بساطة زادت القوى السلفية المتطرفة إحساسا بالقوة ومنحتها قناعة بأنه مهما كانت انتهاكاتها وممارساتها للعنف، ومهما استمرت في استغلال المنابر والمساجد لتمرير خطاباتها التحريضية، فإنها لن تمنع من ذلك.
ولاشك أن الأمثلة والأحداث الخطيرة ليست ما يعوزنا في هذا المجال، وعلى سبيل الذكر لا الحصر مرت حادثة إنزال العلم تماما كما مرت أحداث العنف في الجامعة من تونس إلى سوسة والقيروان، إلى أحداث العبدلية والتاسع من أفريل وسجنان وأحداث السفارة الامريكية والصراعات للهيمنة على المساجد وغيرها مرور الكرام، بل أكثر من ذلك، فقد اعتبرت في نظر أصحاب القرار في بعض الاحيان مؤشرا ومبشرا بثقافة جديدة ستؤثث المشهد الديمقراطي في البلاد..
أحداث دوار هيشر دقت ناقوس الخطر وأكدت المخاوف الحاصلة بشأن ما يمكن أن يتحول إليه المشهد في البلاد إذا استمر على حاله. لسنا نكشف سرا إذا اعتبرنا أن إسقاط الدكتاتورية وإنهاء مرحلة الظلم والفساد والاستبداد كان الخطوة الأسهل حتى الآن وأن تحقيق أهداف الثورة وبناء المستقبل الذي يتطلع اليه جميع التونسيين دون استثناء سيكون الخطوة الأصعب والأعقد والأكثر تحديا.
سنتعود حتما شيئا فشيئا على مظاهر اللحى والملابس الأفغانية المصنعة في الصين ضمن المشهد الجديد بعد أن باتت تغزو البلاد، فذلك من مظاهر الحرية الشخصية المشروعة أحببنا أم كرهنا طالما أنها ليست غطاء للعنف. ولكن هذا ليس منبت الداء، فالداء كل الداء في ما قد يخفى من نوايا وأفكار ومخططات ترهيبية تحت العمائم.
قبل سنتين تقريبا خرج شباب تونس جنبا إلى جنب مع بقية مكونات الشعب ليقدم للعالم ملحمة رائعة في ثورته السلمية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ولكن أيضا ضد الظلم والفساد والاستبداد، كل ذلك بعيدا عن أيّة مظلة حزبية أو نقابية أوغيرها، وآخر ما كنا نتوقعه اليوم ونحن نستعد لاحياء الذكرى الثانية لنهاية الطغيان أن فئة من شباب تونس تتجاسر على رفع السلاح في وجه إخوانهم من أبناء البلد وشركائهم في معركة الحرية لانهم يختلفون معهم في الرأي.
حقيقة قاتمة ما في ذلك شك ولكنها قائمة ومخاطرها متجلية ولم يعد من مجال لتجاهلها أو التقليل من شأنها. ففي تونس اليوم شباب يرتمي في أحضان الموت باسم الجهاد، والعشرات إن لم يكونوا المئات يتنقلون إلى سوريا من كل المنافذ المتاحة بحثا عن "طريق الجنة" وغيرهم يتجندون لمحاربة "الكفار" في بلادهم.
بعض الأصوات السلفية الغارقة في التطرف والتشدد في بلادنا قالت "اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا"، وبدورنا نقول: سمعنا منكم الكثير وقد آن الأوان أن تسمعوا بدوركم ما يجب أن تدركوا معه أن التونسيين الذين أجمعوا على إنهاء مرحلة الدكتاتورية لن يسمحوا بعودتها تحت أيّ غطاء كان وأن عجلة التاريخ لا يمكن أن تسير الى الوراء..
أخيرا، وليس آخرا، قد يكون من المهم أن نسمع مسؤولا في الحكومة يرد على صاحب الكفن الممدود للشباب التونسي بأنه ليس أهلا لإمامة مسجد، ولكن الأهم أن نرى عمليا من كل المسؤولين في البلاد، سلطة ومعارضة وفعاليات المجتمع المدني ومثقفين وأولياء أيضا، ما يرفع عنا حالة الطوارئ ويعيد الإحساس بالأمل إلى البيوت المستنفرة، وما يدفع لإنهاء الإجازة المفروضة على العقول وما يدعو للخلاص من الافلاس العلمي والسياسي والثقافي والديني، بل وحتى الإفلاس الاخلاقي الذي تغرق فيه البلاد، واستبدال التوابيت التي يروجون لها بين الشباب ويرهبون بها الأمهات بمنابر البحث والعلم والابتكار والابداع، الذي بدونه لا مجال للارتقاء إلى مراتب الدول المتقدمة، التي امتلكت مفاتيح تقرير مصيرها، وفرضت لها موقعا ومكانة بين الأمم...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.