بقلم: د. ياسين الحلواني - إن وفاة البشيرالقلي ومحمد البختي، رحمهما الله وأسكنهما فراديس جنانه ورزق أهلهما جميل الصبر، تمثل وصمة عار على جبين كل الشعب التونسي، فالحكومة التي تدعي الثورية لم تكترث لإضرابهما وتجاهلته ولم تستجب لهما بشكل واضح، بينما كانت تستجيب لكل من يضرب على الطعام في شكل استعراضي سياسوي مضرا بمصلحة البلاد؛ آخرها كانت الاستجابة لإضراب، فاقد لكل شرعية، لعضوين من المجلس التأسيسي احتفل بنتائجه في مشهد "نصرعظيم" على حساب استقلالية القضاء وإرادة الشعب... أما المجلس التأسيسي الذي يدعي أنه يمثل الشعب، فلم يحرك فيه لا الخصخوصي ولا شريكه البراهمي ولا المعارضة اليسارية ولا الدستورية ولا القومية... ولا كتل الحكم الإسلامية والعلمانية والاشتراكية... ساكنا للدفاع عن الشابين الذين شعرا على ما يبدو أنهما مجرد قربان لقضية حادثة سفارة المستعمرالأمريكي... وبينما يتحرك إعلام العارفي كل الاتجاهات لتقديم صوت السراق والمجرمين وزعماء الفساد في البلاد والدفاع عنهم ومساندتهم في ما يسميها "محنهم"، لم يحاول حتى مجرد تقصي الأمروكشف ما عاشه القلي والبختي، فقد كان هذا الإعلام البائس مشغولا بالاستفادة من ملف تيارهما الفكري في استراتيجيته الممنهجة لإرباك صناع القرار في البلاد... وفي أبسط الوقائع وآخرها أهمية تطل علينا الوجوه الكالحة لما نسميه حمقا "المجتمع المدني"؛ جمعيات ورابطة حقوق الإنسان ونقابات... لتندد وتتوعد ووو... لكنها في واقعة السلفيين التزمت الصمت وخيرت الإحجام... أما عن بقية أطياف المجتمع، فقد عادت للاستقالة من الحياة العامة والانغماس في تفاهات الحياة ومعطيات الكرة... وهي تتفاعل، بحمق غريب، مع شيطنة إخوتنا السلفيين والتعامل معهم بارتياب وتخوف لا مبرر لهما، وهو ما جعل الكثيرين لا يبالون بما يحدث لهذا التيار. خلاصة القول: وفاتهما بهذه الطريقة وصمة عار على جبين الحكومة والمعارضة والإعلام والقضاء والأمن والصحة والمجتمع المدني والشعب التونسي بكامله...