"الإخوان المسلمون" يتبنون الطريق البرلماني للوصول إلى السلطة - الاستقطاب الديني/المدني في تونس لم يبلغ أبدا حدّته - تجاذبات عديدة تشهدها بلدان «الربيع العربي» -في مرحلة مفصلية- ستحدّد مستقبلها، فإما إعادة إنتاج ممارسات قمعية استبدادية أو سلوك مسار جديد من أجل تحقيق الانتقال الديمقراطي. في ظل هذه التجاذبات تواجه الحكومات التي يقودها إسلاميون أزمات سياسية وأمنية ما تنفك تطفو على السطح بين الفينة والأخرى لاستمرار الظروف الاجتماعية المتأزمة أحيانا أو احتجاجا على إجراءات وخيارات سياسية بعينها. للتعمق في كل هذه الإشكاليات حاورت «الصباح الأسبوعي» إبراهيم أحمد النجار الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام الذي أوضح جملة من النقاط. وفي ما يلي نص الحوار: * هل تعتبر أن تجربة الإسلاميين في تونس ومصر -بعد عام من الحكم- واحدة برغم خصوصية كل بلد؟ المرجعية الإسلامية واحدة وثابتة في كل بلدان العالم العربي، وربما في كل أنحاء العالم، على الرغم من الخصوصية التي تتميز بها كل دولة من هذه الدول. وفي مقارنة بالواقع السياسي في بلدان المغرب العربي، دخلت «الحركة الإسلامية التونسية» المجال السياسي بقوة أسرع من بقية الحركات الإسلامية في المغرب العربي، ويعود ذلك إلى أهمية التيار الإسلامي وعمق هيكلته، إلى جانب حجم القمع البوليسي وفاعليته. وفي اعتقادي تتميز الحالة الإسلامية التونسية بدرجة من البساطة لا تتوفر في حالات أخرى شديدة التعقيد والعشوائية أيضا كما في مصر وليبيا واليمن، بحيث يمكن القول إن كل من كان مؤيدا للمشروع الإسلامي في تونس أعطى صوته لحزب النهضة، ثم إن الاستقطاب الديني/المدني في تونس لم يبلغ أبدا حدّته التي هو عليها في مصر بل على العكس فإن كل تصريحات قادة النهضة بعد الفوز الانتخابي تؤكد على معنى الشراكة في بناء النظام السياسي. * إلى أيّ مدى تعتبر أن الإعلان الدستوري الأخير قد قصم حظوظ مرسي وحزب الحرية والعدالة في أية استحقاقات انتخابية مقبلة؟ لا بدّ من التعرف بداية على الخلفيات والنظر لأبعاد الموضوع المختلفة، فموضوع الاعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، جاء لظروف داخلية شديدة التعقيد، وباعتقادي جاء ليلبي الكثير من مطالب الثورة والثوار، فإقالة النائب العام وإعادة المحاكمات وتكريم الشهداء والنظر لهم بعين الاهتمام والرعاية، كلها مطالب أصيلة ورئيسية للثورة. كما أنه لا بدّ من الإشارة إلى أنه بعد إقرار الدستور والاستفتاء عليه تسقط كل الإعلانات الدستورية وتصبح كأن لم تكن. نعم هناك انقسام حول الإعلان الدستوري الأخير ولكنه انقسام صنعته النخب للأسف الشديد. * هل ترى أن الأحداث الاحتجاجية والدامية في تونس ومصر تنبئ ببداية نهاية «الإسلاميين» في بلدان ما يسمى ب»الربيع العربي»؟ لا أعتقد أن هذه الاحتجاجات التي جرت وتجري في كل من مصر وتونس بداية النهاية، فنهاية الإسلاميين لم تحن بعد، بل أزيد على ذلك وأقول إن جل المجتمعات العربية عانت ولفترات طويلة من تاريخها صنوفا وأشكالا كثيرة من الظلم والجور وتكميم الأفواه وعدم التعبير عن آرائهم وآمالهم وآلامهم. فلا أتصور من قريب أو بعيد أن هذه الأحداث تستطيع بشكل أو بآخر أن تكتب نهاية لمشروع فكري وإطار نظري متسق ومتجذر داخل هذه المجتمعات، بل هي دليل صحة، ولا سيما بعد الثورات والانتفاضات التي شهدتها بعض البلدان العربية، بعد صراع طويل مع الاستبداد والقهر والظلم وتغييب العقول. * هل يمكن أن يجد الإسلاميون مخرجا من هذه الأزمات التي يواجهونها خاصة في تونس ومصر؟ وما الذي يمكن أن يكون حلا برأيك؟ نعم يستطيع الإسلاميون في مصر وتونس أن يجدوا حلا ومخرجا لهذه الأزمات، والحل هو الحوار ثم الحوار ثم الحوار، والانخراط في صفوف الشعب والذوبان فيه، فالإخوان المسلمون يتبنون الطريق البرلماني للوصول إلى السلطة عبر صناديق الانتخاب، ويطرحون رؤية غامضة وأيضا مرنة بمعنى العمل على الالتزام بمبادئ الديمقراطية وتحقيق التوازن مع القوى المحلية والخارجية، ومحاولة التوفيق بين مصالح الطبقات المختلفة، باعتبار أن ذلك كفيل بتحقيق العدالة والسلام الاجتماعي. أما بالنسبة لحزب النهضة وعلى الرغم من الضغوط الإيديولوجية، فالجميع يؤكد حتى الذين ينتقدونه، أن قادة الحزب نجحوا بصورة كافية في الحفاظ على أداء الخدمة المدنية وعدم الانتقام السياسي من أولئك الذين عملوا مع النظام السابق.
التنظيم العالمي للإخوان المسلمي ظهر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في بدايته في شكل مكتب أو مجلس تنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين التي تشكلت سنة 1928 ويضمّ فروعا في الدول العربية والأجنبية في عهد المرشد الأول للجماعة حسن البنا، وقد تولى الرئيس المصري جمال عبد الناصر توقيف نشاط المكتب وعمد عبد الناصر إلى حل الجماعة عام 1954 وأقدم على إعدام عدد من قادتها. جماعة الإخوان المسلمين في مصر جماعة الإخوان المسلمين في مصر كانت إذن النواة الأولى وقد نشأت كجمعية دينية تهدف إلى التمسك بالدين وأخلاقياته وبدأ نشاطها السياسي عام 1938 فقد عرضت حلا إسلاميا لكل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية حيث تؤمن بأن دستور الأمة هو القرآن، كما آمنت بمفهوم القومية الإسلامية بدلا من القومية المصرية. وقد مرّت الجماعات بمراحل وتطورات مختلفة أوصلتها إلى السلطة في يوم 21 فيفري 2011، وبعد أيام قليلة من تنحي حسني مبارك، إذ أعلن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين عن تأسيس الجماعة لحزب سياسي يؤمن بفكرة الإخوان المسلمين، ويتبنى رؤيتها في المجال الحزبي والسياسي. وحسب موقع الحزب يهدف الذراع السياسي للجماعة إلى تبني مطالب الثورة وتحقيق أهدافها من خلال بناء الإنسان الصالح المحبّ لوطنه، والعمل على إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس قوية سليمة، بإرادة شعبية حرّة بالوسائل الديمقراطية السلمية. الاتجاه الإسلامي/النهضة تأسست حركة النهضة أو الاتجاه الإسلامي سابقا عام 1972 وأعلنت رسميا عن نفسها في 6 جوان 1981. ولكن ترجع بدايات الحركة إلى أواخر الستينات غير أنها أقامت أول لقاءاتها التنظيمية بصفة سرية في أفريل 1972. ويعدّ فكر حركة النهضة منتميا إلى الفكر الإخواني بما أنها تتبنى فلسفة الإخوان المسلمين بالرغم من أن راشد الغنوشي كان قد أبرز أن الحركة تعتبر الإخوان حليفا وليس مرجعية. حزب العدالة والتنمية يحمل حزب العدالة والتنمية في المغرب نفس تسمية حزب أردوغان في تركيا وهو يسمى سابقا حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية الذي نشأ لمواجهة الاستعمار فرنسي ويعرف الحزب نفسه على أنه «حزب سياسي وطني يسعى، انطلاقا من المرجعية الإسلامية وفي إطار الملكية الدستورية القائمة على إمارة المؤمنين، إلى الإسهام في بناء مغرب حديث وديمقراطي، ومزدهر ومتكافل» وقد فاز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالمرتبة الأولى.